صراع رئاسة الحكومة العراقية: الدعم الأميركي يحيي حظوظ العبادي

12 اغسطس 2018
تحالف العبادي والصدر أوضح من التحالفات الأخرى(حيدر همداني/فرانس برس)
+ الخط -


دخل العراق، بعد إعلان مفوضية الانتخابات نتائج العد والفرز اليدوي للانتخابات البرلمانية، التي أجريت في 12 مايو/أيار الماضي، المرحلة الأخطر في الصراع، والتي تكمن في التنافس على منصب رئاسة الحكومة من قبل قادة بعض الكتل الفائزة بالانتخابات. ومع أنّ المنصب من حصة الكتلة الكبرى التي لم تخرج بعد من رحم الأزمات، إلّا أنّ المرشحين لهذا المنصب يستغلون الدعم الخارجي لهم للاستحواذ عليه.
وقال مسؤول سياسي مطلع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الصراع احتدم اليوم على منصب رئاسة الحكومة بين المتنافسين الثلاثة، وهم رئيس الحكومة الحالي، حيدر العبادي، وزعيم تحالف دولة القانون، نوري المالكي، وزعيم تحالف الفتح، هادي العامري"، مبيناً أنّ "الدعم الأميركي الواضح للعبادي، في ظل الحصار على إيران، الداعمة للعامري والمالكي، منح العبادي قبولاً بين عدد من الكتل السياسية".

وأشار المسؤول إلى أنّ "العبادي توصل إلى تفاهمات جيدة مع عدد من الكتل السياسية لتشكيل الكتلة الكبرى. ففضلاً عن تقاربه مع تحالف سائرون، اقترب مع تحالفي الوطنية والقرار، الممثلين للسنة". وأوضح أنّ "الكتل السنية اقتربت من العبادي، خصوصاً بعد ابتعاده الواضح من إيران، وعدم رفضه العقوبات الدولية عليها"، مبيناً أنّ "الحاجز بين العبادي والحزب الديمقراطي الكردستاني كُسر، بعد الزيارة الأخيرة لرئيس حكومة كردستان، نيجرفان البارزاني ولقائه العبادي، والتوصل الى تفاهمات وتقارب بشأن تحالف بينهما". وأكد أنّ "تقاطع التدخل الأميركي والإيراني بشأن منصب رئيس الحكومة، قد يخلق أزمات جديدة، في وقت اقترب تحالف العبادي مع سائرون والسنة والأكراد".

ويتزامن الصراع على رئاسة الحكومة، مع مرور أربع سنوات على ترؤس العبادي للحكومة. وكان العبادي تسلم رئاسة الحكومة في 11 أغسطس/آب 2014، وذلك بعد شهرين من سقوط الموصل ومدن عراقية أخرى بيد تنظيم "داعش". وقال عضو في تحالف "النصر"، إن العبادي "سيستغل النصر الذي تحقق على داعش في عهده لإقناع الآخرين بالتحالف معه"، لكن هذا الأمر لا يرضي قوى وقيادات سياسية أخرى. وقال قيادي في ائتلاف دولة القانون، لـ "العربي الجديد"، إن "النصر الذي تحقق على "داعش" كان بفضل ومشاركة جميع العراقيين، مبيناً أن العبادي قام بواجبه كقائد عام للقوات المسلحة. واعتبر العضو السابق في تحالف القوى العراقية، محمد عبدالله، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "النصر الذي حققته حكومة العبادي على الإرهاب مهم ولا يمكن لأحد أن ينكره، إلا أن هذا النصر لا يمكن أن يكتمل ما لم يتم إنهاء جميع المظاهر المسلحة"، موضحاً أن "إنهاء وجود المليشيات سيكون صعباً على أي رئيس حكومة جديد، لا سيما بعد حصولها على مقاعد برلمانية، واحتمال منحها وزارات مهمة في التشكيلة الحكومية الجديدة".



