سذاجة لبنانية

16 فبراير 2016
من أحد نشاطات حملات المجتمع المدني ضد الفساد(حسين بيضون)
+ الخط -
ما الذي يجمع اللبنانيّين اليوم؟ تبدو الإجابة على هذا السؤال البديهي صعبة جداً. اللبنانيون لا يحركون ساكناً عملياً إزاء النفايات المنتشرة بين أحيائهم. يُعاني اللبنانيّون، من سوء الخدمات العامة، والخاصة، وارتفاع كلفتها بشكلٍ جنوني، ولا يعترضون، اللهم، إلا ببعض "النقّ الفيسبوكي". يعيش اللبنانيّون في ظل دولة مترهلّة، وتراجع في الحريات العامّة والخاصّة، وازدياد البطالة، والسرقة الموصوفة، ولا يتحرّكون. عدى ذلك، تبدو القواسم المشتركة بيننا قليلة. لا نحن دولة ــ أمة نتوحّد حول عناوين وطنية، ولا دولة ثيوقراطية، يحكمها كهنة أو ملالي. هذا جيّد. لكننا أيضاً، لسنا دولة حديثة يحكمها القانون. فمن شروط دولة القانون (والمؤسسات، وهي العبارة التي نشأنا عليها، نحن جيل ما بعد الحرب،)، أن يُطبق القانون بالمساواة بين أبناء البلد الواحد. وهذا غير متوفّر.

التعامل مع قضية ميشال سماحة، الذي أراد تفجير البلد بعبواته التي حملها من دمشق إلى بيروت، نموذج حيّ على التمييز، خصوصاً إذا ما قارناها بقضايا أخرى مشابهة. لكن "انتهاك" القانون لا يقتصر على ملف الإرهاب. هذا الانتهاك والتمييز حاضر في كلّ القضايا. لا بل إنه حاضر، وبقوّة، في الدستور اللبناني، الذي يمنع لبنانيين من تولي مناصب رسميّة في البلد بعناوين طائفية.

الفروقات بين اللبنانيّين تزيد مع الوقت. ضاعت فرصة 14 آذار 2005. كان يُمكن لها أن تكون مؤسِّسة لدولة في لبنان. الهويات المذهبية تطغى على الهوية الوطنية بشكلٍ قاتل. وقد أظهر استطلاع رأي نفذته منظمة غير حكومية ("هيا بنا") بين سيدات بقاعيات، أن 13 في المائة منهن لا يملكن أصدقاء من خارج إطار "المذهب أو الطائفة"، و17 في المائة يملكن عدداً قليلاً جداً، و32 في المائة بعض الأصدقاء من خارج هذه الدائرة. اللافت أن هذا الاستطلاع في منطقة يُفترض أنها مختلطة وليست صافية مذهبياً. تزداد الفروقات، وهناك من لا يزال يُصرّ أن الأمور يجب أن تكون على ما يُرام في البلد. وأنه يُمكن استعادة العمليّة السياسيّة بشكلٍ طبيعي، وأنه يُمكن بناء سدٍ في وجه تأثيرات الحرب السورية على لبنان.
المساهمون