القصة الكاملة لـ"صفقة" حرية الأمير متعب بن عبدالله مقابل المال

29 نوفمبر 2017
شقيق الأمير نسّق من باريس تفاصيل الصفقة(بيرتراند غاي/فرانس برس)
+ الخط -
أصبح الأمير متعب بن عبدالله، وزير الحرس الوطني السابق ونجل العاهل السعودي الراحل، أول الخارجين من (سجن– فندق) الريتز كارلتون في الرياض ضمن صفقة "الحرية مقابل المال"، إذ توجه ظهر الثلاثاء إلى قصره في الرياض بعدما عقد صفقة تنازل بموجبها عن أموال وممتلكات مقابل الإفراج عنه. 

وتوصل الأمير متعب، بحسب مصادر "العربي الجديد"، إلى "تسوية" سياسية واقتصادية مع السلطات السعودية، التي أصبحت بيد ولي العهد، محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد.

وفي تفاصيل هذه الصفقة، والتي علم بها "العربي الجديد"، فإن من تولى تنسيق الصفقة/ التسوية بين الأمير متعب والسلطات السعودية كان شقيقه الأمير عبد العزيز بن عبدالله، نائب وزير الخارجية والابن الخامس من أبناء الملك الراحل عبد الله، والذي قالت مصادر إنه فرّ إلى فرنسا خوفاً من الملاحقة وللحصول على "وضع تفاوضي أفضل" له ولأخوته مع السلطات السعودية.

وذكر مصدر من داخل المعارضة السعودية، لـ"العربي الجديد"، أن الأمير متعب لم يتحمل تكلفة "فدية" خروجه وحده، بل إن أشقاءه وشقيقاته وحاشيته دفعوا مبالغ متفاوتة معه، مشيراً إلى أن المبلغ الإجمالي للأراضي والأموال النقدية المتنازل عنها من قبل متعب وحاشيته وصل إلى 10 مليارات دولار، منها فنادق الأمير الموجودة في فرنسا، وأراضيه الممتدة في المناطق السعودية.

من جانب آخر، أفاد مسؤول سعودي، اليوم الأربعاء، بإطلاق سراح الأمير متعب بعد التوصل إلى اتفاق تسوية وصفه بـ"المقبول"، يقضي بدفع أكثر من مليار دولار، وفق "رويترز".  

غير أن مصادر "العربي الجديد" أكّدت أن الصفقة تضمنت جانباً سياسياً مهماً، تمثل في عزل متعب من كافة المناصب العسكرية والإدارية التي يحملها، وابتعاده عن العمل السياسي نهائياً، مع تقييد حركته بين أماكن إقامته وإقامة أخوته في الرياض وجدة، وابتعاده عن الحاشية المؤيدة له، والتي صنعها طوال فترة تواجده كوزير للحرس الوطني، الذي يعد أحد أكبر الأجهزة العسكرية في البلاد.

والأمير متعب (65 عاماً) كان من بين عشرات من أفراد الأسرة الحاكمة والوزراء والمسؤولين الحاليين والسابقين الذين اعتقلتهم السلطات في إطار حملة اعتقالات تستهدف في جانب منها توطيد سلطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. 

ومن المرجح أن تتوالى في الأيام القادمة صفقات التنازل من قبل رجال الأعمال والأمراء الذين يحتجزهم محمد بن سلمان في الريتز كارلتون، خصوصاً وأنه قد صرح بأن 95% من المعتقلين قد وافقوا على عقد تسوية اقتصادية معه، فيما لا يعرف حتى الآن مصير الأمير الوليد بن طلال بخصوص قبول التسوية أو عدمه.

كما علم "العربي الجديد" أنه تم الإفراج عن رئيس المراسم الملكية السابق في السعودية، محمد الطبيشي، ومغادرته فندق "ريتز كارلتون"، بعد تسوية تمت مع الدولة.
وكانت الدولة قد قايضت حرية الطبيشي بحيازتها مبلغًا ضخمًا قُدّر ببضعة مليارات. وراجت أنباء عن أن التسوية رست على مبلغ 6 مليارات ريال. وكذلك آلت مزرعته الشهيرة المسماة بـ"السامرية"، في منطقة الوصيل، شمال الرياض، والتي تكفل الديوان بتشييدها، في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، للدولة بعد تحويل ملكيتها البارحة، علمًا بأن قيمتها تقدّر بأكثر من 400 مليون ريال.

ويعتبر المبلغ ضخمًا جدًا لمسؤول في الدولة لم يُعرف عنه نشاط تجاري. ويتوقع أن يتوالى الإفراج عن المحتجزين في غضون الأيام القليلة المقبلة.

وكان الطبيشي قد تمت إقالته على الفور بعد ضربه أحد المصورين الصحافيين أثناء استقبال العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، نظيره المغربي، الملك محمد السادس، وهي الحادثة التي تمّ تداول المقطع الذي يصوّرها على نطاق واسع حينها.

ويحسب الطبيشي على فريق الملك عبدالله، الذي شهد تهميشًا بعد وصول الملك سلمان للحكم.

من جهة ثانية، ذكر مسؤول سعودي مشارك في حملة الاعتقالات، في حديث نقلته "رويترز"، أن ثلاثة أشخاص آخرين على الأقل أبرموا، أيضاً، اتفاقات تسوية.

وتابع المسؤول ذاته أن النائب العام قرر أيضاً الإفراج عن عدد من الأفراد ومقاضاة ما لا يقل عن خمسة أفراد. ولم يذكر المسؤول أي تفاصيل عن أسمائهم.

ويتوقع أن يتم الإفراج كذلك عن الابن الآخر للملك الراحل عبدالله، أمير الرياض السابق، تركي بن عبدالله، في أية لحظة، بعد تجاوبه مع المحققين، واستعداده التام للوصول إلى تسوية مع لجنة "مكافحة الفساد".

وشهد موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" احتفاء بخروج الأمير من قبل مقربين منه بعد احتجازه لأكثر من ثلاثة أسابيع، إذ غرّدت الأميرة بسمة بنت عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، ابنة العاهل السعودي الراحل وشقيقة الأمير، أن شقيقها قد أفرج عنه أخيراً.

وكتبت الأميرة نوف بنت عبدالله بن محمد آل سعود، وهي شقيقة زوجته على حسابها في موقع "تويتر"، "الحمد والفضل والمنة لله رب العالمين. دمت لنا سالماً يا أبا عبدالله".

ويقول المراقبون إنّ حملة اعتقالات الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال التي دشّنها بن سلمان مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وكان أحد المحتجزين فيها الأمير متعب بن عبدالله، المرشّح سابقًا لتولي منصب ولاية العهد فترة حكم أبيه، كانت تهدف إلى أمرين: الأول هو التخلص من قوته السياسية والعسكرية الممثلة بوزارة الحرس الوطني، والتي تهدد وصول ولي العهد محمد بن سلمان إلى عرش المملكة. والثاني هو الحصول على مليارات الدولارات من الأموال المتراكمة في رصيد ثروته، وهو ما لم يخفه بن سلمان أثناء مقابلته الصحافية مع "نيويورك تايمز".



دلالات