"محرقة الحدود": استدراج مقاتلين يمنيين عبر شبكات اتجار بالبشر لحماية السعودية

01 سبتمبر 2019
السعودية تستدرج أطفالاً يمنيين لحماية حدودها (Getty)
+ الخط -
قالت منظمة "سام" للحقوق والحريات إن شبكات اتجار بالبشر تقوم باستدراج بعض العسكريين وعسكريين سابقين يمنيين وكذلك مدنيين بينهم أطفال للقتال في الحدود الجنوبية للملكة العربية السعودية، مطالبةً كلّاً من السعودية والحكومة اليمنية بالتوقف الفوري عن زج الشباب اليمني في محرقة الحدود.

وقالت المنظمة، في تقرير، أصدرته اليوم الأحد، بعنوان "محرقة الحدود"، إنّ "السعودية تشتري المقاتلين اليمنيين عبر شبكات اتجار بالبشر تشمل سعوديين ويمنيين، بينهم ضباط وضباط سابقون في الجيش اليمني".

وخلصت "سام" إلى أن الآلاف من اليمينين الذين اضطروا للذهاب للقتال دفاعاً عن الحدود السعودية، تحت ضغط الأوضاع الإنسانية السيئة، وقُتلوا أو جُرحوا، "عوملوا من قبل المملكة العربية السعودية كما لو أنهم غير موجودين".

جنود وضباط وهميون

وقالت "سام"، في التقرير الذي أصدرته، إنها خلصت "إلى قناعة بأن ما يحدث في الحدود يعد انتهاكاً للقوانين المحلية والاتفاقيات الدولية، التي تحظر استغلال المدنيين للقتال مع دولة ما، خارج أطر القوانين العسكرية المحلية الناظمة، بما لا يحفظ لهم حقوقهم المستقبلية كمقاتلين رسميين".

وأضافت "مع أن المملكة السعودية تقوم بترقيمهم كجنود وتمنح بعضهم رتباً عسكرية مختلفة، إلا أن الواقع يؤكد أنهم لم يكونوا سوى جنود وضباط وهميين، خصوصاً أنهم لا يملكون أية حقوق دائمة مترتبة على ذلك، بعد وفاتهم نتيجة المعارك".

ولفتت المنظمة الحقوقية إلى أنه حين يطالب هؤلاء المقاتلون بالحصول على إجازة يتم التعامل معهم في المنفذ السعودي كما لو كانوا متسللين غير شرعيين، تقوم السلطات السعودية بتسجيل بصماتهم بشكل إلكتروني، ثم يمنعون من دخول المملكة حتى لو حصلوا على تأشيرة رسمية.

وبحسب تقرير "سام"، فإن الآلاف من الضحايا اليمنيين الذين قتلوا في معارك الدفاع عن الحدود الجنوبية للسعودية دفنوا في مقابر داخل المملكة دون علم أسرهم، والقليل منهم استطاعت أسرهم الدخول إلى المملكة السعودية لاستلام جثثهم ودفنهم، وآخرون ما زالت أسرهم لا تعلم بمصيرهم، ويخشون أن يكونوا قد قتلوا في مناطق مجهولة.

ورصدت "سام"، في تقريرها، أن ما يقارب من 300 مقاتل يمني على الأقل تعرّضوا لبتر أحد أطرافهم، يقبع 250 منهم، حالياً، في سكن للجرحى بمنطقة عسير السعودية، إضافة إلى آخرين في محافظات ومعسكرات أخرى، معظمهم بانتظار إجراء عمليات جراحية.


جريمة مكتملة الأركان

وقال رئيس منظمة "سام"، توفيق الحميدي، لـ"العربي الجديد" إن "تقرير محرقة الحدود تقرير نوعي عملت علية سام منذ أكثر من سته أشهر"، لافتاً إلى أنه "بعد تلقي شكاوى كثيرة من مقاتلين؛ والأهالي، حيث تحول الحدود إلى محرقة مفتوحة تلتهم آمال وأحلام اليمنيين، للأسف تبيين لنا أن اليمني تحول إلى سلعة يتداولها سماسرة يمنيون وسعوديون".

وأضاف أن "السماسرة يرمون هؤلاء الشبان بهذه المحرقة مقابل عائد مالي عن كل شخص، وبعد خروج هذا المقاتل عن الخدمة بسبب الإصابة أو الموت؛ يتم التخلص منه خارج الحدود، وكأنهم ليسوا بشراً".

