لولوة الخاطر: تعنت دول الحصار يعرقل مساعي حل الأزمة الخليجية

05 يونيو 2019
لولوة الخاطر: خيارات دولة قطر مفتوحة ومتنوعة (العربي الجديد)
+ الخط -
حذرت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر من أن "استمرار الأزمة الخليجية من شأنه تقويض مجلس التعاون الخليجي وجعل انتهاكات حقوق الإنسان هي الوضع القائم الجديد". وقالت الخاطر، في مقابلة مع "العربي الجديد"، بمناسبة مرور عامين على حصار قطر والأزمة الخليجية، إن "من أهداف تطبيع الأزمة من قبل دول الحصار إلحاق الضرر باقتصاد دولة قطر ومشاريعها التنموية، وهو الأمر الذي فشلت فيه دول الحصار، بالرغم من محاولاتها الحثيثة". وأكدت أن قطر "لا تود القطيعة، ذلك لأن هناك روابط أقوى في المنطقة الخليجية، وهي الروابط الأسرية التي لا يمكن أن تُقطع حتى مع استمرار الأزمة لعامين حتى الآن". وقالت "حينما يتعلق الأمر بالاجتماعات على المستوى العسكري والأمني في إطار التعاون العربي، والإسلامي، والدولي، وحتى على مستوى مجلس التعاون (الخليجي)، فإن دولة قطر ملتزمة بالتعاون والاجتماعات على هذا الصعيد".


وأضافت أن خيارات دولة قطر مفتوحة ومتنوعة، ونحن نقيم استراتيجياتنا بالفعل، ومن غير الاعتماد على دول الحصار، حتى وإن عادت العلاقات. إلا أننا ندرك بأن استمرار الأزمة الخليجية بين حجم تصدع منظومة مجلس التعاون التي يُفترض أن تكون اللاعب الأول في معالجة الأزمات وتقريب وجهات النظر بين دول المجلس. لذا فقد رحبنا دائماً بالحوار البناء القائم على أسس احترام السيادة.

* بعد عامين من الأزمة الخليجية، هل تم تطبيع الأزمة والحصار؟

- منذ أن ابتدأت الأزمة الخليجية سعت دول الحصار إلى تطبيع الوضع القائم من خلال سلسلة من الإجراءات المجحفة ضد المواطنين القطريين، والانتهاكات التي ترتكبها ضد المبادئ الإنسانية والقانون الدولي. ومن أهداف تطبيع الأزمة من قبل دول الحصار إلحاق الضرر باقتصاد دولة قطر ومشاريعها التنموية، وهو الأمر الذي فشلت فيه دول الحصار، بالرغم من محاولاتها الحثيثة. إن من شأن استمرار تطبيع الأزمة تقويض مجلس التعاون الخليجي وجعل انتهاكات حقوق الإنسان هي الوضع القائم الجديد.

* إذن هل نحن نتجه في الخليج، بعد عامين من الأزمة، إلى القطيعة؟
- لا بد من القول إن دولة قطر تتبع سياسة الأبواب المفتوحة حول الحوار والتفاهم السياسي وتقريب وجهات النظر. ودولة قطر لا تود القطيعة، ذلك لأن هناك روابط أقوى في المنطقة الخليجية، وهي الروابط الأسرية التي لا يمكن أن تُقطع حتى مع استمرار الأزمة لعامين حتى الآن، وذلك لم يثنِ الكثير من شعوب دول الحصار عن التواصل مع أهلهم وأصدقائهم من القطريين. فبالرغم من محاولات دول الحصار تطبيع القطيعة وتطبيع الأزمة الخليجية، من خلال ما تم سنه من قوانين حول "منع التعاطف مع قطر"، إلا أن شعوب المنطقة أثبتت مدى متانة وصلابة الوشائج الاجتماعية. حينما يتعلق الأمر بالاجتماعات على المستوى العسكري والأمني في إطار التعاون العربي، والإسلامي، والدولي، وعلى مستوى مجلس التعاون، فإن دولة قطر ملتزمة بالتعاون والاجتماعات على هذا الصعيد. ومن المفارقات هنا أن دول الحصار استسهلت قطع الأرحام، لكنها على استعداد تام للجلوس على الطاولة للتنسيق الأمني مع الولايات المتحدة الأميركية.



* لماذا توقفت جهود الوساطة الكويتية، حيث لم نعد نشهد أي اتصالات جديدة لأمير الكويت بهذا الشأن؟
- بالطبع لا بد من شكر أمير دولة الكويت الشقيقة، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ونقدر جهوده الحثيثة على الدور الذي يقوم به في الوساطة بين دول مجلس التعاون. جهود الوساطة الكويتية لم تتوقف يوماً. ومنذ بدء الأزمة الخليجية، ودولة الكويت لم تألُ جهداً في إيجاد حلول ممكنة لتقريب وجهات النظر وأداء دور فعال، من خلال وساطتها بين دولة قطر ودول الحصار، إلا أن تعنت دول الحصار في سلوكهم المستمر بالتصعيد، وعدم مقدرتهم على التراجع عن الخطوات التي اتخذوها ضد دولة قطر، ساهم في عرقلة جهود المساعي الكويتية للوساطة.

