في مقال بعنوان "اغتيال شهيد الثورة. ترامب يعلن حرباً محدودة على إيران"، تناول الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، أنطون مارداسوف، التداعيات المحتملة لاغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، بأمر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مذكّراً بدور سليماني في تصدير القوة العسكرية الإيرانية، وإقناعه الكرملين بشن عمليته العسكرية في سورية في عام 2015، ومقللاً من واقعية إيجاد طهران بديلاً يتمتع بالنفوذ نفسه في المنطقة.
وذكّر كاتب المقال، الذي نشر في صحيفة "ريبابليك" الإلكترونية أمس السبت، بأن واشنطن سعت في الأشهر الماضية، للنأي بنفسها عن استهداف القوات الموالية لإيران في العراق، تاركة هذه المهمة للطيران الإسرائيلي. لكن واقعة مقتل متعاقد مدني أميركي، وإصابة بضعة عسكريين في قصف لمليشيات عراقية، استدعت ضربة أميركية مباشرة. كما جاءت محاولة اقتحام السفارة الأميركية في بغداد بمثابة آخر نقطة بالنسبة إلى ترامب.
واعتبر الخبير الروسي أنه بتنفيذ عملية اغتيال سليماني، أعلنت واشنطن "حرباً محدودة" على إيران، التي لن تجرؤ على الرد بهجوم مباشر على القوات الأميركية في الشرق الأوسط، خوفاً من أن يؤثر ذلك على مدى استعداد أوروبا والصين على الإبقاء على الحجم السابق لتجارتهما مع طهران. وخلص مارداسوف إلى أن تصعيد الوضع سيضع السياسيين المحليين العراقيين أمام خيار صعب: إما أخذ موقف إيران بعين الاعتبار وإقصاء الأميركيين بالقوة، وإما محاولة الحفاظ على عامل المساعدة الأميركية في مجال الأمن.
من جهتها، حذرت صحيفة "إزفيستيا"، في مقال بعنوان "عملية عاصفة بغداد: بما ينذر اغتيال اللواء سليماني"، من أن تؤدي الواقعة إلى استمرار تصعيد المواجهة بين واشنطن وطهران، وتداعيات كبرى على منطقة الشرق الأوسط بأسرها. وأوضح خبراء استطلعت الصحيفة آراءهم أن "العراق تحوّل إلى ساحة المواجهة الأميركية الإيرانية، وقد يواجه تحديات لا تقل خطورة عن نسف دولته نتيجة للتدخّل الغربي في عام 2003".
وقال المستشرق رولاند بيجاموف "تنذر هذه الخطوة بزيادة التوتر والاستقطاب في المجتمع العراقي، وستكون هناك تداعيات سلبية كثيرة على هذه المنطقة التي تعاني من النزاعات أصلاً. اتخذت الولايات المتحدة قرار تصفية سليماني قبل فترة طويلة، وكانت العملية متوقعة. ستنفذ طهران ردها الذي توعدت به، إلا أنني لا أعتقد أن ذلك سيحدث في القريب العاجل". بدوره، اعتبر مدير مركز الشرق الأوسط التابع للمعهد الروسي للبحوث الاستراتيجية، فلاديمير فيتين، أن الحديث عن الصدام الأميركي الإيراني المباشر سابق لأوانه، قائلاً، لـ"إزفيستيا"، إنه "من المتوقع أن ترد إيران حتماً إما في العراق، وإما في أماكن أخرى، بدءاً من اليمن ووصولاً إلى لبنان أو سورية. لديها الإمكانيات اللازمة لذلك، وما يكفي من الحلفاء في المنطقة. تدرك الولايات المتحدة ذلك جيداً، ولذلك أعلنت عن رفع التأهب القتالي في كل قواعدها في المنطقة". أما المستشرق فياتشيسلاف ماتوزوف فشبّه اغتيال سليماني بـ"عمل إرهابي"، قائلاً "يمكن تشبيه ما جرى، من وجهة نظري مع ما يطلق عليه اسم عمل إرهابي. قاسم سليماني هو مسؤول رسمي في دولة مستقلة. قد يعجب أو لا يعجب أحداً، لكنه شخصية سياسية. من المؤسف أن دولة مثل الولايات المتحدة تبدأ بتصفية الشخصيات السياسية بهذه الأساليب".
وعلى الصعيد الرسمي، أثارت عملية اغتيال سليماني حفيظة موسكو، شأنها في ذلك شأن الموقف الأوروبي، إذ أعرب الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي بينهما الجمعة الماضي، عن قلقهما إزاء مقتل سليماني بغارة أميركية قرب مطار بغداد، مقرين بأن هذا العمل قد يفاقم الوضع في المنطقة، وفق بيان نشر على موقع الكرملين. من جهته، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن اغتيال سليماني يشكل انتهاكاً للقانون الدولي. وقال، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي مايك بومبيو، إن "العمل المتعمد من قبل دولة عضو في الأمم المتحدة على اغتيال مسؤول بدولة أخرى عضو في الأمم المتحدة، لا سيما على أراضي دولة ثالثة ذات سيادة ومن دون علمها، يشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي ويستحق الإدانة". ودعا لافروف، وفق بيان صدر عن الخارجية الروسية، الولايات المتحدة، إلى "التخلي عن الأساليب غير المشروعة لتحقيق الأهداف على الساحة الدولية باستخدام القوة، وتسوية جميع المشاكل حول طاولة المفاوضات".