وأكد أن "ما يحدث في الحدود جريمة مكتملة الأركان تستوجب المسألة القانونية"، مضيفاً "استغل شباب بعمر الزهور لأجل تحقيق أحلامهم أو بسبب الظروف الاقتصادية، ليدافعوا عن حدود الجارة السعودية، إلا أن النتيجة كارثة، قصص موجعه تضمنها التقرير، حالات إنسانية تستوجب الوقوف بقوة في وجه هذه المحرقة وإطفاءها".

محرقة الشباب

في السياق، دعت "سام" إلى وقف ما وصفته بـ"المحرقة للشباب" المندفعين تحت ظروف اقتصادية صعبة، في ظل الوضع الاقتصادي والإنساني المتردي، ودأب السماسرة الحثيث للمتاجرة بأرواح اليمنيين مقابل الحصول على المال.

وخلصت سام في بحثها القانوني في وضع هؤلاء المقاتلين إلى أنه "لا يمكن وصفهم بالمرتزقة، فبرغم أنهم يقاتلون إلى جانب السعودية بدافع الإغراء المالي بالدرجة الأولى، وهو ما يعني تحقق أحد شروط توصيف المرتزقة عليهم، إلا أنه لا يمكن اعتبار هذا النوع من الأشخاص مرتزقة، وذلك لأنهم ينتمون إلى دولة طرف في النزاع الدائر، وهي اليمن، وهو ما يخرجهم من وصف المرتزقة".

وبحسب "سام"، فإن هؤلاء الضحايا يمكن اعتبارهم "مليشيات يمنية" تعمل لصالح المملكة العربية السعودية وبتمويل منها، وبالتالي؛ فهي المسؤولة عنهم أو عن أية انتهاكات يرتكبونها كونها تشرف على تدريبهم ورواتبهم وتعيين قياداتهم وتوجيه عملياتهم.

ونقلت المنظمة الحقوقية عن شهود أن هذه القوات تخوض بعض المعارك بمشاركة غطاء جوي تابع للتحالف، غير أنه في بعض الأحيان يقصف مواقع القوات الموالية للسعودية، ولا يقتصر الأمر على الطيران، بل إن المدفعية وسلاح الدبابات أيضاً ارتكبا "بعض الأخطاء" وسقط بسببها ضحايا.


انتهاكات بحق المقاتلين

من جهة ثانية، أشارت "سام" إلى حصولها على معلومات تفيد بأن بعض الضحايا من اليمنيين المقاتلين للدفاع عن الحدود الجنوبية للسعودية يتعرضون للاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري في سجون الاستخبارات السعودية، لفترات طويلة، قد تستمر من سته أشهر إلى أجل غير معلوم، قبل أن يتم ترحيلهم إلى محافظة مأرب اليمنية.


ودعت المنظمة إلى تصحيح كافة الأوضاع غير القانونية، وفتح تحقيق جدي وشفاف ضد كل المتسببين بهذه الكارثة، ومحاسبة كافة المتسببين بهذه الانتهاكات، وإحالتهم إلى القضاء، لمحاكمتهم وفقاً للقوانين ذات الصلة.

كذلك طالبت، في تقريرها، الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية بالعمل فوراً على إغلاق هذه المعسكرات، وتمكين من بقي على قيد الحياة من الضحايا من العودة إلى بلاده، وتعويض ذوي القتلى والجرحى بما يتناسب مع حجم الخسائر التي تعرضوا لها.

وطالبت أيضاً المجتمع الدولي بالوقوف ضد جرائم الاتجار بالبشر واعتبار كل ما سبق جرائم قانونية وأخلاقية، تتحملها مسؤوليتها كل من المملكة العربية السعودية، والحكومة اليمنية، كل بقدر مشاركته.

يذكر أن "العربي الجديد"، قد كشف في فبراير الماضي خلال تحقيق "سماسرة الجنود... ألوية عسكرية يمنية وهمية تدافع عن الحدود السعودية" استقطاب سماسرة القتال للشباب اليمني للقتال ضد الحوثيين في جبهات الحدود السعودية - اليمنية خارج إطار الجيش الوطني.

دلالات
المساهمون