زيارة حجازي لسيناء... برتوكولية أم توجهات جديدة؟

07 نوفمبر 2017
قوات مصرية منتشرة في شمال سيناء (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
لم يتوان الفريق محمد فريد حجازي، الرئيس الجديد لأركان الجيش المصري، عن زيارة قواته المنتشرة في محافظة شمال سيناء، للاطلاع ميدانياً على الوضع الأمني فيها، رغم خطورة المشهد الأمني وتدهوره، وإمكانية تعرّض موكبه لاستهداف "تنظيم ولاية سيناء" الذي من السهل أن يعرف بزيارته إلى المحافظة.

وترافق مع زيارة حجازي التي استمرت عدة ساعات، نهار الإثنين، انقطاع لشبكات الاتصال والإنترنت، طيلة وجود الوفد الأمني في مناطق شمال سيناء، في إطار "التأمينات للزيارة"، وفقاً لمصادر قبلية تحدّثت لـ"العربي الجديد".

وقالت المصادر ذاتها، لـ"العربي الجديد"، إنّ زيارة حجازي لم تتجاوز مدينة العريش، إذ إنّه لم يزر مدينتي رفح والشيخ زويد، رغم أنّها المناطق الأكثر اشتعالاً في سيناء طيلة السنوات الأربع الماضية، نظراً إلى صعوبة تحرّك قوات الأمن في تلك المناطق.

وأضافت أنّ "الجيش لا يستطيع إيصال الإمدادات العسكرية واللوجستية لعساكره في كمائن وارتكازات مدينتي رفح والشيخ زويد إلا بإطلاق النار طيلة سير الحملات الأمنية المصاحبة للإمدادات، فكيف له أن يؤمن زيارة ثاني أرفع شخصية عسكرية في مصر؟".

وأوضحت المصادر القبلية أنّ "هذه الزيارات تتم بالعادة، في مناطق مؤمنة بنسبة 90% من قبل قوات الأمن في الوقت الطبيعي، وتزيد نسبة التأمين مع الزيارة من خلال فرق التأمين المسبق الذي يُرسل خصيصاً للإشراف على الإجراءات المتخذة لتأمين الزيارة، إلا أنّ تنظيم ولاية سيناء يستطيع استهداف الزيارة، ولو كان ذلك عبر القصف عن بعد"، بحسب المصادر.

وعليه، وفق المصادر، فإنّ رئيس الأركان أقدم على مخاطرة أمنية، بحضوره لمحافظة شمال سيناء، في ظل ما تشهده من أوضاع أمنية متدهورة، ما يشير إلى أنّ زيارته تحمل رسالة مفادها أنّ قيادته للجيش المصري لا تعني المتابعة عن بعد لما يجري في سيناء كما كان سابقاً، بل أنّ المرحلة المقبلة ستشهد اهتماماً أكبر من قبل قيادة الجيش.

ويُذكر أنّ سلفه في قيادة الأركان محمود حجازي، لم يزر محافظة شمال سيناء خلال فترة قيادته لرئاسة الأركان إلا مرة واحدة، لمرافقة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي وصل لسيناء آنذاك بعد هجمات دموية تعرّضت لها قوات الأمن في صيف 2015، ما قد يشير إلى أنّ رئيس الأركان الجديد صاحب توجهات يريد تطبيقها خلال المرحلة المقبلة.

وفي هذا الإطار، قال باحث في شؤون سيناء، إنّ "الرئيس الجديد لأركان الجيش المصري يريد من خلال زيارته لمحافظة شمال سيناء، التأكيد على أنّ الحرب فيها على سلّم أولوياته، وأنّ مرحلته ستشهد تغييراً فعلياً في التعامل مع ملف سيناء، على خلاف ما كان في عهد سابقه".

وأوضح، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "الفريق محمد فريد حجازي يرغب في أن تشهد سيناء تحسّناً أمنياً في عهده، وهذا ما يظهر في قوله، خلال لقائه بالضباط، إنّ من الضروري استعادة الأمن والأمان في سيناء. كما يحمل حديثه اعترافاً واضحاً بأنّها تشهد انفلاتاً أمنياً غير مسبوق، وبذلك يلقي اللوم على القيادة السابقة، ويحتم عليه تغييراً في المشهد الأمني، وكذلك استراتيجيات التعامل مع التنظيم الإرهابي، وطبيعة التعامل مع المدنيين من سكان سيناء".

وأشار إلى أنّه "من أصعب المهمات على أي شخصية تتولى قيادة الجيش المصري، هي مواجهة ما يجري في سيناء بجميع أطرافها: الأمن والمدنيون والتنظيمات وجيران المنطقة من الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ تهرّبت غالبية القيادات الأمنية من المواجهة الحقيقية لما يجري في سيناء، وهذا ما أوصل المشهد إلى الحال التي هي عليه الآن، بتقاسم التنظيم الإرهابي الذي يقدر ببضع مئات للدولة في النفوذ على المناطق بسيناء".

لكن الثابت، بحسب الباحث، أنّ الفريق حجازي سيلتزم بأجزاء من خارطة التعامل الموضوعة بسيناء، وذلك بإبقاء مشاريع أمنية سابقة، كالمنطقة العازلة بين سيناء وقطاع غزة، وكذلك فرض السيطرة عبر مئات الحواجز والكمائن التي قطعت أوصال سيناء، فضلاً عن إبقاء الكلمة الأولى للجيش في مدينتي رفح والشيخ زويد".

ومن أهم النقاط التي يتوجّب على حجازي التركيز عليها، من وجهة نظر المراقبين، أن يسعى إلى كسب المواطن في سيناء إلى جواره، من خلال تغيير التعامل السيئ المفروض منذ سنوات طويلة، هذا في حال أراد إحداث تغيير كبير في المشهد خلال فترة ترؤسه لقيادة الأركان، بتسجيل نقطة مهمة لصالحه.

إلا أن ثمة من يرى أنّ المشهد في سيناء لن يتغيّر، على قاعدة أنّ إبقاء حالة الحرب على الإرهاب فعّالة، وأنّ تغيير الوجوه لا يمكنه تغيير التوجّه العام لدى المؤسسة العسكرية، وأنّ "حجازي الجديد لا يختلف كثيراً عن حجازي القديم".

وتبقى الأسابيع المقبلة كفيلة بإظهار توجهات القائد الجديد على ساحة سيناء، إما بالتغيير الإيجابي لصالح الدولة، أو إبقاء المشهد على حاله، أو تغييرات نسبية في استراتيجيات التعامل بما يخفف من سخونة الأحداث الأمنية التي اعتادت عليها المؤسسة الأمنية طيلة السنوات الأربع الماضية.