رفع قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الخاصة بلبنان، دانيال فرانسين، السرية عن قرار صدّق فيه على قرار اتهام صدر بحق سليم جميل عياش، المنتمي إلى "حزب الله"، في ما يتعلق بالاعتداءات التي استهدفت مروان حمادة وجورج حاوي والياس المر بين عامي 2004 و2005.
وبالتصديق على قرار الاتهام هذا، تُفتتح قضية جديدة أمام المحكمة، خصوصاً أن قضية اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط 2005 شارفت على الانتهاء مع ترقب صدور الحكم النهائي في الأشهر المقبلة.
وتم إسناد خمس تهم إلى عياش في قرار الاتهام، وهي: "مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي، جمعية الأشرار، ارتكاب أعمال إرهابية، قتل السادة غازي أبو كروم وجورج حاوي وخالد مورا عمدًا، ومحاولة قتل السيّدين الياس المر، ومروان حمادة، وسبعة عشر شخصًا آخر عمدًا".
وقد أصدر قاضي الإجراءات التمهيدية مذكرة توقيف موجهة إلى السلطات اللبنانية لتنفيذها، ومذكرة توقيف دولية بحق عياش، وقد أحيل قرار الاتهام إلى السلطات اللبنانية التي يقع على عاتقها واجب البحث عن المتهم وتوقيفه ونقله إلى عهدة المحكمة.
ويعني التصديق على قرار الاتهام أن قاضي الإجراءات التمهيدية توصّل إلى اقتناع، استنادًا إلى المواد المؤيدة، بأن الادعاء العام قدّم ما يكفي من الأدلة الأولية لملاحقة عياش وبأن ثمة أسباباً تدعو للشروع في إجراءات المحاكمة. وهذا ليس حكمًا بالإدانة، لأن عياش، وفق توصيف موقع المحكمة، يُعتبر بريئًا إلى أن تثبت إدانته بدون أي شك معقول خلال المحاكمة.
بعد القرار
ويشير موقع المحكمة إلى أنه بعد إيداع المدعي العام قرار الاتهام، ينظر قاضي الإجراءات التمهيدية في القرار، ويفصل في وجود أو عدم وجود أدلة كافية بصورة أولية ضد المشتبه به أو المشتبه بهم، وقد تستغرق هذه العملية أشهرًا عديدة.
ولا تحدِّد قواعد الإجراءات والإثبات مهلة زمنية معيَّنة لينظر قاضي الإجراءات التمهيدية في قرار الاتهام ويفصل فيه، لكن على قاضي الإجراءات التمهيدية أن يعلِم المدعي العام بالتاريخ المحدد للنظر في قرار الاتهام. ويتفاوت الوقت اللازم للنظر في قرار الاتهام حسب الخطوات التالية التي يمكن اتخاذها في الفترة الفاصلة بين تاريخ إيداع قرار الاتهام وتاريخ تصديقه.
ولاحقاً إذا اقتنع قاضي الإجراءات التمهيدية بوجود أدلة كافية بصورة أولية ضد المشتبه به، وجب عليه تصديق قرار الاتهام. وفي حال عدم اقتناعه بوجود أدلة كافية بصورة أولية، يجب عليه ردّ قرار الاتهام. وعلى قاضي الإجراءات التمهيدية أن يعلّل قراره.
القضايا المتلازمة
ويشمل اختصاص المحكمة الأشخاص المسؤولين عن الاعتداءات التي وقعت في لبنان بين 1 أكتوبر/تشرين الأول 2004 و12 ديسمبر/كانون الأول 2005، إذا رأت المحكمة أن هذه الاعتداءات متلازمة مع اعتداء 14 فبراير/شباط 2005 الذي أودى بحياة رفيق الحريري.
وفي عام 2011، أعلنت المحكمة ضم الاعتداءات التي استهدفت مروان حمادة وجورج حاوي والياس المر إلى اختصاصها بوصفها متلازمة مع اغتيال الحريري.
وكان لبنان قد شهد في الفترة بين عامي 2004 و2008 عدة تفجيرات استهدفت شخصيات سياسية وأمنية محسوبة على فريق "14 آذار"، وأخرى استهدفت مناطق سكنية. ومن بينها استهداف الحريري وحاوي وحمادة والمر، إضافة إلى الإعلامية مي شدياق (وزيرة حالياً)، والنائب والصحافي جبران تويني، والوزير بيار الجميل، والنائب وليد عيدو، والنائب أنطوان غانم، والصحافي سمير قصير.
والتفجير الذي استهدف النائب مروان حمادة وقع في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2004، أي قبل التفجير الذي استهدف الحريري، عُدَّ في وقتها رسالة إلى الحريري وكذلك إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بوصفه مقرباً منهما، في توقيت سياسي شهد تصعيداً بين المعارضين للوجود السوري في لبنان، والنظام السوري.
وفي 21 يونيو/حزيران 2005، استُهدف جورج حاوي بعبوة متفجرة في بيروت، أدت إلى مقتله وإصابة شخصين آخرين، ويعتبر حاوي أحد أهم الشخصيات الشيوعية في لبنان والعالم العربي، وكان الأمين العام للحزب الشيوعي في لبنان بين 1979 و1993.
أما المرّ فقد استهدف في 12 يوليو/تموز 2005، بعبوة متفجرة في محلة أنطلياس (شمالي بيروت). وأدى الانفجار إلى مقتل شخص وإصابة المر وأربعة عشر شخصًا آخرين. والمر سياسي لبناني ونجل النائب ميشال المر، وجاء الاستهداف بعد أشهر قليلة من تعيينه وزيراً للدفاع.
من هو سليم عيّاش؟
برز اسم سليم عياش في قضية اغتيال رفيق الحريري، إضافة إلى أربعة عناصر تنتمي إلى "حزب الله"، وفق المحكمة الدولية، وهم: مصطفى بدر الدين، وحسين حسن عنيسي، وأسد صبرا، وحسن مرعي.
وعيّاش من مواليد 10 أكتوبر/تشرين الثاني 1963، في بلدة حاروف الجنوبية، وكان المسؤول عن الخلية التي نفذت عملية اغتيال الحريري وشارك شخصياً فيها، بحسب ما أعلن في المحكمة الدولية، التي يجري محاكمته أمامها بصورة غيابية، بعد أن قررت غرفة الدرجة الأولى ذلك في عام 2012، نظراً إلى تواريه عن الأنظار.