خيارات سعودية محدودة في أزمة سقطرى

13 مايو 2018
يترقب سكان سقطرى كيفية معالجة الأزمة (Getty)
+ الخط -
يبدو أن التحرّك اليمني على الصعيد الدولي لمواجهة المساعي الإماراتية للسيطرة على أرخبيل سقطرى اليمني عبر التحكّم في منافذه السيادية والاعتراض على وجود المسؤولين الحكوميين فيه، دفع السعودية إلى محاولة احتواء الموقف واستعادة زمام المبادرة، بعد أن كادت أن تفقدها، خلال الأسبوعين الماضيين، ليصل الأمر إلى حد تقديم اليمن شكوى رسمية في مجلس الأمن الدولي، بعد أن صمّ "الأشقاء" في التحالف آذانهم عن رفض الحكومة المتكرر ممارسات أبوظبي في البلاد، وما رافقته من دعوات لإعادة صياغة العلاقة بين الشرعية والتحالف.

وتبدو السعودية أمام خيارات محدودة، خصوصاً أنها تدرك أن أي حل جدي للأزمات التي تتكرر بين الشرعية والتحالف، وتحديداً الإمارات، يتطلب إجراء مراجعة شاملة للممارسات الإماراتية في اليمن، التي أدت إلى جعل التحالف يظهر بأنه تحول من داعم للشرعية اليمنية إلى معيق لها، لا سيما مع دعم الإمارات تشكيل كيانات مسلحة خارج نطاق الشرعية، فضلاً عن منعها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من العودة إلى اليمن. 



وأكدت مصادر يمنية قريبة من الحكومة طلبت عدم تسميتها، في حديث مع "العربي الجديد"، أن جهوداً سعودية بُذلت خلال الـ72 ساعة الأخيرة، لاحتواء الأزمة، كان من نتائجها الاتفاق على عودة اللجنة السعودية المعنية بالأزمة إلى جزيرة سقطرى، محطة الأزمة الأخيرة بين الحكومة اليمنية والإمارات، حيث يوجد رئيس الحكومة اليمني أحمد عبيد بن دغر والعديد من وزراء حكومته. 

وأشارت المصادر إلى أن الزيارة العلنية التي قام بها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ومعه نائبه علي محسن الأحمر، إلى مقر قيادة القوات المشتركة - التحالف بوزارة الدفاع السعودية الجمعة الماضي، جاءت في إطار التفاهمات على احتواء الأزمة ولتخفيف الصورة التي سادت الأيام الماضية، بتحول التحالف العربي، بقيادة السعودية، من "مساند للشرعية" إلى غريم رسمي، متهم دولياً بتجاوزات تتعلّق بالسيادة اليمنية. 

وبالتزامن مع الجهود، دخلت الأزمة في ما يشبه تهدئة إعلامية مبدئية، ألزمت الشخصيات اليمنية في الحكومة وفي الوفد المرافق لرئيس الوزراء بعدم التصريح للحدّ من التصعيد، في ظل غموضٍ يكتنف طبيعة المقترحات السعودية لحل أزمة سقطرى. وتضاربت التسريبات الأولية، بين من يقول إن الإمارات خضعت مبدئياً لمطالب الحكومة أو لجزءٍ منها على الأقل، بعد أن وصلت ردود الفعل اليمنية إلى حد لم يكن على الأرجح في حسبان أبوظبي، التي لطالما مارست سلطة القرار الأول في المناطق اليمنية المحررة من الحوثيين على حساب الحكومة. ولم يكن الرفض ليصل في المراحل السابقة إلى أبعد من التصريحات الصادرة عن وزراء، لكن في أزمة سقطرى لم تتردد الحكومة في إصدار بيان رسمي يرفض ما أقدمت عليه القوات الإماراتية وأعقبت ذلك رسالة رسمية إلى مجلس الأمن الدولي تشكو فيها الحكومة ممارسات أبوظبي. 

ومن المرجح أن تسعى التسوية السعودية في سقطرى إلى خلق حالة من التهدئة والتنسيق بين الجانبين اليمني والإماراتي، على نحو قد يعيد مطار سقطرى وميناء الجزيرة إلى القوات اليمنية، لكن لا يؤدي إلى إخراج القوات الإماراتية بالضرورة، وبما يخلق حالة من التنسيق، ولو مؤقتاً بما يحفظ ماء الوجه للطرفين، ويحدّ من الأزمة التي باتت تهدد التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، وهو ما تلمح إليه مصادر قريبة من السعودية في الأيام الماضية. 

من زاوية أخرى، كان واضحاً أن التحرك السعودي في الأيام الأخيرة ما كان ليتم إلا أن كنتيجة للتحرك اليمني على الصعيد الدولي، عبر الرسالة الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي وتضمنت الشكوى من ممارسات الإمارات والتأكيد أن الخلافات بينها وبين الحكومة اليمنية تمتد إلى كافة المناطق اليمنية غير الخاضعة للحوثيين، وما تبع ذلك، من صدور بيان لافتٍ لوزارة الخارجية الأميركية، أكدت من خلاله واشنطن أنها تتابع الوضع عن كثب وتدعو إلى الحوار، وأعقبها صدور بيان عن وزارة الخارجية التركية حول الأزمة، في منطقة استراتيجية حساسة كجزيرة سقطرى، التي تقع على قائمة التراث العالمي، بوصفها من أندر الأماكن الطبيعية في العالم. 

وبرزت مخاوف التحالف من آثار أزمة سقطرى من خلال حرصه على استقبال الرئيس هادي يوم الجمعة الماضي في وزارة الدفاع السعودية، وإطلاق التصريحات من الجانبين، بما فيها إشادة هادي بدور السعودية في قيادة التحالف وإلى جانبها الإمارات، وهو ما بدا أداءً للواجب أو نتيجة لضغوط تغطي حاجة التحالف إلى الظهور مجدداً بدور مساند للحكومة الشرعية وبطلب منها، بعد أن تسببت أزمة الشرعية – الإمارات من عدن إلى سقطرى في خلق انطباع مختلف عن الأهداف الحقيقية للتحالف وتحوله من مساند للشرعية إلى معيق لها. ويعزز هذا الاعتقاد بعض الخطوات الإماراتية التي شملت تأسيس الأحزمة الأمنية والقوات الخارجة عن إطار الشرعية، وصولاً إلى دعم الانفصاليين، ممثلين بما يُسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي". وساهمت هذه الممارسات الإماراتية في خروج الخلافات من داخل الأبواب المغلقة إلى العلن، وترجمت بتأكيد مسؤولين يمنيين رفيعي المستوى، كوزير الخارجية عبدالملك المخلافي ووزير الداخلية أحمد الميسري، وجود خلافات بين هادي والإمارات، وأن الأخيرة سبب بقاء الرئيس اليمني في الرياض.