وكشفت شهادة الضابطين أنه "ليست بالضرورة إعادة النظر في تقييم وتحديد موقع ما تم إدراجه في (بنك الأهداف) من جهة إذا كان لا يزال يستوفي شروط كونه هدفاً، أو أنه لم يعد يشكل مقراً أو مركزاً لحركات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة".
وفي هذا الصدد، يؤكد التقرير، نقلاً عن مصادر في الجيش، أنّ مجرد وجود اسم معلن مسبقاً للتصعيد الذي أعقب اغتيال أبو العطا، وأُطلق عليه مسمى "الحزام الأسود" في يومي 12 و13 أكتوبر/تشرين الأول، في دير البلح، وقتلت خلاله عائلة السواركة، يؤكد الدوافع والأسباب السياسية وراء عملية كهذه.
ووفقاً لهذا السياق، يكشف التقرير، بناءً على شهادة الضابطين في سلاح الجو الإسرائيلي "أ" و"ب" بحسب ما أسماهما التقرير؛ أنّ الجيش طُلب منه قبل عملية اغتيال أبو العطا، وبشكل مفاجئ، إعداد "بنك أهداف" لمواقع تابعة لحركة "الجهاد الإسلامي"، مع أنّ الحركة لم تكن حتى ذلك الوقت تحتل اهتماماً كبيراً لدى الجيش، باعتبارها، وبحسب التقرير، حركة "صغيرة" في قطاع غزة وليست ذات أهمية مقارنة بحركة "حماس". وأشار التقرير إلى أنّ الأهداف التي تم إدراجها في "بنك الأهداف" لم تكن ذات قيمة عسكرية كبيرة كالتي ادعت الجهات الرسمية وجودها.
وأشار التقرير أيضاً إلى أنّه خلال عدوان "الجرف الصامد" على غزة، عام 2014، والذي استمر 51 يوماً من دون أن يحقق الاحتلال فيه نصراً، وصل الوضع في الجيش إلى المطالبة بتحديد أهداف جديدة بعد أن كاد "بنك الأهداف" يفرغ، وكان المطلوب إيهام الطرف الفلسطيني بأنّ الضرب سيستمر لوجود أهداف كثيرة.
من جهة أخرى، لفت التقرير، إلى أنّ المستوى السياسي في إسرائيل، كان يطلب خلال هذه الجولات التصعيدية، باستمرار، من الجيش والاستخبارات العسكرية، تحديد مزيد من الأهداف التي تكون جاهزة لضربها في أي جولة تصعيد أو عند أي رد إسرائيلي على إطلاق صواريخ من القطاع باتجاه دولة إسرائيل.
وكشف تقرير "هآرتس" أنه في كثير من الحالات التي يدعي فيها المستوى السياسي في إسرائيل، بأنّ جيش الاحتلال وجّه ضربات لأهداف نوعية، "يكون هذا الادعاء غير صحيح على الإطلاق"، مشيراً إلى أن "الحديث أحياناً عن إصابة مركز تدريب لحركة حماس، يكون في الواقع لا يتعدى ضرب منطقة يستغلها عناصر الحركة للرياضة أو تدريبات عادية، ولا تكون قاعدة أو معسكر تدريب".
وانتقد التقرير، في ظل هذه المعطيات، المقاييس التي يحددها المستوى السياسي، وتدخله لفرض أهداف جديدة والمطالبة بالمزيد منها، باعتبار أنّ ذلك يمسّ أيضاً بعمل الجيش، موضحاً أنه "مثلاً يتم إجباره على ضرب مواقع يعرف الجيش عنها، لكنه لا يريد ضربها حالياً، إما لمنع تسريب وكشف حقيقة معرفته بها، وإما كي لا يوفر لحماس أو الجهاد الإسلامي، في حال ضربها الآن، فرصة لإعادة بناء المراكز العسكرية في مواقع جديدة لا يعرف عنها الجيش".
ووفقاً للتقرير، فإنّ هوس بناء وتوفير مزيد من الأهداف، مرتبط بعدم قدرة الضباط الصغار على مواجهة الضباط رفيعي المستوى، وبالتالي إقرارهم بشكل تلقائي، من منطلق ثقافة الاتكال عليهم، بصحة الهدف المراد ضربه وإدراجه في بنك الأهداف، هذا أولاً، أما ثانياً، بحسب التقرير، فإنّ ذلك مرتبط أيضاً بثقافة توجيه وإرشاد الضباط الصغار أنّه من الأفضل لهم، لضمان ترقيهم في الجيش، العمل بشكل دؤوب على تحديد أهداف جديدة باستمرار، باعتبار ذلك المقياس رئيسياً لنجاحهم في مهامهم، وبالتالي مكافأتهم على هذا النجاح.