مذبحة ماسبيرو في ذكراها الخامسة... جروح لا تندمل

09 أكتوبر 2016
تمنع السلطات المصرية إحياء الذكرى خارج الكنائس(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
في الذكرى الخامسة لمذبحة ماسبيرو، لا تزال قلوب وذاكرات ثوار 25 يناير/كانون الثاني 2011، معلّقة بالراحلين، ولا تزال صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي تنبض بالترحمات والصلوات والدعوات لهم. المذبحة التي وقعت مساء التاسع من أكتوبر/تشرين الأول 2011، بعد اعتداء قوات الشرطة والشرطة العسكرية على عدد كبير من المتظاهرين المسيحيين أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون "ماسبيرو"، ما أسفر عن مقتل 27 شخصاً، لم تعد قوات الأمن المصرية تسمح بإحيائها خارج جدران الكنائس، لدواعٍ أمنية.
بل تطور الأمر إلى إرسال بعض السفارات الأجنبية مثل الولايات المتحدة الأميركية وكندا، تحذيرات لرعاياها في مصر من حدوث أعمال عنف اليوم الأحد، بالتزامن مع الذكرى الخامسة لمذبحة ماسبيرو، ما عزز من إحكام القبضة الأمنية في مصر وزيادة الخوف في نفوس من قد يفكر في حمل شمعة والوقوف بها في صمت أمام مبنى ماسبيرو.
وحضرت الذكرى بقوة عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، حاملة مزيداً من الغضب والحزن على أرواح أزهقت وقاتل حر طليق. وتداول مئات المتصفحين، كلمات ضحية مذبحة رابعة العدوية، أسماء البلتاجي، عن مذبحة ماسبيرو: "30 روحاً صعدت البارحة تشكوك يا مجلس العسكر إلى بارئها، وجرح شهداء الثورة لم يندمل في قلوبنا بعد! أنت المسؤول بكل ما تحويه الكلمة من معانٍ، أنت من لم تلتفت لمطالب الناس حتى تفاقم الوضع، أنت المسؤول عن عدم محاسبة إعلام التضليل والتحريض ومحاكمة النشطاء عسكرياً بدلاً من ذلك. لا نريد أن يجلس الطيب وشنودة لالتقاط الصور الفوتوغرافية، ليس عندنا فتنة طائفية يا سادة، عندنا ثورة يريد العسكر تسكينها، ويقف له كل مصري بالمرصاد، نريد أن نحاسب كل من تسبب في الحادث، كل من قتل نفساً زكية بغير حق، نريد نقل السلطة للمدنيين".
أما الناشطة السياسية القبطية، والطبيبة النفسية المتخصصة في حالات العنف والتعذيب، سالي توما، فكتبت عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، شرحاً تحليلياً لأعراض التعرض للصدمة، واستحضار الذاكرة. وقالت: "أكتوبر المظلم. حتى وإن تناسيت؛ فعواطفي تتذكر وأجدني أعيد معايشة ماسبيرو والدم".
وأضافت توما: "إن الذاكرة عامل رئيسي في الحفاظ على سلامة الصحة الذهنية. يمكن استخدام الذاكرة لتخفيف الضغط من خلال تذكر مكان نشعر فيه بالسعادة على سبيل المثال. لكن في حالة التعرض إلى صدمة قد تكون الذاكرة السبب في تحوّلنا إلى أسرى الماضي في الحاضر".


وشرحت توما "يقسم المعهد القومي للصحة الذهنية أعراض اضطراب ما بعد الصدمة إلى ثلاثة أقسام رئيسية: إعادة معايشة الحدث، والتجنب، والإثارة المفرطة". وعن إعادة معايشة الحدث قالت: "هي استحضار الحدث بشكل متكرر، ويتضمن ذلك استحضار مشاهد من الحدث، ووجود أفكار مخيفة، وذكريات أو أحلام متكررة، وردود فعل جسدية على مواقف تذكرنا بالحدث. ولأن هذه المجموعة من الأعراض مرتبطة بالذاكرة بشكل مباشر، يبدو الحدث وكأنه يحدث في الحاضر بدلاً من أن يأتي على شكل الذاكرة السردية".
وبحسب توما "تنبع أعراض التجنب من الرغبة في الهروب من مواقف مماثلة. ولذا قد يتجنب الناجون الأماكن أو الأشخاص أو الأحداث أو الأشياء التي تذكرهم بالتجربة الصادمة، ضمن محاولتهم للهروب من الذكرى"، مضيفة: "أما أعراض الإثارة المفرطة فتكون كلها نفسية، وتتضمن صعوبات في التركيز أو النوم، وسهولة الاستنفار، والشعور بالتوتر أو أنك على شفا الانهيار، وكذلك الإصابة بنوبات غضب".
وأضافت المتخصصة النفسية: "قد تعوق هذه الأعراض ضحايا اضطراب ما بعد الصدمة عن ممارسة المهام اليومية الطبيعية، حيث يصارعون استحضار الذكرى أو تجنبها. كما قد تؤدي أيضاً إلى خيالات عن الانتقام، وبالتالي المزيد من العنف والمزيد من الصدمة، خاصة في عدم وجود خاتمة أو قصاص من هذا الظلم".
واختتمت حديثها بـ"أن المواقف التي تذكر الفرد بالأحداث المتسببة في الصدمة قد تؤدي إلى إفراز هرمونات الكرب بشكل زائد وزيادة نشاط اللوزة الدماغية التي تزيد من إفراز هرمون الكرب بدورها. وينتج عن ذلك شعور حاد بالتوتر، من تسارع في الأفكار وشعور بالغضب والتيقظ المفرط. عندما يتعلق الأمر بحادثة صادمة في حياتنا، نمشي على خط رفيع ما بين الإفراط والتفريط في التذكر... هكذا أعيش أكتوبر للمرة الخامسة".

المساهمون