* ماذا عن الجانب الأميركي أيضاً. يبدو أن الأفكار الأميركية لجمع أطراف الأزمة الخليجية قد تم رفضها، ولم يعد أحد يتحدث عنها أو يتحدث أيضاً عن الناتو العربي؟

- النزاع الخليجي طال أمده كما صرح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، كما نعلم جميعاً. ونحن في دولة قطر، وفي الولايات المتحدة كذلك، نؤمن بأن إطالة أمد النزاع والفرقة الخليجية من شأنها تقويض المصالح والأمن في المنطقة. أما في ما يتعلق بالناتو العربي، فلم يعد أحد يتحدث عنه، على الرغم من أن واشنطن تقود هده الجهود، علماً أن بعض الأطراف أقل حماسة لهذه الفكرة، كما تبين من انسحاب مصر من اجتماع الرياض المتعلق بالناتو العربي. الولايات المتحدة سعت ودعت جميع الأطراف للحل، واستجابت دولة قطر لذلك، لكننا استغربنا تعنت دول الحصار. كما حاول الجانب الأميركي السعي إلى لم شمل الأسر وإعطاء المواطنين والمقيمين حقوقهم في الحج والعمرة كخطوة حسن نية من الطرف الآخر. لكننا ما زلنا نرى تعنت دول الحصار، التي استجابت للجانب الأميركي في ما يتعلق بالتنسيق في الشؤون الأمنية. وفي المقابل، تولي دول الحصار أهمية أقل لما من شأنه رأب الصدع على المستوى الشعبي.

* ما هي خيارات قطر في ظل استمرار الأزمة الخليجية وعدم التوصل إلى حلول جذرية لها؟
- خيارات دولة قطر مفتوحة ومتنوعة، ونحن نقيم استراتيجياتنا بالفعل، ومن غير الاعتماد على دول الحصار، حتى وإن عادت العلاقات. إلا أننا ندرك بأن استمرار الأزمة الخليجية بين حجم تصدع منظومة مجلس التعاون التي يُفترض أن تكون اللاعب الأول في معالجة الأزمات وتقريب وجهات النظر بين دول المجلس، لذا فقد رحبنا دائماً بالحوار البناء القائم على أسس احترام السيادة.

* هل برأيك ستدفع التطورات الإقليمية وتصاعد التهديد في منطقة الخليج دول الحصار إلى إعادة النظر في قرارها رفض الجلوس حول طاولة الحوار، أو قد تدفع قطر إلى إعادة النظر في خياراتها؟
- دولة قطر ملتزمة بمبدأ عدم الإخلال بسيادة الدول وفرض أي نوع من الوصاية أو الإملاءات عليها، منذ اليوم الأول في الأزمة الخليجية وحصار قطر. لا يمكننا الحديث عن نوايا دول الحصار، لكن خيار دولة قطر منذ بداية الأزمة، يتمثل بالحوار دون شروط مسبقة، وهو الأمر الذي ما زلنا نؤكد عليه دائماً. أما في ما يتعلق بالتطورات الراهنة، فدولة قطر حريصة كل الحرص، وتتواصل مع جميع الأطراف، للتهدئة ووقف أي تصعيد محتمل، فالمنطقة لا تتحمل أي توتر، ولذا نزع فتيل التوتر وتقريب وجهات النظر والعمل على إيجاد حلول منطقية ودبلوماسية هو الحل الأمثل في الوقت الحالي.

