خالد علي يتجه لإعلان منافسته للسيسي... وتحذيرات من تعزيز شرعية الانتخابات

13 أكتوبر 2017
يعرقل النظام مساعي علي وزملائه لتأسيس حزب (محمد الراعي/الأناضول)
+ الخط -
يبدو أن شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل سيشهد تطورات كبيرة في الساحة السياسية المصرية، خصوصاً على صعيد المنافسة المحتملة للرئيس، عبدالفتاح السيسي، في الانتخابات الرئاسية المقرر بدء إجراءاتها وفقاً للدستور في 8 فبراير/شباط المقبل. ورجحت مصادر سياسية أن يعلن المحامي الحقوقي، خالد علي، ترشحه للانتخابات قبيل جلسة نظر الطعن الاستئنافي الذي تقدّم به على الحكم الصادر ضده في سبتمبر/أيلول الماضي بحبسه 3 أشهر وكفالة 1000 جنيه، لوقف تنفيذ العقوبة لحين الاستئناف، بناء على بلاغ قدّمه بعض الأشخاص يتهمونه فيه بارتكاب فعل فاضح في الطريق العام يتمثل في إشارة خارجة بيده نحو قوات الأمن بعد حصوله على حكم بات من المحكمة الإدارية العليا ببطلان التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير في يناير/كانون الثاني الماضي.

وأوضحت المصادر، أن خالد علي الذي استشار عدداً كبيراً من الشخصيات السياسية والحقوقية، منذ حصوله على حكم مصرية تيران وصنافير، استقر على أن خوض الانتخابات الرئاسية ربما يؤدي إلى تخفيف الضغط السياسي والأمني عليه، وربما يمنع تأييد الحكم الجنائي الصادر ضده، ويمنع أيضاً تحريك القضية المتهم فيها مع آخرين بتلقي تمويل أجنبي غير مشروع، منذ ما قبل ثورة يناير 2011، وهي القضية التي لم يتم منع خالد علي فيها من السفر ولم يتم التحفظ على أمواله، على الرغم من اتخاذ تلك الإجراءات بحق باقي المتهمين.

وأشارت المصادر إلى أن قيادات حملة الترويج لخالد علي مرشحاً لرئاسة الجمهورية، انقسموا ما بين مؤيد ومعارض للمشاركة بعد الضربة التي وجهتها قوات الأمن للحملة في مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين لبعض نشطاء الحملة في المحافظات، إذ تم القبض على العشرات منهم وبعض أعضاء حزب "العيش والحرية" الذي يعرقل النظام مساعي خالد علي وزملائه لتأسيسه رسمياً، وهي الضربة التي تزامنت أيضاً مع انخراط الحملة في الترويج لتظاهرات ضد التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.

وحدث الانقسام بعد التصدي الصارم من قوات الأمن للمتظاهرين الذين احتشدوا حول نقابة الصحافيين في 14 يونيو/حزيران الماضي وكان على رأسهم خالد علي والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي. واعتبر بعض قادة الحملة أن "النظام يوجّه رسالة صريحة لجميع القوى السياسية بعدم ترحيبه بأي منافسة في أي انتخابات مقبلة وأنه سيبطش مباشرة بمعارضيه، كما أن نزول خالد علي سيعزز شرعية استحقاق انتخابي هزلي ومعروف النتيجة مسبقاً، وسيتسبب في مزيد من الانقسامات والخلافات في صفوف المعارضة، وسيفقد خالد علي التعاطف الذي حصل عليه من بعض الدوائر الإسلامية واللّبرالية في قضية تيران وصنافير". كما اعتبر هؤلاء أن "المشاركة قد تسِم علي بالتعاون مع الدولة وتضعه في الخانة نفسها مع حمدين صباحي بعد مشاركة الأخير في انتخابات الرئاسة 2014 ضد السيسي ورفضه الانسحاب منها على الرغم من مخالفة لجنة الانتخابات للقانون بتمديد التصويت ليوم ثالث، وحصوله على نسبة تصويت أقل من نسبة الأصوات الباطلة". ودعا هؤلاء خالد علي لإعلان مقاطعته الانتخابات.


وحذر معارضو ترشح علي من أن "يستدرجه النظام للمشاركة ليكون المنافس الوحيد للسيسي في الانتخابات، مستغلاً دوافعه الذاتية لاستغلال نجاحاته القانونية والحقوقية، ومن أن النظام قد يحرجه لاحقاً بإصدار حكم مستأنف يلغي حكم الإدانة الصادر بالحبس أو على الأقل يحوله إلى الغرامة فقط، فيزج به من جديد في ساحات المحاكم لينتزع حقه في الترشح". ففي حالة إلغاء حكم الحبس والاكتفاء بالغرامة، ستكون الهيئة الوطنية للانتخابات، التي أصدر السيسي قراراً بتشكيل مجلس إدارتها منذ أيام، هي المنوطة بقبوله أو رفضه، فقانون مباشرة الحقوق السياسية يقصر الاستبعاد في حالة التهمة الموجهة لخالد علي، على من يصدر ضده حكم بالحبس، ولا ينص على استبعاد من صدر ضده حكم بالغرامة. لكن قانون الانتخابات الرئاسية يشترط في المرشح "حسن السمعة"، وهو تعبير مطاط تعود سلطة تقديره للهيئة المشرفة على الانتخابات وللمحاكم فقط.

