كرونولوجيا حراك فبراير الجزائري: من مسيرة منفردة إلى ثورة

22 فبراير 2020
لا يزال الحراك الجزائري متواصلاً منذ عام (بلال بنسالم/Getty)
+ الخط -

في نهاية يناير/كانون الثاني 2019، خرج الناشط الحاج غرمول بمفرده في مسيرة وسط مدينة معسكر، غربي الجزائر، ورفع لافتة "لا للعهدة الخامسة"، رفضاً لترشّح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، ولم يكن الأخير وقتها قد قام بذلك بعد. بعدها بأيام، اعتقل وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 6 أشهر وغرامة مالية بتهمة "المساس بمؤسسات عامة"، قبل أن يفرج عنه في يوليو/تموز من العام الماضي، من دون أن تسنح له فرصة المشاركة في أيام الثورة التي يُعد أول من مهّد لها.


في الثالث من فبراير/شباط من العام الماضي، نشط الحزب الحاكم "جبهة التحرير الوطني"، بحضور عدد من الأحزاب الموالية، ونظّم تجمعاً شعبياً في القاعة البيضاوية أعالي العاصمة الجزائرية، للإعلان عن دعم رسمي لترشّح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة. وبدا أنّ هذا التجمع، الذي تمّت التعبئة له بشكل كبير وسط فعاليات المجتمع المدني من كتلة الموالاة، وتمّ استقدام العمال والموظفين أيضاً للمشاركة فيه، كان يمهّد لإعلان رسمي لترشّح بوتفليقة في العاشر من فبراير.

في اليوم نفسه، كان طلبة الإقامة الجامعية (يعيشون في السكن الجامعي) في باب الزوار بشمال الجزائر، على موعد مع أول ردّ فعل ضدّ هذا الترشح، حيث انتظمت مسيرة طلابية رفعت خلالها شعارات مناوئة لبوتفليقة ونظامه. كما تمّ استهدافه بشعارات تشير إلى أصوله المغربية مثل "بوتفليقة يا المروكي، ماكانش (لا توجد) عهدة خامسة". وتلقّف الشارع هذا التحرك الطلابي؛ ففي اليوم التالي، أي في 11 فبراير، كان الناشط والمرشح الرئاسي رشيد نكاز يجمع التواقيع للترشّح في مدينة وهران غربي الجزائر، حيث تجمّع حوله عشرات من مؤيديه من الشباب وهتفوا ضدّ العهدة الخامسة.

وفي 12 فبراير، نظّم ناشطون مسيرة صغيرة هتفوا خلالها ضدّ بوتفليقة، وتلتها في اليوم نفسه مسيرة قادها الناشط إبراهيم لعلامي في مدينة البرج شرقي الجزائر، ضدّ ترشح الرئيس السابق، فيما استمر الناشطون في المدينة في التظاهر المتقطع. وفي 15 فبراير، انتظمت مسيرة مناوئة لبوتفليقة في كل من مدينتي باتنة وجيجل شرقي البلاد، ضدّ مشروع الولاية الرئاسية الخامسة، وظهرت خلال هذه المسيرات شعارات تعتبر ترشح بوتفليقة بمثابة إهانة لكرامة الجزائريين.

لكن أكبر مسيرة سبقت اندلاع الحراك الشعبي، شهدتها مدينة خراطة بولاية بجاية في منطقة القبائل، والتي ميزها رفع الأعلام السوداء، في تعبير عن رفض مطلق لترشح "الرئيس المريض". وجاء تعليق صورة عملاقة لبوتفليقة في 19 فبراير على مبنى بلدية خنشلة شرقي الجزائر، ليزيد من حالة الاستفزاز السياسي من قبل السلطة للشعب، وهو ما دفع بعشرات المتظاهرين للتجمّع في محيط المبنى وتمزيق الصورة. ورمزياً، كانت عملية التمزيق بمثابة إعلان عن قطيعة شعبية نهائية مع بوتفليقة والسلطة.

خلال هذه الفترة، كان ناشطون قد عقدوا سلسلة من اللقاءات والمشاورات لإطلاق حراك شعبي، وتمّ توجيه نداءات على نطاق واسع للتظاهر في 22 فبراير. لم يكن أحد من الشعب متأكداً من إمكانية خروج الجزائريين للتظاهر في يوم جمعة هو بالنسبة لهم يوم عطلة، لكن مستويات الاستجابة كانت أكبر من المتوقع، لتبدأ أكبر ثورة شعبية ضدّ السلطة في التاريخ السياسي للجزائر منذ الاستقلال. وفي 26 فبراير، نجح النشطاء في نقل التظاهرات إلى داخل الجامعات، وإطلاق حراك طلابي كل يوم ثلاثاء، لا يزال مستمراً حتى الآن.

وجاءت تظاهرات الجمعة الثانية في الأول من مارس/آذار من العام الماضي، وفي الثامن من الشهر نفسه، لتعلن تحوّل الحراك إلى حالة وطنية، عززها التحاق عدد من المنظمات والقطاعات المهنية كالمحامين والقضاة بالتظاهرات، بالتزامن مع بدء نزيف داخل السلطة وكوادر الأحزاب الحاكمة، إلى غاية إعلان بوتفليقة سحب ترشحه وإلغاء الانتخابات في 11 مارس، ثمّ استقالته وانسحابه من الحكم في الثاني من إبريل/نيسان 2019، ليطوي الحراك صفحة 20 سنة من حكم بوتفليقة.