وجّه رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، اليوم الثلاثاء، رسالة إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قال فيها إنه مستعد للاستقالة إذا تم الاتفاق مع زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري لتشكيل حكومة جديدة، معتبرا أن الانتخابات المبكرة "قد تؤدي إلى المجهول"، فيما عد مراقبون دعوة عبد المهدي محاولة أراد من خلالها أن يبين للشعب أن الصدر والعامري هم شركاؤه ويتحملون المسؤولية معه.
وجاءت رسالة رئيس الوزراء قبيل وصوله إلى مبنى البرلمان، الذي يشهد تصويتاً لمجلس النواب العراقي، الذي استدعى عادل عبد المهدي لبحث تصاعد أعداد ضحايا قمع التظاهرات في بغداد وجنوبي البلاد.
وجاء في رسالة عبد المهدي إلى الصدر، ردا على دعوة الأخير له للحضور إلى البرلمان لإعلان انتخابات مبكرة تحت إشراف أممي: "قد يساهم الحراك الشعبي نتيجة التظاهرات الأخيرة في مشاركة واسعة من الشباب في الانتخابات القادمة، وقد تقود التعديلات الدستورية والإصلاحات المطروحة لتغيير كامل المناخ السياسي في البلاد، ويحدث تجديد في القوى السياسية الحاملة لمشروع المرحلة المقبلة"، مبينا أن "هناك خطوات أستطيع أنا القيام بها، وأخرى تتعلق بأطراف أخرى، كذلك هناك تحفظات على اختيار هذا المخرج للأزمة".
غير أن عبد المهدي شدد خلال الرسالة على أنه "لا يكفي ذهاب رئيس مجلس الوزراء إلى البرلمان لإعلان الانتخابات المبكرة ليتحقق الأمر، بل هناك سياقات دستورية يجب علي رئيس الوزراء الالتزام بها، فالانتخابات المبكرة تستدعي أن يوافق رئيس الجمهورية على طلب من رئيس مجلس الوزراء على حل البرلمان، والدعوة لانتخابات مبكرة خلال 60 يوماً، وهذا لن يتحقق إلا بتصويت البرلمان على حل المجلس بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، أي بأغلبية 165 صوتاً، وتعتبر الحكومة مستقيلة وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال يومية".
وأكد أنه "إذا كان هدف الانتخابات تغيير الحكومة فهناك طريق أكثر اختصاراً وهو أن تتفق (والخطاب موجه للصدر) مع الأخ العامري (زعيم تحالف الفتح) لتشكيل حكومة جديدة، وعندها يستطيع رئيس مجلس الوزراء تقديم استقالته واستلام الحكومة الجديدة مهامها خلال أيام إن لم نقل ساعات من تحقق هذا الاتفاق".
وأضاف في هذا السياق: "أعتقد أن الكتل السياسية ستتعاون بشكل واسع لتحقيق التصويت اللازم، أما الانتخابات المبكرة فمجهول أمرها. فمتى سيتسنى إجراؤها؟ وهل سيتم الاتفاق على كامل شروطها؟ وهل ستأتي نتائجها حاسمة؟ وغيرها من أمور قد تتركنا أمام مجاهيل كبيرة".
واعتبر رئيس الوزراء أنه "في حال تحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال معناه عدم تمرير الموازنة، ومعناه التوقف عن التوقيع على المشاريع الجديدة والقوانين المطلوب تشريعها بأسرع وقت، والتي بها نحقق خطوات تم الاتفاق عليها للإصلاح وتوفير فرص العمل وتشجيع الاستثمارات والأعمال الجديدة، فضلا عن أمور أخرى كثيرة يجب الالتفات إليها"، متسائلا "فكم ستستغرق عملية حل مجلس النواب؟ أو تغيير المفوضية؟ فالمستثمرون يهربون بسبب المجهول والأحداث الدامية، وهناك دماء تسيل، مما يتطلب إجراءات واضحة لتستطيع الدولة القيام بواجباتها، وتحفظ النظام العام وتطبق القانون على الجميع".
وأشار "تطالبون بعدم مشاركة الأحزاب الحالية إلا من ارتضاه الشعب، وصناديق الاقتراع هي الوسيلة الأفضل للتعبير عن رأي الشعب شريطة أن نقترب أكثر ما يمكن من توفير كافة الشروط ليتطابق رأي الشعب مع نتائج الانتخابات وصناديق الاقتراع هي الحل، أما أن يحتكر فرد أو حزب السلطة ويفرض إرادته على الشعب، أو يأتي ملثمون ويغلقون جامعة من الجامعات ويكتبون على الأبواب مغلقة باسم الشعب، أو أن يقوم مدير مدرسة بإخراج المراهقين إلى الشوارع باسم الشعب، فهذا انحراف واحتكار وتصرف تعاقب عليه في النهاية السنن الإلهية والبشرية، كما يعاقب عليه القانون ولا يمثل رأي الشعب".
إحراج الصدر والعامري
وعدّ مراقبون رسالة عبد المهدي محاولة لإشراك الصدر والعامري بالمسؤولية، كونهما يقودان أكبر كتلتين برلمانيتين داعمتين لحكومته.
وقال الخبير في الشأن السياسي العراقي أحمد الحمداني، لـ"العربي الجديد": "عبد المهدي أراد من خلال الرسالة أن ينبه الشعب أنه ليس المسؤول الوحيد عن الخراب في البلد، بل إن الشريكين الأساسيين له هما الصدر والعامري"، مبينا "أراد عبد المهدي إحراج الصدر والعامري أمام الشعب، محاولا إثبات أن دعواتهم وانتقاداتهم للحكومة هي مجرد دعوات إعلامية لكسب الشعب".
وأكد الحمداني على أن "الرسالة عكست أيضا تمسك عبد المهدي بالسلطة، وعدم عزمه على تقديم استقالته في المرحلة الحالية على الأقل، الأمر الذي ينذر بدماء جديدة ستسيل بساحات التظاهر".
يجري كل ذلك في وقت يشهد العراق موجة تظاهرات هي الأوسع من نوعها في البلاد، للمطالبة بالإصلاح، وقد واجهت الحكومة المتظاهرين بالقمع، ما أسفر عن قتل أكثر من 80 متظاهرا وإصابة الآلاف.