وتكشف البيانات الخاصة بالانتخابات الرئاسية أن نسبة التصويت تقارب نفس نسبة التصويت في آخر انتخابات شهدتها الجزائر قبل الحراك الشعبي في يونيو/ حزيران 2017 (نيابية)، والتي سجلت نسبة 37 في المائة، فيما سجلت انتخابات الرئاسة التي جرت عام 2014 نسبة تصويت بلغت 51 في المائة.
ويعتبر الباحث في الشؤون القانونية، جمال خذير، أن نسبة تقارب 40 في المائة من الناخبين تعد جيدة إذا ما قورنت بالظروف التي جرت فيها، من جهة بسبب رفض الحراك الشعبي للانتخابات ودعوات المقاطعة السياسية من جهة ثانية، لافتا إلى أن سلوكيات بعض من رافضي الانتخابات وممارستهم العنف في بعض المناطق جاءت برد فعل عكسي من حيث قرار البعض التصويت.
وقال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن نسبة التصويت لم تكن رهانا حقيقيا بالنسبة للسلطة، التي كانت مهتمة أساسا بإجراء الانتخابات بأقل كلفة من الخسائر أكثر من أي أمر آخر، مضيفا أن "السلطة في الجزائر قد تجاوزت، منذ الانتخابات النيابية عام 2017، عقدة نسبة التصويت، ولم تعد معنية بالمراهنة عليها لكسب مصداقية الانتخابات، بسبب وجود نفس السياق والسقف الانتخابي في أغلب دول العالم بما فيها الديمقراطيات العريقة".
ومع ذلك فإن ما يقارب 15 مليون ناخب لم يصوتوا في انتخابات أمس، وهو أمر قد يصب في صالح الحراك الشعبي والقوى السياسية والمدنية المعارضة، والتي تعتقد أنها نجحت في دعوات مقاطعة الانتخابات، خاصة في منطقة القبائل التي سجلت مقاطعة حقيقية للانتخابات، ولم تتجاوز نسبة التصويت في مجموع ولاياتها 4 في المائة.
ويعتقد الناشط في الحراك الشعبي، محاد قاسمي، أن "15 مليونا لم يصوتوا مقابل 8.5 ملايين مصوت، ما يظهر فارقا كبيرا في الموقف من الانتخابات"، مضيفا أنه "سواء لم يصوت هؤلاء كموقف من الانتخابات أو بسبب استمرار عدم ثقتهم في الانتخابات كوسيلة للتغير، فإن النتيجة واحدة وهي أن هذه الانتخابات أظهرت فوزا شعبيا واضحا، وإخفاقا للسلطة التي حملت على الدعاية للانتخابات بأساليب مختلفة، بينها التخويف من تدخل الخارج وفزاعات الفوضى".
وكان لافتا في انتخابات الخميس أيضا، تسجيل كتلة هامة من الأوراق الملغاة، والتي بلغت 1.2 مليون ورقة تصويت بيضاء لم تحتسب إما لعدم التصويت لصالح أي من المترشحين، أو لعدم احترام شروط الانتخاب، وهو رقم يظل أحد ثوابت الانتخابات في الجزائر، حيث كانت كتلة الأوراق الملغاة قد بلغت 1.7 مليون في آخر انتخابات رئاسية، التي جرت عام 2014، ومليون ورقة ملغاة في الانتخابات التي سبقتها عام 2009.