"لوموند": خنق المعارضة والمجتمع المدني لتعبيد الرئاسيات للسيسي

31 مايو 2017
نظام السيسي يواصل سياسة القمع (محمد الشاهد/ فرانس برس)
+ الخط -



خصَّصت صحيفة "لوموند" الفرنسية، في عددها الصادر اليوم الأربعاء، مقالاً مطولاً استعرضت فيه التوجه الديكتاتوري للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والحرب الشرسة التي يشنها ضد المعارضة والجمعيات الأهلية والصحافة المستقلة. يوماً بعد يوم يضيق هامش حرية التعبير في مصر، تقول الصحيفة، بسبب تجبّر السيسي وإصراره على تكميم أصوات المعارضة النادرة وجمعيات المجتمع المدني وكلّ من تسوّل له نفسه انتقاد النظام.


ومنذ أن فرض نفسه بالقوة حاكماً على مصر في صيف 2013، تتابع "لوموند"، بدأ السيسي بالإجهاز على مجمل الحريات التي فرضتها ثورة 25 يناير 2011 واحدة تلو الأخرى باسم "الأمن القومي".

وآخر حلقة في مسلسل الإجهاز على الحريات في مصر إصدار السيسي الإثنين الماضي بشكل رسمي لقانون تنظيم الجمعيات الأهلية الذي كان أصدره البرلمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وهو القانون الذي يحكم عملياً بالموت على منظمات المجتمع المدني بما فيها التي تنشط في المجال الاجتماعي والخيري والتي لا تشكل أي خطر على النظام، تقول "لوموند".

وحسب الصحيفة الفرنسية، فإن القانون الجديد سيكبل أيادي أعضاء حوالى 46 ألف جمعية مدنية ومنظمة لأنه يتضمن عقوبات سالبة للحرية تصل إلى خمس سنوات وغرامات مالية باهظة. وعلى الجمعيات سواء المصرية أو الفروع الوطنية للمنظمات الدولية من الآن فصاعداً طلب الإذن قبل ممارسة أي عمل ميداني من "مجلس" خاص بالجمعيات يتكون من ممثلي أجهزة الجيش والداخلية والاستخبارات وممثلي وزارة الخارجية والعدل والبنك المركزي.

وأوردت "لوموند" شهادة محمد زارع وهو مدير مكتب القاهرة لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الذي اعتبر أن هذا القانون "هو الأسوأ في تاريخ مصر". وأوضحت الصحيفة أن زارع نفسه، بالإضافة إلى العشرات من زملائه، ممنوع من السفر بقرار قضائي يتهم المنظمة التي يديرها بأنها "تلقت تمويلاً خارجياً يشكل خطراً على أمن الدولة".

كما أوردت الصحيفة شهادة حسام بهجت، وهو مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الذي أكد أن "سندخل كلنا السجن بسبب هذا القانون الذي يحكم بالزوال على المجتمع المدني الذي عانينا من أجل بنائه منذ ثلاثين عاماً".

وبالموازاة مع سياسة التضييق وقمع المجتمع المدني يشن السيسي حملة شرسة على الصحافة تقول "لوموند" التي توقفت عند حجب السلطات في 25 مايو/ أيار الجاري لـ 21 موقعاً إعلامياً على شبكة الإنترنت، ومن بينها مواقع قطرية بسبب الأزمة الأخيرة التي نشبت بين قطر وحليفَي السيسي في منطقة الخليج، السعودية والإمارات العربية المتحدة. وفي غمرة حملة الحجب وبسبب "عمى القمع" دفعت الثمن مواقع أخرى لا علاقة لها بقضايا الخليج مثل الموقع الإخباري المستقل "مدى مصر" وموقع اليومية الناطقة بالإنكليزية "دايلي نيوز إيجيبت".

واستعرضت "لوموند" أيضاً سياسة القمع ضد الشخصيات والأفراد الذين يعارضون نظام السيسي واستندت إلى أرقام "منظمة العفو الدولية" التي كشفت عن موجة جديدة من الاعتقالات في شهر مايو/ أيار الجاري شملت 36 شخصاً في 26 مدينة تم اعتقالهم بتهم تتراوح بين "الإرهاب" أو "توجيه شتائم للرئيس" وجلّ هؤلاء المعتقلين شباب مرتبطون بأحزاب أو منظمات يسارية أو ليبرالية. وذكرت الصحيفة أن البرلمان يحضر لقانون جديد لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي خاصة "فيسبوك" و"توتير" والتحكم في محتوياتها مذكّرة بأن الداخلية المصرية أعلنت في 19 مايو/أيار اعتقال 40 شخصاً وجهت إليهم تهمة "التحريض على العنف" في وسائل التواصل الاجتماعي.

واستندت "لوموند" إلى شهادة مديرة منظمة العفو الدولية فرع شمال أفريقيا، نجية بونعيم، التي صرحت للصحيفة "إن القمع الشرس للمناضلين السياسيين هو إشارة جديدة تعكس رغبة السلطات في قمع كل أطياف المعارضة السلمية وخنق أي رؤية بديلة". وأكدت بونعيم أن "عشرات الثوار الذي شاركوا في ثورة 25 يناير يقبعون في السجون لمجرد أنهم تحدوا الأوامر بمنع التظاهرات" وهذا ما يعني أن النظام، حسب المنظمة، "هدفه هو إجهاض أي محاولة لمنافسة السيسي في الانتخابات الرئاسية التي ستنظم العام المقبل. والدليل على ذلك هو التضييق الذي يتعرض له المحامي والمرشح السابق في الانتخابات الرئاسية خالد علي لمنعه من الترشح مرة أخرى ضد السيسي".

واعتبرت "لوموند" أن خالد علي الذي تم اعتقاله مؤخراً بتهمة ارتكاب فعل فاضح ثم أطلق سراحه لاحقاً، بات يقض مضجع النظام المصري خاصة في ضوء نشاطه في الحركة الاحتجاجية الشعبية ضد تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين لصالح السعودية وأيضاً احتمال قيام تبلور لتكتل سياسي بديل لدعم ترشيحه ضد السيسي.

المساهمون