وسبق للجنة العليا للانتخابات قبيل الانتخابات التشريعية الماضية أن استبعدت مرشحين اثنين للانتخابات من دون أن ينص القانون على أسباب لاستبعادهما؛ الأول هو رجل الأعمال أحمد عز، والثانية هي الراقصة سما المصري، وتم تأييد قرار استبعادهما من قبل رئيس مجلس الدولة الحالي، المستشار أحمد أبو العزم، وهو نفسه الذي يرأس حالياً الدائرة التي ستختص بالنظر في منازعات انتخابات الرئاسة في المحكمة الإدارية العليا.

إلا أن فريقاً آخر من القيادات الموالية لعلي، اعتبر أن المشاركة في الانتخابات ضرورة لإلقاء حجر في مستنقع السياسة الراكد في مصر، وحذر خالد علي من أن المقاطعة قد لا تكون على هوى النظام لأنها ستساهم في تعريته دولياً مما سيدفعه لاتخاذ إجراءات أمنية أكثر قسوة ضد مؤيدي خالد علي والوسط الحقوقي بصفة عامة.

وانحاز خالد علي إلى الرأي الثاني بحسب المصادر، معتبراً أن الخصومة السياسية بينه وبين النظام معروفة للجميع وأنه الوحيد الذي تحدى السيسي شخصياً واستصدر ضده أحكاماً وضعته في مأزق شعبي ودولي حرج، وأن الضغط الأميركي الأخير بتجميد وتأجيل بعض المساعدات العسكرية والاقتصادية سيرغم السيسي على فتح المجال العام بمناسبة الانتخابات وإتاحة هامش إضافي للحريات، لا سيما أن إعلان المشاركة لا يمنعه من استخدام حقه في المقاطعة إذا استمر النظام في ممارساته.

وعلى الرغم من أن الهيئة الوطنية للانتخابات بدأت أعمالها، أمس الأول، بأول اجتماع لأعضاء مجلس إدارتها (وجميعهم قضاة اختارهم وزير العدل حسام عبدالرحيم المقرب من دائرة السيسي) إلا أن هذا الإجراء لا يُعتبر دليلاً مؤكداً على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، خصوصاً في ظل إعلان حالة الطوارئ لفترة ثالثة واستمرار إغلاق واشنطن والعواصم الأوروبية الكبرى عيونها وآذانها عن الممارسات التي يرتكبها النظام وأجهزته الأمنية بحق المعارضين. هذا الأمر عكسه حديث المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أخيراً، عندما انتقدت أوضاع حقوق الإنسان في مصر لكنها في الوقت ذاته دافعت عن ضرورة الحوار والتواصل مع السيسي. كما عكسته تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن دراسة واشنطن إنهاء تعليق بعض المساعدات الأميركية بعد أيام من إدانة القاهرة لكوريا الشمالية.

استمرار الوضع الحالي يسمح للسيسي بإرجاء الانتخابات إلى أجل غير مسمى بذريعة الإرهاب والطوارئ، ويسمح له أيضاً بإجراء تعديل دستوري ناتج عن مناقشات برلمانية، تبدو أمام العالم وكأنها من بنات أفكار سلطة تشريعية مستقلة وهي في حقيقتها توجّهات تمليها دائرة السيسي على الأكثرية النيابية المسماة "دعم مصر". وفي أسوأ الأحوال يسمح استمرار الوضع للسيسي بإجراء انتخابات لا يترشح فيها أحد غيره، وتتحوّل بموجب القانون إلى استفتاء على استمراره.
وستشرف الهيئة التي شكل السيسي مجلس إدارتها على الانتخابات والاستفتاءات أياً كان نوعها، وبالتالي فهي ليست مخصصة لإدارة الانتخابات الرئاسية فقط. ومن المقرر أن يتم الإعلان قريباً عن تشكيل جهازها التنفيذي، إذ اختار وزير العدل لأعلى منصب فيها قاضياً شاباً قريباً له هو أحمد محمد رفعت، والذي يشغل حالياً منصب القائم بأعمال الأمين العام للجنة العليا للانتخابات التي سيتم حلها بمجرد صدور قرار تشكيل المجلس الأعلى للهيئة الوطنية للانتخابات، واختار الوزير مساعدي رفعت من بين القضاة الذين سبق لهم العمل بالوزارة، لضمان عدم اعتراض الأجهزة الأمنية عليهم.