الذكرى الثالثة لاغتيال قادة "أحرار الشام"... ماذا تبقى من الحركة؟

09 سبتمبر 2017
ظلت الحركة مرتبكة إلى أن تم إضعافها (فرانس برس)
+ الخط -
تمرّ الذكرى الثالثة لاغتيال قادة حركة "أحرار الشام" الإسلامية وسط ظروف هي الأسوأ بالنسبة للحركة التي بلغت اليوم درجات غير مسبوقة من الضعف منذ تأسيسها في نهاية العام 2011 على يد الراحل حسان عبود "أبو عبد الله الحموي"، انطلاقاً من منطقة سهل الغاب في ريف حماة وسط سورية.

وقد قتل في عملية التفجير، التي ما زال يلفها الغموض حتى الآن، العشرات من قادة الحركة، إضافة إلى عبود مثل أبو يزن الشامي، أبو طلحة المخزومي، أبو عبد الملك الشرعي، أبو أيمن رام حمدان القائد العسكري، محيي الدين الشامي نائب حسن عبود، أبو حمزة، أبو أيمن الحماوي، أبو سارية الشامي، أبو يوسف بنش، طلال الأحمد تمام وأبو الزبير الحماوي.

ومنذ تلك المقتلة الجماعية لقيادتها، لم تتعاف الحركة من نتائجها، وظلت تعيش حالة ارتباك وانحدار إلى أن تم إضعافها بدرجة كبيرة، خلال المواجهة الأخيرة مع "هيئة تحرير الشام" في إدلب، حيث تشظت من جديد من خلال موجة الانشقاقات عنها، والتي شملت أكثر من 13 لواء وكتيبة عسكرية، فضلا عن التحاق كثير من قادتها بـ"هيئة تحرير الشام".

 وعانت "أحرار الشام" خلال الفترة الماضية من ارتباك فكري خلال الصراع الذي لم يحسم حتى الآن بين الخطين الجهادي والوطني داخل الحركة، والذي كانت الحلول المطروحة دائما للتعامل معه هو محاولة إمساك العصا من المنتصف، ما جعل الحركة تخسر من كلا الجانبين، المتشددين والمعتدلين، وهو ما دفعها إلى اختيار قيادة جديدة، لم تنجح أيضا في كسر حالة الارتباك هذه، بل كرستها إلى حد بعيد، من خلال اختيار الشيخ حسن صوفان لقيادة الحركة خلفا لقائدها السابق علي العمر.

وصوفان محسوب على الرعيل الأول من القادة السلفيين في الحركة، وقد خرج من سجن صيدنايا العام الماضي فقط في عملية تبادل بين الحركة والنظام بعد 12 عاما أمضاها في السجن. وكان في السجن مقربا من مؤسس الحركة، حسان عبود، وهو صهر رئيس المكتب السياسي الأسبق فيها، محب الدين الشامي، وقد قتل الاثتان بتفجير مقر قيادة الحركة عام 2014.

ويصف البعض صوفان بأنه شخص توافقي، في حين رأى آخرون أن اختياره يمثل انحيازا للفكر المتشدد في الحركة. ويرى قادة الحركة ومنهم عضو المكتب السياسي لؤي عبد الملك المعروف باسم "أبو يزن" في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، أن الحركة حسمت هويتها الفكرية منذ زمن ووجهت بوصلتها باتجاه الشعب لتكون حركة شعبية وطنية وليست جهادية عابرة للحدود.

 وأعتبر أن "التغيرات الأخيرة في الصف الأول لا تعني تغييراً في هوية الحركة الفكرية، وإنما تصحيحا لمسارها عبر وضع قيادة جديدة للحركة تعطى فرصة للتغيير، وإعادة الحركة لدورها في حماية السوريين من كل أشكال الظلم".

ورأى أن التبدّل في خطاب الحركة من خلال مناداتها بالمشروع الوطني ليس جديداً، وإنما هذا التحوّل بدأ منذ عام 2014 قبل مقتل قيادات الحركة الرئيسيين، حيث تجسّد التغيّر حينها من خلال التوقيع على ميثاق الشرف الثوري، الذي تواثقت عليه معظم مكونات الثورة.

 وكان من أبرز بنود الميثاق أن "محددات وضوابط العمل الثوري مستمدة من الشرع الحنيف، وأهمية الحفاظ على وحدة التراب السوري، وأن مشروع الفصائل هو مشروع ثوري وطني ليس مشروعاً عابراً للحدود".

 وكانت حركة "أحرار الشام"، حاولت قبل الضربة الأخيرة التي تلقتها على يد "هيئة تحرير الشام" تسريع عملية التحول الداخلي فيها، من خلال رفع علم الثورة السورية على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، حيث قررت اعتماد علم الثورة راية موحدةً لها، إضافة إلى اعتمادها القانون العربي الموحد للقضاء في جميع المحاكم التابعة لها في سورية.

ويرى مراقبون أن الانهيارات السريعة في صفوف الحركة عقب المواجهات المحدودة مع "هيئة تحرير الشام"، من خلال انشقاق الألوية والكتائب المهمة في الحركة في الأيام الثلاثة الأولى من الهجوم على معاقلها، والتحاقها بهيئة تحرير الشام، مردها إلى وجود أزمة قيادة في الحركة، التي لم تستطع التعافي من آثار الضربة القوية التي تلقتها عام 2014 إثر اغتيال قادتها.

ويعتقد بعض الكتاب المرتبطين بـ"الحركة أنه تم إضعافها والسعي لإنهائها بقرار دولي واضح، باعتبارها حركة إسلامية وسطية مقبولة شعبياً واجتماعياً، وتمكنت من إقامة علاقات دولية متزنة مع الكثير من الدول، ولم تنجح المحاولات لدمغها بالإرهاب، كما لم تنجح الضغوط لترويضها لتكون أداة بيد القوى الخارجية".

ويشير هؤلاء إلى أنه عندما قررت الحركة التوجه للشعب و"الجيش الحر" أول مرة، قُتِلَ قادتها جميعاً، ‏وعندما تبنت أهداف وعلم الثورة والقانون الموحد، تم القضاء عليها.

المساهمون