النظام السوري يهدد تركيا بـ "دفاعات جوية جديدة"..محللون: رسالة إعلامية لا أكثر

06 فبراير 2018
"تهديدات" النظام مجرد فرقعات إعلامية (عارف وتد/ فرانس برس)
+ الخط -
تشابكت خيوط الصراع في شمال غربي سورية، إذ تتجه الأوضاع إلى مزيد من التأزيم في ظل ظهور نذر تصعيد بين النظام السوري من جهة، والجانب التركي من جهة أخرى ليس بعيدا عنه الروس والإيرانيون الذين يحاولون عرقلة تنفيذ اتفاقات أستانة.

وأثارت عملية "غصن الزيتون" واسعة النطاق التي يقوم بها الجيش التركي بـ "مباركة روسية" هواجس إيران والنظام، ما دفع الأخير إلى الإعلان عن نيته نشر دفاعات جوية في شمال غربي سورية في محاولة لردع الطيران التركي عن تنفيذ مهام له في تلك المنطقة، لكن محللين عسكريين يقللون من أهمية هذا الإعلان، مشيرين إلى أنه رسالة إعلامية لا أكثر، مؤكدين قدرة الجيش التركي على تعطيل أي منظومة صواريخ يمكن أن تنشرها قوات النظام.

ونقلت وكالة "رويترز" عمن وصفته بـ"قائد في التحالف العسكري الداعم للرئيس بشار الأسد" قوله أمس الإثنين "إن الجيش السوري ينشر دفاعات جوية جديدة وصواريخ مضادة للطائرات على الجبهات في منطقتي حلب وإدلب"، مضيفا: "الجيش السوري يستقدم دفاعات جوية جديدة وصواريخ مضادة للطائرات إلى مناطق التماس مع المسلحين في ريفي حلب، وإدلب بحيث تغطي المجال الجوي للشمال السوري"، وفق المصدر.

ويأتي إعلان النظام في خضم عملية "غصن الزيتون" التي يقودها الجيش التركي وتستهدف طرد الوحدات الكردية من منطقة عفرين شمال غربي حلب، وهو ما اعتبره النظام "عدوانا" من قبل تركيا، مهددا بالرد عليها.

من جانبه، يرى المحلل العسكري السوري، العميد أحمد رحال، أن ما صدر عن النظام بخصوص نشر دفاعات جوية في حلب وإدلب "ليس رسالة عسكرية، بل إعلامية ليس أكثر"، مضيفا في حديث مع "العربي الجديد" إنه "لدى النظام منظومة صواريخ (إس 200) موجودة في ريف حمص تغطي شمال سورية، فلماذا ينشر دفاعات في حلب وإدلب؟".

وأشار رحال إلى أن منظومات الدفاع الجوي لدى النظام "متهالكة وغير صالحة، ولا تصلح لصيد العصافير" ولاسيما منظومتي "سام"، و "بيتشورا" مضيفا: "هذا الإعلان جاء رسالة واضحة للجيش التركي الذي يتقدم في محيط عفرين، وخاصة أن المعارضة السورية لا تملك أسلحة جوية". وأكد رحال أن منظومة "كورال" التركية جمدت منظومتي "إس 300"، و"إس "400 الروسيتين، مضيفا: "ومن ثم لا قيمة لأي منظومة صواريخ أو دفاعات جوية ينشرها النظام في شمال وشمال غربي سورية، حيث لا تشكل أي تهديد لتركيا".

وأقام الجيش التركي الاثنين موقعا عسكريا جنوب غربي مدينة حلب السورية، بموجب اتفاقات مسار أستانة التي حددت مناطق خفض التوتر في سورية، كما حددت نقاط مراقبة تركية وروسية على تخوم هذه المناطق، ولكن النظام يرفض إقامة الجيش التركي نقاط مراقبة داخل الأراضي السورية ويسعى للحيلولة دون ذلك. وأعلن الجيش التركي الثلاثاء مقتل جندي تركي وجرح 5 آخرين، في هجوم "إرهابي" وقع الاثنين على نقطة المراقبة رقم "6" الجاري تأسيسها في محافظة إدلب شمال غربي سورية، موضحا في بيان أن من وصفهم بـ "الإرهابيين" أغاروا على نقطة المراقبة بقذائف الهاون، مشيرا إلى أنّ المدفعية التركية "قصفت مواقع الإرهابيين، ردا على هجومهم".

وقامت مليشيات إيرانية متمركزة جنوب غربي حلب منذ أيام باستهداف رتل عسكري تركي كان متوجها إلى تلة العيس، لإقامة مركز مراقبة لمنطقة خفض التوتر الرابعة التي تشمل إدلب وريف حلب الغربي، حيث يعد هذا المركز أعمق نقطة يصل إليها الجيش التركي في الجغرافيا السورية.

وتفرض مليشيات إيرانية سيطرة كاملة على مناطق واسعة من ريف حلب الجنوبي والجنوبي الغربي، وسعت كثيرا للوصول إلى بلدتي كفريا والفوعا الشيعيتين بالقرب من إدلب ولكنها فشلت أمام تصدي قوات المعارضة لها. وما كانت هذه المليشيات لتجرؤ على استهداف رتل تركي من دون أوامر من الحرس الثوري الإيراني الذي تتبع له، ما يؤكد توجس طهران من ترسيخ وجود تركي في محيط مدينة حلب.

وجاء الإعلان عن نشر دفاعات جوية في تلك المنطقة كمحاولة ردع تبدو ليست ذات جدوى للجانب التركي الذي ينفذ تفاهمات مع الروس تخص شمال غربي سورية تمت في مفاوضات أستانة، حيث تعد أنقرة الضامن للمعارضة السورية.



وتحول الشمال الغربي السوري إلى ميدان مفتوح للصراع بين مختلف اللاعبين في الأزمة السورية، حيث اختلطت أوراق المشهد العسكري، في ظل إصرار تركي على المضي في عملية "غصن الزيتون" وتصعيد روسي ضد المعارضة في إدلب يدفع ثمنه المدنيون، وتوجس إيراني من وصول الجيش التركي إلى مناطق تعتبرها طهران مناطق نفوذ لها في الشمال السوري. ولكن ليس من المتوقع أن توافق موسكو على تزويد النظام بأنظمة صواريخ تهدد الطيران التركي، حيث يربط الطرفان تفاهم في منطقة يشتد الصراع عليها، مع بروز دور أميركي هدفه دفع الروس إلى مزيد من الاستنزاف، تجلى في إسقاط طائرة روسية كل المعطيات تشير إلى أن واشنطن ليست بعيدة عن هذا الفعل الذي دفع الروس إلى معاودة ارتكاب المجازر بحق مدنيين سوريين، وتعقيد الصراع أكثر.