بعد حظر وزارة الداخلية الألمانية، أمس الخميس، أنشطة "حزب الله" اللبناني بالكامل، وذلك تنفيذا لطلب الـ"بوندستاغ" الذي صوّت بالأغلبية على ذلك في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، تتجه الأنظار إلى الخطوات العملية لهذا القرار.
وستتمثل أبرز القيود التي ستفرض على "حزب الله" في منع أي نشاط له في ألمانيا، أي منعه من تنظيم المسيرات أو المظاهرات المؤيدة للحزب، والتي عادة ما تخرج سنوياً في برلين بمناسبة يوم القدس، علماً أنه تم إلغاؤها هذا العام بمبادرة من المنظمين أنفسهم. كما أنه وفي حال عدم التقيد بهذا الحظر، ستفرض عقوبات بالسجن، تصل إلى 12 شهراً، على كل من يحمل علم الحزب أو يضع أي ملصق أو إعلانات أو يحمل يافطة تأييد له، وذلك وفق ما ذكرته صحيفة "بيلد" الألمانية، متحدثة كذلك عن إمكانية مصادرة ممتلكات، إذا ما ثبت أن أصحابها ناشطون محسوبون مباشرة على الحزب.
وتفيد التقارير الإعلامية بأنه من المتوقع أن يترجم هذا الحظر الجديد والكامل للحزب بشكل أكبر وأكثر صرامة، حتى لو لم يكن من السهل قياس مدى أهمية ألمانيا بالنسبة لـ"حزب الله". مع العلم أن صحيفة "دي فيلت" أشارت إلى أن المتعاطفين مع الحزب من أبناء الجالية اللبنانية، معظمهم وصلوا إلى ألمانيا خلال الحرب الأهلية اللبنانية في السبعينيات والثمانينيات، ويملك العديد منهم شركات وأعمالا تجارية. وتبرز الصحيفة كذلك أن الحزب قام، وخلال السنوات الأخيرة، بتوسيع شبكة من الروابط الاقتصادية على مستوى القارة لتمويل أنشطته العسكرية والاجتماعية في الشرق الأوسط، بعد إدخال مبالغ كبيرة من الأموال، لا سيما من أميركا اللاتينية وأفريقيا، بعضها من تجارة الممنوعات، عبر ألمانيا وأوروبا.
وبعدما كانت ألمانيا تلعب دور الوسيط بين "حزب الله" وإسرائيل، وتحديدا في مفاوضات تبادل الأسرى، من المتوقع الآن، بعدما باتت برلين تقف بشكل رسمي وواضح ضد الحزب، أن تفقد هذا الدور، خاصة إذا اتبعت الخط الأكثر تشدداً كما الولايات المتحدة. لكن في الوقت عينه، قد لا يعني ذلك أنه قد يُمنع مسؤولو الحزب من الدخول إلى ألمانيا للعلاج الطبي أو إجراء مناقشات سرية تحت وساطة ألمانية مثلا، بحيث إنه وبحكم القانون تبقى هناك فرص لاستمرار التواصل.
وكان وزير داخلية ولاية شمال الراين فستفاليا، هربرت رويل، قال، أمس، إن حظر حزب الله "يمثل إشارة واضحة للمنظمات الإرهابية الأجنبية والمعادية للسامية، بأن لا تعتبر نفسها بأمان". يذكر أنه وخلال المداهمات قام المئات من ضباط الشرطة، ولساعات، بتفتيش مساجد وجمعيات رئيسية اعتبرت مقربة من الحزب في أربع مدن، وصادرت ملفات ووثائق وقامت بعدد من التوقيفات. وفي السياق أيضا، بيّنت التقارير أن أنصار الحزب كانوا يعرفون منذ شهور أنهم مستهدفون من قبل السلطات.
وفي هذا الإطار، قال السياسي المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي في برلين توم شرايبر، إن الأمر متروك الآن لوزارة الداخلية الاتحادية لتقديم حصيلة ملموسة عن المداهمات، وما هي الإجراءات التي تم البدء بها أو التي تم الحصول عليها، مضيفًا أنه "يُشتبه أيضًا بأن للعصابات الإجرامية في برلين ارتباطًا بمؤيدي الحزب في ما خص الجريمة المنظمة، لكن الشرطة لا تملك حتى الآن الأدلة الدامغة".
أما مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في هامبورغ، إيكارت فورتز، فقال لصحيفة "دي فيلت"، اليوم الجمعة، إن "خطوة الحظر لطالما نوقشت في ألمانيا، بعد أن صنف بالفعل الاتحاد الأوروبي عام 2013 الجناح العسكري لحزب الله منظمة إرهابية، وكان حلاً يحترم حقيقة أن الحزب ليس منظمة إرهابية كما تنظيم القاعدة، إلا أن العديد من السياسيين اعتبروا أخيراً أن التمييز بين الجناحَين العسكري والسياسي بات مصطنعاً للغاية، وأمام ذلك، دعت كتل وأحزاب الائتلاف الحاكم، وفي طلب مشترك مع الليبرالي الحر، الحكومة الألمانية إلى التخلي عن فكرة التمييز بين الذراعين العسكرية والسياسية لحزب الله، وفرْض حظر شامل ضد نشاطه في ألمانيا".