مليشيات العراق تمنع عودة النازحين: تثبيت التغيير الديمغرافي

22 يوليو 2015
المليشيات حرقت ونهبت منازل النازحين وتمنع عودتهم (الأناضول)
+ الخط -
على الرغم من مرور أشهر على تحريرها من قبضة مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لم تستطع الالآف من العائلات النازحة العودة إلى مناطق سكنها بسبب رفض قوات البيشمركة ومليشيات "الحشد الشعبي" ذلك، واضعين شروطاً تعجيزية لعودتهم تتزامن مع ضعف واضح للحكومة العراقية والقوات النظامية في إثبات قوتها على الأرض.

اقرأ أيضاً تكريت: نزوح جديد من المدينة سببه المليشيات

وكشفت النائبة العراقية عن محافظة ديالى ناهدة الدايني في حديث لـ"العربي الجديد" عن منع قوات البيشمركة عودة العائلات النازحة إلى ناحية جلولاء في المحافظة التي تحررت من "داعش"، مضيفة أن "قوات البيشمركة التي تسيطر على ناحية جلولاء منذ ثمانية أشهر تمنع عودة العوائل العربية النازحة إليها لأسباب عدة، أهمها أن المكون العربي فيها يشكل ما نسبته خمسة وثمانين في المائة، لذا فإن القيادة الكردية تسعى عبر هذه السياسة إلى تغيير الطبيعة السكانية لتلك المناطق".

وأشارت عضو تحالف القوى العراقية إلى أنه على الرغم من تحرير عدة مناطق في ديالى، ومنها مدن العظيم والسعدية وجلولاء وقرى المقدادية و38 قرية أخرى، منذ أشهر، فإن عدد العوائل التي عادت لا يتجاوز الـ 2000 من مجموع 150 ألف عائلة نازحة، مضيفة أن "العوائل التي عادت من مكونات محددة فقط بينما الآخرون لم يسمح لهم بالعودة".

وطالبت النائبة حكومة حيدر العبادي باتخاذ موقف "حازم وقوي بشأن ذلك وإعادة العوائل النازحة إلى مناطق ديالى وإعمار المدن التي تضررت بسبب المعركة الدامية مع إرهابيي داعش". 

بدورها، أكدت عضو مجلس محافظة ديالى عن القائمة العراقية نجاة الطائي، أن الأكراد يرفضون عودة النازحين إلى جلولاء بحجة أن المنطقة ذات غالبية كردية، بينما في واقع الحال العرب يمثلون غالبية سكانها، مضيفة أن مناطق جلولاء، وعلى الرغم من قربها إلى كردستان إلا أنها غير تابعة للإقليم من الناحيتين الديمغرافية والدستورية".

في المقابل، قال مصدر أمني في محافظة ديالى لـ"العربي الجديد" إن "مليشيا الحشد الشعبي رفضت أيضاً عودة النازحين إلى مناطقهم التي تحررت على يد القوات الأمنية في ناحية السعدية، وبعض القرى المحيطة بحجة سلامة هذه العائلات من الألغام رغم أن الدفاع المدني وجهاز مكافحة المفرقعات أعلن قبل شهرين عن رفع جميع المتفجرات من تلك المناطق".

وبيّن المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه، أن "المليشيات تلك تزعم أن المنازل والطرق الترابية والمعبدة لا زالت ملغمة، وأنها تعمل على تفكيكها ليتمكن الأهالي من العودة إلى منازلهم في أقرب وقت ممكن، وتفتعل بين الحين والآخر تفجيرا مصطنعا داخل المدينة تقول إنه عملية تفجير مسيطر عليه من مخلفات داعش، لكن الحقيقة أنها تسعى لمنع عودة العوائل بسبب ما قامت به من سرقات وحرق للممتلكات". 

وفي الإطار نفسه، كشف القيادي في كتلة الرافدين النيابية عماد يوخنا عن حدوث حالات سرقة لمنازل المسيحيين في مدينة تلسقف التابعة لناحية القوس شمال مدينة الموصل 90 ــ كيلومترا أمام مرأى ومسمع قوات البيشمركة التي تسيطر عليها بعد طرد "داعش" منها، مشيرا إلى أن قوات البيشمركة تمنع أبناء تلك المنطقة من العودة لبيوتهم بحجة الأوضاع الأمنية.

وأوضح يوخنا لـ"العربي الجديد" أن "السرقات والنهب لممتلكات المسيحيين الذين انتشروا داخل وخارج العراق عقب غزو داعش تتحملها القوات الكردية".

تثبيت التغيير الديمغرافي

ويؤكد مسؤولون في محافظة صلاح الدين وبابل الأمر نفسه، إذ تمنع مليشيات "الحشد الشعبي" عودة مئات العوائل النازحة إلى المدن المحررة خصوصاً البلدات الصغيرة البعيدة عن تكريت والحلة عاصمة المحافظتين، تحت ذرائع وجود معلومات عن أنهم حواضن لتنظيم "داعش"، إلا أن الهدف هو محاولة إحداث تغيير ديمغرافي للمنطقة.

اقرأ أيضاً: المليشيات تغيّر ديمغرافية العراق وتهدد وحدته

وقال أحد النازحين المقيمين في مخيم الكرامة بكركوك لـ "العربي الجديد" ويدعى أوس أحمد (29 عاماً) إن عشرات العوائل بالمخيم فرحت بالتحرير، لكنها صدمت عندما منعتها المليشيات التي تفرض سيطرتها من دخول مدنها والوصول إلى منازلها، وعادت إلى المخيم فوجدت أن خيامها سكن بها نازحون جدد جاؤوا حديثاً من الأنبار. 

وأضاف أحمد "أنا من سكان جرف الصخر، ومُنعت من العودة إليها. وجاري في الخيمة، يسكن السعدية في ديالى، ومُنع من العودة. ومنازلنا باتت محطات استراحة وثكنات لتلك الجماعات المسلحة". 

في المقابل، يؤكد النائب في البرلمان العراقي محمد الجاف لـ"العربي الجديد" أنه "لا يمكن لأحد الاستيلاء على مدينة عن طريق تغيير أهلها ولا يوجد غطاء قانوني أو أخلاقي، لذلك ومهما طال ابتعاد الناس عن مدنهم سيعودون". وبيّن أن الواقع الحالي لسكان المناطق المحررة لن يستمر طويلاً".

كذلك دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية حسن شويرد، في حديث لـ"العربي الجديد"، رئيس الوزراء والقيادات الأمنية إلى متابعة موضوع عودة النازحين إلى المناطق التي تم تحريرها.

المساهمون