وأعلن تحالف "النصر"، بزعامة العبادي، أمس السبت، عن تشكيل لجنة تفاوضية لإجراء حوارات مع الكتل السياسية بشأن تشكيل الكتلة الكبرى، فيما تعتزم اللجنة زيارة إقليم كردستان للتفاوض مع الأكراد. وترأس القيادي في تحالف "النصر"، وزير الدفاع السابق، خالد العبيدي، وفد التحالف للتفاوض مع الكتل الأخرى. وقال، في بيان صحافي، إنّ "المباحثات الأولية مع وفدي الحكمة والوطنية خرجت بنتائج إيجابية وتفاهمات مشتركة"، مبيناً أنّه "تم الاتفاق على وضع الخطوط العامة لبرنامج عمل الحكومة المقبلة، وضمن سقوف زمنية واضحة، مع تأكيد ضرورة رفض مبدأ المحاصصة في تشكيل الحكومة"، مبيناً أنّه "تم الاتفاق مع تيار الحكمة والقائمة الوطنية على وضع بنود الاتفاق ومناقشتها والاتفاق عليها، تمهيداً لتوقيعها قبل إعلان تشكيل الكتلة الكبرى رسمياً". وأشار إلى أنّ "تحالف سائرون والحكمة والوطنية الأقرب لنا من كافة الكتل الأخرى، فضلاً عن وجود تفاهمات متقدمة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، كما لدينا تواصل مع تحالف الفتح".

من جهته، قال القيادي في حزب البارزاني، وقائممقام سنجار، محما خليل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، لديه رغبة في تشكيل حكومة عراقية تحقق التوافق والتوازن والشراكة. ليس لدينا فيتو على أي شخص يتولى رئاسة الحكومة"، مبيناً أنّ "الأكراد يريدون حكومة شراكة وطنية قوية". وأكد أنّ "الديمقراطي لا يعترض على تولي العبادي ولاية جديدة، في حال حقق الشراكة والتوازن. كما لدينا تفاهم قوي مع زعيم تحالف سائرون، مقتدى الصدر، وهناك تفاهمات مشتركة ستكون بيننا وبينهما لبلورة توافق حقيقي لتشكيل الكتلة الكبرى"، موضحاً: "نحن نبحث عن شراكة حقيقية في البلاد لتكون مسؤولية تضامنية للجميع". وحذّر من خطورة "عدم التداول السلمي للسلطة"، مشدداً على أنّ "الدستور العراقي، في ديباجته، نص على التداول السلمي للسلطة"، داعياً جميع الكتل السياسية إلى "رفض التدخلات الخارجية الإيرانية في العراق، خصوصاً وهو أمام ولادة حكومة جديدة، وأنّ من مصلحة المنطقة ألا يكون هناك تدخل بتشكيل حكومة العراق".

ويؤكد تحالف "سائرون"، أنّ تفاهماته مع تحالف العبادي للقبول بشروط الصدر، هي الأوضح والأقرب من التحالفات الأخرى. وقال قيادي في التحالف، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تحالف العبادي ما زال الأقرب إلينا من تحالفي القانون والفتح، وهناك مباحثات مستمرة وتفاهمات بشأن شروط الصدر". وأوضح أنّ "خيار المعارضة ما زال مطروحاً، لكن في حال لم نحصل على تفاهمات مع الكتل للقبول بشروط الصدر أو بعضها"، مؤكداً أنّ "الأسبوعين المقبلين سيشهدان إعلاناً نهائياً للكتلة الكبرى، والأرجح أن يكون مع تحالف العبادي والأكراد والسنة. فالصدر لن يقبل بأي تحالف طائفي".

ويؤكد مراقبون أنّ الدعم الإيراني، وسعي طهران إلى وصول أحد مرشحيها، المالكي أو العامري، إلى رئاسة الحكومة قد يجران البلاد إلى أزمة جديدة، وقد يؤثران في إمكانية التداول السلمي للسلطة في البلاد. وقال الخبير السياسي، رياض العمران، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العامري والمالكي يسعيان من خلال الدعم الإيراني للسيطرة على منصب رئيس الحكومة، وهما يتحركان باتجاه خلق الأزمات في طريق العبادي وتحالفاته"، مبيناً أنّ "الأوراق ما زالت كثيرة لدى العامري والمالكي، وهما يستطيعان التأثير في الكتل الشيعية القريبة من إيران، فضلاً عن إمكانية التأثير في الشارع العراقي في الجنوب لتأليبه ضدّ العبادي". وأكد أنّ "هذه التوجهات، تعدّ المرحلة الأخيرة، بيد المالكي والعامري، وسيبذلان كل ما بوسعهما للتأثير في العبادي"، محذراً من "خطورة هذه المرحلة، وجر البلاد إلى صراع السلطة والتأثير في التداول السلمي لها". وكانت مفوضية الانتخابات قد أعلنت نتائج العد اليدوي، والتي شهدت تغيرات طفيفة لم تؤثر في حجم الكتل السياسية.