في ظرف أمني حساس إثر تحذيرات أميركية من حراك لفصائل المليشيات العراقية المرتبطة بإيران، يعود مسلسل القصف الصاروخي والقذائف العشوائية إلى العاصمة العراقية ليزيد حالة التوتر والخوف من استهداف ثان لمبنى السفارة الأميركية، وبينما تحاول القوات الأمنية ضبط هذا الملف الخطير، يؤكد مراقبون أن تلك الصواريخ رسالة موجهه إلى السفارة.
وليلة أمس، سقطت ثلاثة صواريخ كاتيوشا على معسكر التاجي، (20 كيلومترا شمالي بغداد)، حيث توجد القوات الأميركية داخله، ويضم فصائل للأجهزة الأمنية العراقية، فضلا عن مذاخر ومخازن كبيرة للسلاح والعتاد، بينما لم يعرف حجم الخسائر والأضرار التي تسبب بها القصف، بحسب مصادر أمنية.
وأكد بيان عسكري عراقي لخلية الإعلام الأمني المرتبطة بالحكومة، سقوط الصواريخ من دون إعطاء أي تفاصيل عن الموضوع، فيما تحاول الجهات الأمنية السيطرة على أمن العاصمة. وبينما يثير إطلاق الصواريخ والقذائف مخاوفها، تعتزم عقد اجتماع طارئ، اليوم، لبحث خطة طارئة ترافق تشديد الإجراءات المتبعة.
وبحسب ضابط في قيادة العمليات المشتركة (الجهاز الأمني المسؤول عن أمن العراق)، فإنّ "قيادة العمليات تتابع الموضوع بقلق بالغ، وفتحت تحقيقات لمعرفة الملابسات"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أنّ "القادة المسؤولين عن ملف أمن بغداد سيعقدون اجتماعا مهما، اليوم، لبحث هذا الملف، وقد تنتج عنه مقررات أمنية مهمة".
وأضاف "ننتظر تلك المقررات، وبالوقت ذاته بحسب توجيهات القيادة، عززت القوات الأمنية من انتشارها في محيط المواقع المهمة، خاصة القريبة من المنطقة الخضراء، بينما تم تفعيل جهد استخباراتي مكثّف، وتعاون مع الأهالي لكشف أي تحرّك مريب".
وجاءت صواريخ معسكر التاجي بعد يومين فقط من قصف مماثل بصاروخ سقط على منزل سكني في منطقة الجادرية، القريبة من المنطقة الخضراء التي تضم مبنى السفارة الأميركية، رافقتها قذائف عشوائية سقطت على قاعدة بلد العسكرية بمحافظة صلاح الدين.
من جهته، اعتبر تحالف "الفتح" (الجهة السياسية الممثلة لمليشيا الحشد الشعبي)، أن القصف "محاولة لخلط الأوراق والتأثير على الملف الأمني"، مبينا في بيان صحافي، أنّ "هناك أيادي عابثة لا تريد الخير للعراق وشعبه، تقف خلف إطلاق هذه المقذوفات".
وأضاف "تلك الجهات تريد التأثير على الواقع الأمني المستتب، وترفع مستوى التوتر في المنطقة"، مؤكدا "نقف مع الحكومة وأجهزتها الأمنية لملاحقة الفاعلين، وإنزال أقصى العقوبات بهم".
وتحاول مليشيا "الحشد الشعبي" أن تنأى بنفسها عن إطلاق تلك الصواريخ والقذائف، في وقت تتوجه أصابع الاتهام ضدها.
ويشكك خبراء أمنيون بقدرة ضبط القوات العراقية لهذا الملف، مؤكدين أنّ القصف هو "رسائل للسفارة الأميركية". الخبير الأمني محسن العبادي، أكد لـ"العربي الجديد"، "صعوبة ضبط الملف، وخاصة أنّ الصواريخ تطلق من مسافات بعيدة تصل لأكثر من 15 كيلومترا عبر شاحنات معدة لهذا الغرض كمنصات إطلاق، فيما لا تستطيع القوات أن تنشر عناصرها في كل شبر داخل مدى الإطلاق".
وأشار إلى أنّ "السيارات التي تنقل بها قواعد الإطلاق هي تابعة لفصائل المليشيات ولا يمكن محاسبتها كونها مرتبطة بالحشد الشعبي، الذي يعدّ قوة رسمية"، مؤكدا أنّ "تلك المليشيات تريد إرسال رسائل للسفارة الأميركية من خلال تلك الصواريخ، أنّها موجودة وتستطيع الرد في حال حصول أي قصف لواشنطن على طهران".
وأكد أنّ "الأمر شائك، والحكومة العراقية ستقف موقف المتفرج فقط إزاء ذلك، ولا تمتلك أي حلول".