المغرب يستشرف مرحلة ما بعد بوتفليقة... الصحراء والعلاقات الدبلوماسية

05 ابريل 2019
الجزائر في اليوم الأول من دون بوتفليقة (بلال بنسالم/Getty)
+ الخط -


بقدر ما تابع العديد من المغاربة مجريات الحراك طيلة أسابيع خلت في الجزائر، راقبوا باهتمام بالغ قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الاستقالة من رئاسة البلاد، وما واكب ذلك من قرارات وتوجّهات سياسية ودستورية. غير أن العديد منهم بات يتطلع إلى ما بعد مرحلة بوتفليقة، وما إذا كان لها من تأثيرات سياسية على علاقات البلدين الجارين، وأيضاً على ملف الصحراء. مردّ ذلك هو العلاقات المتوترة بين البلدين، التي تُرجمت بقرار إغلاق الحدود البرية بين الدولتين منذ عام 1994. كما أن نزاع الصحراء أجّج من هذا الخلاف، إذ تتهم الرباط الجزائر بدعم جبهة البوليساريو، في الوقت الذي تطالب فيه الجزائر الرباط الاعتراف بما يسمى "الشعب الصحراوي"، كما تتهمها بمحاولة إغراق شبابها بالمخدرات.

وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً، بابتهاج العديد من المغاربة بالطريقة السلمية والحضارية، التي تمكن من خلالها الشعب الجزائري من تحقيق مطلبه بتنحي رئيسه. كما عبّروا عن أملهم أن تؤدي المستجدات في الحياة السياسية الجزائرية إلى انفراج في العلاقات بين المغرب والجزائر، وإلى التمهيد للتوصل لحل سياسي دائم للنزاع بخصوص الصحراء.

وتعليقاً على ذلك، قال الخبير سمير بنيس في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "كان بالإمكان أن يكون هذا السيناريو واقعياً، أي أن تؤدي تنحية بوتفليقة من الحكم إلى تقارب بين الرباط والجزائر، لو لم يكن الجيش هو الآمر والناهي في الحياة السياسة الجزائرية والمسيطر على كل مفاصل السلطة".

ولفت إلى أن "خير دليل على ذلك هو أن بوتفليقة أُرغم على التنحي من الحكم، حين طالب قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح، بتطبيق المادة 102 من الدستور الجزائري، التي تنصّ على ضرورة تنحي الرئيس من منصبه في حالة إصابته بمرض يمنعه من ممارسة مهامه". وأشار إلى أنه "لتطبيق هذه المادة، ينبغي مبدئياً أن يقوم البرلمان الجزائري بإعلانها بناءً على طلب من المجلس الدستوري، وأن يقوم البرلمان بالتصويت على هذا الإجراء بأغلبية الثلثين، غير أنّ ذلك لم يحدث، إذ إن إعلان استعمال هذه المادة تم عن طريق صالح، وهو ما يوضح بشكل جليّ الدور المحوري الذي يقوم به الجيش الجزائري في الحياة السياسية الجزائرية".



وأشار بنيس إلى أنه "ما دام الجيش هو المتحكم في السلطة، وما دامت نفس النخبة من كبار قادة الجيش والسياسيين الجزائريين الموالين لهم هم من يحكمون البلاد، فمن الصعوبة بمكان أن يحصل انفراج في العلاقات بين المغرب والجزائر، أو أن يتم تحقيق تقدّم في العملية السياسية حول الصحراء". وشدّد على أن "النزاع حول الصحراء والدعم الذي تقدمه الجزائر للبوليساريو منذ عقود، يدخل في إطار العقيدة السياسية التي بني عليها النظام الجزائري المحكوم من قِبل الجيش".

من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة مراكش محمد الزهراوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "استشراف مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية ما بعد قرار استقالة بوتفليقة، وفق المؤشرات السياسية والميدانية الحالية، يقوم على محددين أساسيين. الأول مرتبط بالطبيعة الحالية للنظام السياسي الجزائري العسكري؛ وهذا يعني أن الالتفاف على الحراك الشعبي واستقدام شخصية جديدة مكان بوتفليقة لتولي منصب الرئاسة، في ظل هذه البنية والتركيبة السلطوية السائدة، لا يغير شيئاً من مواقف الجزائر تجاه قضية الصحراء". أما عن المحدد الثاني، فنوّه بأنه "يرتبط بانتقال الحراك الشعبي إلى المرحلة الثانية، من خلال إحداث تنسيقيات أو هياكل محلية واختيار قيادات وتمثيليات، ما يشكل وسيلة ضغط حقيقية على الجيش، ويمكن بحسب مزاج وضغط الشارع، أن يسهم في تعديل الدستور والتأسيس لتحول ديمقراطي، يسمح بانتقال السلطة تدريجياً وجزئياً من العسكريين إلى المدنيين، وقلب موازين القوى وتغيير تركيبة وبنية السلطة".

ورأى الزهراوي أن "هذا الأمر سوف يحرر، من دون شك، النخب السياسية الجزائرية من الخوف ومن القيود التي تجعل مناصبهم ومواقفهم صورية، وبذلك سينعكس تغيير طبيعة النظام السياسي بالجزائر على موقف هذا النظام ونخبه من المغرب ومن قضية الصحراء".


المساهمون