تونس تتحسب لوضع ليبي صعب: مخيم للاجئين وتشديد أمني

30 ديسمبر 2019
عزز الجيش من انتشاره على الحدود (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
مع ارتفاع وتيرة المعارك في ليبيا في المناطق القريبة من الحدود التونسية، شرعت السلطات المحلية في المحافظات الحدودية جنوبي تونس بالتهيؤ لاحتواء أي أزمة إنسانية مرتقبة، وتدفق الهاربين من مناطق النزاع، بالتعاون مع منظمات أممية، أعربت عن استعدادها للتدخل إذا اقتضت الأمور ذلك. ويُعَدّ معبر الذهيبة وازن الرابط بين محافظة تطاوين أقصى جنوب البلاد، وبين ليبيا، أهم نقطة ربط برية بين البلدين، التي يمر عبرها الأشخاص، ومن الجهتين، إلى جانب معبر رأس جدير. وتحسباً لأي طارئ إنساني نتيجة تدفق الفارين من الحرب في ليبيا من المدنيين، رفعت اللجنة المناطقية لمجابهة الكوارث من درجة تأهبها للإحاطة بالوضع، ولا سيما مع استمرار المعارك في منطقة صرمان الليبية.

وقال محافظ تطاوين عادل الورغي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المنطقة، التي تشهد حالياً تدفقاً عادياً على مستوى الوافدين من ليبيا عبر المعبر الحدودي، على استعداد تام لأي وضع استثنائي أو طارئ. وأكد الورغي أنّه  اتُّخذَت الاحتياطات، وتعمل على تنفيذها اللجنة المناطقية لمجابهة الكوارث بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي تعهدت بإقامة المخيمات والاهتمام باللاجئين، إذا شهدت المنطقة تدفقاً للوافدين من ليبيا. أما المخيم الذي تعتزم المفوضية إقامته، فيتسع لما يقارب خمسة وعشرين ألف مهاجر، وسيقام في منطقة بئر الفطناسية في رمادة أقصى جنوب البلاد. وشدد الورغي على أن تدفق المسافرين خلال هذه الفترة عادي، وحركة المرور في المعبر ذات نسق طبيعي، ولم تسجل المحافظة بعد توافداً لأشخاص طالبي لجوء أو فارين من الاشتباكات، وإنما تستقبل مسافرين آتين من ليبيا لقضاء بعض الأعمال أو العطل.

وقدّرت منظمات مجتمعية أن الوضع في ليبيا يستدعي الانتباه واليقظة، حتى لا تحدث أزمة إنسانية على حدود البلاد. وفي هذا الصدد، قال الخبير في الشأن الليبي والناشط في الجنوب التونسي مصطفى عبد الكبير، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الأحداث تتسارع في ليبيا وتُمهد لوضع صعب". وأوضح عبد الكبير أن ارتفاع منسوب الاشتباكات في ضوء الصراع بين منطقتي القبائل والصرمان، يُعَدّ مؤشراً على إمكانية فرار سكان تلك المناطق من المعارك، خصوصاً من العمالة الأجنبية والأفريقية التي تقدَّر بنصف مليون عامل في ليبيا، نحو الحدود التونسية. وأشار إلى أن السلطات التونسية عملت بوتيرة مستقرة ومتواصلة منذ سنة 2012 على تركيز استعدادات هامة على الشريط الحدودي، أمنياً وعسكرياً، وهي مدعوة اليوم إلى تعزيزها ودعمها، إضافة إلى التأهب لإمكانية استقبال مهاجرين غير نظاميين قادمين من ليبيا، وستكون وجهتهم الحدود التونسية.
وإذ يراقب الشارع التونسي بقلق بالغ التطورات العسكرية المُحتملة في ليبيا وانعكاسات ذلك على أمن بلادهم، وإمكانية تسلل عناصر إرهابيين إلى التراب التونسي، فإن ذلك يُعَدّ أمراً منطقياً بالنسبة إلى عبد الكبير، الذي اعتبر أن "الوضع الجديد مُقلق بالنسبة إلى التونسيين في فترة يعيشون فيها ضعفاً سياسياً، لعدم دراية الرئيس الجديد قيس سعيّد بالتحديات والرهانات في المنطقة، ما يستدعي استشارة القيادات الأمنية والعسكرية والدبلوماسية أيضاً قبل تنفيذ أي خطوة. فحل الأزمة الليبية لن يتحقق في وقت قصير، بل على مراحل، ما يستوجب الحذر والإحاطة بالمشهد من كل جوانبه". ودعا عبد الكبير الرئيس التونسي إلى التحلي بالحنكة والفطنة للوقاية من انعكاسات الوضع في ليبيا، وتجنيب البلاد أي نتائج سلبية تأتي نتيجة قرارات سياسية أو تصريحات في غير محلها، والتعامل مع الوضع في ليبيا بمبدأ واحد، هو حماية مصالح تونس داخلياً وخارجياً. ولفت إلى أن رئيس الجمهورية والحكومة الجديدة، إثر نيلها الثقة، والبرلمان، تقع على عاتقهم اليوم مسؤولية تاريخية في حماية مصالح البلاد وتجنب المجازفة.

أمنياً، رفع الجيش التونسي من حالة التأهب على الحدود الجنوبية والشرقية تحسباً للتطورات المحتملة للأزمة في ليبيا. وعزز الجيش انتشاره على طول الحدود تحسباً لأي طارئ، وتمكنت قوات الجيش والأمن من توقيف عدد من اللاجئين الذين تسللوا عبر الحدود، وهي عملية تتكرر باستمرار منذ سنوات. وكانت تونس قد طوّرت منظومة مراقبتها لحدودها مع ليبيا خلال السنوات الماضية، وأقامت ساتراً ترابياً وخندقاً مائياً، بالإضافة إلى وضع نظام مراقبة إلكتروني، تحسباً لتسلل مقاتلين أو تسريب أسلحة، بالإضافة إلى التصدي لأنشطة التهريب، وقد نجحت في ذلك بنسبة كبيرة، خصوصاً في القبض على عدد كبير من سيارات التهريب، وكانت تلجأ أحياناً إلى تبادل إطلاق النار مع المهربين.

المساهمون