في الهجوم على المحتجين بالسودان.. رصاصات تتطاير وأطباء يواجهون صعوبات

06 يونيو 2019
تم فض الاعتصام بمجزرة (Getty)
+ الخط -
خلال الفوضى التي واكبت الهجوم الدامي على المحتجين السودانيين في اعتصام يطالب بالديمقراطية في الخرطوم، يوم الإثنين، كان رجل يئن من الألم أثناء قيام الأطباء بخياطة جرح في أذنه بدون مخدر.

وكان أيضاً يحاول مساعدة الرجل الجالس بجواره وهو ضحية أخرى من ضحايا أسوأ أعمال عنف يشهدها السودان منذ أطاح عسكريون بالرئيس عمر حسن البشير في 11 أبريل/نيسان.

وقال مسعفون على صلة بالمعارضة السودانية اليوم الأربعاء إن عدد القتلى الذين سقطوا يوم الإثنين والاضطرابات التي أعقبت الهجوم ارتفع إلى أكثر من 100 بعد انتشال 40 جثة من نهر النيل بالخرطوم. ولم تصدر السلطات أي بيان رسمي عن عدد الضحايا.

وقال طالب يدرس الطب ويشارك في علاج المصابين "لم‭‭‭ ‬‬‬ينتفض مرة واحدة لأنه كان يمسك بيد شخص يتألم بشدة أثناء استخراج رصاصة من ربلة ساقه".

وأضاف "كان يصيح ويصرخ ويكاد يفقد الوعي. وكان كل من حوله يحاولون تهدئته لذا فقد كان هذا الشخص يمسك بيده في محاولة لتهدئته". وطلب طالب الطب عدم الكشف عن اسمه خشية التعرض لأذى.

ويمثل الهجوم الذي وقع يوم الإثنين عندما اقتحمت قوات الأمن مخيماً للمحتجين أمام وزارة الدفاع انتكاسة كبيرة في الجهود الرامية لإقامة ديمقراطية وإعادة بناء بلد عانى من التمرد والأزمات الاقتصادية والعزلة الدولية الناجمة عن سياسات البشير.

وتعثرت المحادثات بين المجلس العسكري الانتقالي الذي يحكم البلاد منذ الإطاحة بالبشير وبين المعارضة في خضم خلافات عميقة حول من يقود مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية مدتها ثلاثة أعوام. وقال قائد المجلس العسكري اليوم الأربعاء إن المجلس مستعد للمفاوضات بدون أي شروط.

وقال الشاب الذي يدرس الطب وطالب جامعي آخر شاركا في الاعتصام إن عدداً كبيراً من قوات الدعم السريع قادت الهجوم في الفجر. وتتهم جماعات حقوق الإنسان قوات الدعم السريع بقيادة الفريق ركن محمد حمدان دقلو الشهير باسم حميدتي بارتكاب أعمال إبادة جماعية أثناء الحرب ضد المتمردين التي بدأت في دارفور عام 2003.

ونفت حكومة البشير مزاعم أن تكون مليشيا الجنجويد العربية التي تحولت لاحقاً إلى قوات الدعم السريع قد أحرقت قرى واغتصبت وأعدمت مدنيين.

وأدرك طالب الطب في البداية أن هناك مشكلة عند الحاجز خارج الاعتصام عند الخامسة صباحاً. وسمع طلقات رصاص ورأى أشخاصاً يسقطون بينما كانوا يركضون نحوه. وركض باتجاه عيادة ميدانية في الاعتصام.

وقال "الناس كانوا يتقيأون دماً، يختنقون من الدم، يغرقون فيه فعلاً". وعالج هو وبعض الأطباء رجلاً أصيب بكسر في الجمجمة. وقال الطالب "كان يركل ويضرب بقبضة يده كل من حوله. احتاج الأمر خمسة رجال للإمساك به حتى نخيط له الجرح بدون تخدير من أي نوع تقريباً". وأضاف أن معظم الجنود كانوا من الشبان. وتابع "يبدو أنهم لم يتلقوا أي تدريب عسكري من أي نوع".

ولم يتسن الوصول إلى قوات الدعم السريع للتعليق، لكن حميدتي في حديث لأفراد هذه القوة نقله التلفزيون الرسمي قال إن قراراً صدر بإجراء تحقيق نزيه وشفاف بشأن ما حدث في الاعتصام. وأضاف أن إنجازات قوات الدعم السريع واضحة وأن المهمة الأكبر هي وقف أعمال الفوضى.

وقال حميدتي إن المجلس العسكري لا يريد حكم السودان لكنه الضامن للفترة الانتقالية في غياب الحكومة.

ولا تتسم قوات الدعم السريع بانضباط الجيش السوداني لكنها لعبت دوراً حيوياً في دعم موقف القادة العسكريين الجدد. كما ساعدت هذه القوات شبه النظامية السعودية والإمارات في حرب اليمن.

وتعهدت الدولتان المصدرتان للنفط بعد فترة قصيرة من الانقلاب بتقديم مليارات الدولارات لدعم السودان.‭

وتلقى طالب الطب مكالمة هاتفية من أحد الأصدقاء بعد ساعتين من بدء الأزمة. وأضاف أن قوات الأمن فتحت النار على عيادة أثناء هذه المكالمة. وكان المتواجدون في الداخل يحصنون المبنى بباب معدني ضخم. وقال الطالب "كسروا الباب وبدأوا في إطلاق النار. انبطح الجميع على الأرض، وكانت هناك ثقوب ناجمة عن الرصاص في جميع أنحاء العيادة".

وبعد توقف إطلاق الرصاص، خرج طبيب رافعاً يديه في الهواء وهو يقول هذه عيادة تداوي المرضى. ونقل الطالب عن الطبيب قوله "حتى بعض جنودكم أصيبوا وعلينا علاجهم أيضاً... لقد أقنعهم وتوقفوا عن إطلاق النار".

ودعت جماعة المعارضة الرئيسية في السودان إلى إجراء تحقيق دولي فيما وصفته بالمجزرة. وقال الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي إنه يأسف لأحداث العنف مضيفاً أنه سيتم التحقيق فيها. ونقل طالب الطب وصديق له أحد المرضى إلى مستشفى خارج منطقة الاعتصام. وكان المريض ينزف من رأسه. وقال الطالب "كنت أمسك برأس المريض، وأحاول منع النزيف بقدر الإمكان".

وكل من حوله كانوا من قوات الدعم السريع وكانوا يسخرون منه ومن غيره. وأضاف "كنا نقول: إذا لم يتم نقله إلى المستشفى سيموت... وكانوا يقولون: يمكنه أن يموت، ماذا سيحدث لو مات". وأيد طالب جامعي شاب، طلب أيضاً عدم نشر اسمه، رواية طالب الطب حول إطلاق النار. وقال إنه في بادئ الأمر دخل حوالي 30 فرداً من قوات الدعم السريع موقع الاعتصام، ثم وصلت أعداد كبيرة حتى بلغوا أكثر من ألف. وأضاف أن قوات الأمن كانت تجلد الناس بخراطيم مطاطية وهراوات طويلة وتركلهم.

وقال الطالب الجامعي "كان الناس يتساقطون حولي بعد إطلاق النار عليهم. بعض الأشخاص فروا إلى المباني وتعقبتهم قوات الأمن وهاجمتهم". وأضاف "أفلت بالكاد من الإصابة بالرصاص. وبينما كان كل هذا يحدث، كنت أرى قناصة يتمركزون على عدة أسطح ويراقبون كل شيء".

(رويترز)