* كيف ترين قطر بعد عامين من الأزمة الخليجية، وكيف ترين واقع دول الحصار أيضاً؟
- دولة قطر مستمرة في المضي قدماً والعمل على قدم وساق في تنفيذ مشاريعها، سواء أكانت مشاريع كأس العالم أم غيرها. وقد كانت الأزمة الخليجية، ولا تزال، اختباراً لصلابة وقوة دولة قطر في التعامل مع الأزمات، وقد تخطينا تبعات الأزمة التي كانت دول الحصار تود إلحاق الضرر من خلالها بدولة قطر. دولة قطر اليوم تشهد تحقيق اكتفاء ذاتي عالٍ في ما يتعلق بإنتاج الغذاء، كما أن مشاريع دولة قطر وخططها التنموية لم تتأثر، ونجحت دولة قطر في توريد كل المواد اللازمة التي كانت تستوردها من دول الحصار. وبالرغم من محاولات دول الحصار الحثيثة لتشويه استضافة قطر لكأس العالم في 2022، إلا أن المشاريع والخطط لكأس العالم تسير في المواعيد المحددة، بل في أحيان كثيرة قبل المواعيد المقررة. فعلى سبيل المثال، ملعب خليفة الدولي افتتح في مايو/ أيار 2017، خمسة أعوام قبل موعده المقرر. كما افتتحت دولة قطر ملعب الجنوب، وهو أحد ملاعب كأس العالم، بتاريخ 16 مايو/ أيار 2019، حيث يبلغ حجم استيعابه 40000 شخص، وما زالت دولة قطر ضمن أكبر المصدرين للغاز المسال، وثاني أكبر مصدر لغاز الهيليوم على مستوى العالم. وبحسب صندوق النقد الدولي، فإنه من المتوقع نمو الناتج المحلي الحقيقي في العام 2019 بنسبة 3.1 في المائة مع نمو قوي في القطاع غير الهيدروكربوني. وتشير تقارير البنك الدولي إلى أن دولة قطر هي الأولى خليجياً في نمو الناتج المحلي في 2018، كما أن القطاع الاقتصادي غير النفطي نما في النصف الأول من العام 2018 بواقع 5 في المائة. وبحسب البنك الدولي، فمستوى البطالة منخفض، بواقع 0.1 في المائة لإجمالي قطاع القوى العاملة. أما معدل البطالة للنساء فلا يتجاوز 1.8 في المائة.

ودشنت دولة قطر أول خط لمترو الدوحة في مايو الماضي. كما قامت بتغييرات عديدة في التشريعات والقوانين، وذلك إيماناً منها بالحاجة إلى إصلاحات مستمرة، وللمضي قدماً بعجلة التطوير المستمر الحاصل في دولة قطر. فعلى سبيل المثال، قامت دولة قطر بإصلاحات في ما يتعلق بقانون العمل، وقانون التملك والاستثمار، وقانون الإقامة الدائمة. كما قدمت قطر قانون اللجوء السياسي هذا العام، وهو قانون يعد الأول من نوعه في المنطقة. وكما ترون من الأرقام والمعلومات السابقة، على سبيل المثال لا الحصر، فالحصار وكل ما حاولت دول الحصار عمله لعرقلة مشاريع دولة قطر وتشويه صورتها، لم ينعكس بالسلب عليهم فحسب، بل أيضاً لم يؤثر بالسلب على مشاريع دولة قطر وخططها التي لا تزال قائمة ولم تثنِ دولة قطر عن المضي قدماً. وبالنسبة لدول الحصار، فإننا نأسف على استمرار الحال الذي آلت إليه دول الحصار، واستمرارهم في التضليل والتصعيد على مستويات شتى، حتى في شهر رمضان، فلم تتوان دول الحصار عن تسييس هذا الشهر من خلال الإعلام. ومن الملاحظات المؤسفة أن يتم استغلال شهر رمضان مرة أخرى من خلال الإعلام والبرامج التلفزيونية لبث الفرقة والفتنة في شهر التآخي والتعاطف. وبالطبع فإن للحكومات سياساتها واختياراتها، ولكن الذي لم نشهده قط في تاريخ العمل الخليجي والعربي هو الزج بهذه الطريقة الفجة بشعوب المنطقة.

نبذة عن الخاطر

* عينت لولوة بنت راشد الخاطر في منصب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية في العام 2017.
* انضمت إلى وزارة الخارجية القطرية بمنصب وزير مفوض، كما سبق لها العمل مديرة للتخطيط والجودة في الهيئة العامة للسياحة ومديرة للمشاريع البحثية في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.
* إلى جانب مهامها الرسمية، عملت محللة مستقلة للسياسات العامة، إذ شاركت في تحرير كتاب بعنوان "صنع السياسة في دولة تحولية: حالة قطر"، وهو كتاب تم نشره من قِبل دار "بالغريف ماكميلان للنشر". كما كتبت كتاباً آخر بعنوان "مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل: دراسة حول مشكلات سوق العمل في دول مجلس التعاون وسبل التعامل معها" ونشر عن طريق الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي.
* عملت محاضرة في معهد الدوحة للدراسات العليا، وهي باحثة مشاركة في منتدى أكسفورد لدراسات الخليج والجزيرة العربية، كما أنها عضو مجلس إدارة في معهد الدراسات الفلسطينية.
* حاصلة على درجة الماجستير في العلوم في الحوسبة ودرجة الماجستير في الآداب في السياسة العامة، وهي مرشحة في جامعة أكسفورد في مجال الدراسات الشرقية، وتُركز في رسالة الدكتوراه على مسألة الإسلام والحداثة في سياق النهضة العربية.