وضع "الحزب الديموقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، شروطاً وصفت بـ"الصعبة"، قبل أي حوار مع بغداد بشأن ملف مدينة كركوك، وذلك للوصول إلى تسوية مرضية للطرفين حول إدارة المدينة، في وقت أبدى العرب والتركمان في المحافظة النفطية رفضهم هذه الشروط، ما قد يتسبب بقطع الطريق أمام إمكانية حل القضية.
ولا يبدو أن الوعود التي أطلقها قبل أيام رئيس الجمهورية العراقي، برهم صالح، الذي ينتمي إلى معسكر السليمانية، بأنه سيرعى حواراً وطنياً بين أهالي كركوك، لحلّ مشاكلهم، قد لاقت تفاعلاً داخل المدينة أو في بغداد وأربيل، إذ لا تزال كل مكونات المدينة ترفض فكرة التنازلات، في وقت تعتبر بغداد سلطتها على كركوك مطلقة، وغير قابلة للتفاوض.
وفي هذا السياق، كشف القيادي في "الديموقراطي الكردستاني"، شاخوان عبد الله، أن أهم وأبرز شروط البارزاني لإجراء المباحثات مع القوى السياسية الأخرى هي "أن تخرج القوات العسكرية من كركوك، وأن تشكل إدارة مشتركة لتلك المناطق".
وبحسب ما أدلى به عبد الله لوسائل إعلام كردية في أربيل، فإن هذا الشرط يشكل "نقطة رئيسية في أحدث مشروع للحزب الديموقراطي لتطبيع أوضاع كركوك"، مبيناً أنّ "الحزب بدأ اجتماعات ولقاءات على مستوى عال، ويحاول الاتفاق مع القوى السنية والحكومة العراقية الجديدة".
وأوضح القيادي في "الديموقراطي الكردستاني" أنّ "المشروع تم تداوله مع قوى سياسية في بغداد"، وأن البارزاني "سيبحث وضع كركوك مع رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، والأطراف التي تصنع القرار في العراق، بهدف إنهاء حالة العسكرة في كركوك"، محذراً من أنّ "الأوضاع الأمنية والسياسية والأمن الاجتماعي لتلك المناطق في خطر، ومن الضروري الاستعجال في هذا الموضوع، على أمل أن تدعمه القوى الأخرى، لكي تنتهي الحالة القائمة في كركوك".
ويرفض المكون العربي تصريحات حزب البارزاني وفكرة إخراج القوات العراقية من المدينة، مؤكداً أنّ هذه القوات "تعمل بحرفية عالية وتقف على مسافة واحدة من جميع المكونات".
وقال المتحدث باسم المكون العربي، حاتم الطائي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القوات العراقية توفر الأمن لجميع مكونات كركوك منذ العام الماضي من دون تفرقة، ولا يمكن القبول بتصريحات حزب البارزاني التي تريد العودة إلى الأوضاع السابقة ذاتها، حيث كانت جهة واحدة تنفرد بمعظم القرارات والملفات".
وأكد الطائي أنّ "عرب كركوك مع إجراء الجوار، ومع تقاسم السلطات بين المكونات الرئيسية، وهي العرب والكرد والتركمان، مع بقاء القوات العراقية"، معيداً التذكير بعدم قبول انسحاب القوات العراقية من المدينة.
من جهته، قال القيادي في الجبهة التركمانية، علي مهدي، إنّ "التركمان مع بقاء كركوك تحت رعاية القوات الاتحادية، ونعمل وفق الحوار المشترك بين الجميع وتقاسم السلطة وفق نسبة متفق عليها بين جميع المكونات".
وأكد مهدي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المكون التركماني "طرح منذ سنوات مشروع إقليم خاص للمحافظة، يدار بصورة مشتركة بين الجميع، ونرفض هيمنة جهة واحدة على مصدر القرار في كركوك".
ويؤكد مراقبون أنّ شروط البارزاني تقطع الطريق أمام إمكانية فتح باب الحوار، بشأن إيجاد حلول مناسبة لكركوك.
يشار إلى أنّ كركوك، الواقعة على بعد 250 كيلومتراً شمال العراق، وذات الخليط السكاني من العرب والكرد والتركمان، تعيش وضعاً سياسياً مرتبكاً، وأنّ كل مكون فيها يريد أن يكون له دور في إدارة المحافظة، بينما يسعى الأكراد إلى إعادة قواتهم (البشمركة) التي أخرجتها القوات العراقية عقب استفتاء كردستان في أيلول/سبتمبر 2017.