حرب اليمن تنهي شهرها التاسع: تقدم للشرعية وتعثر السلام

26 ديسمبر 2015
تتقدم القوات الموالية للشرعية في الجوف (أحمد علي/الأناضول)
+ الخط -
تدخل الحرب في اليمن، اليوم السبت، شهرها العاشر منذ بدء التدخل العسكري لدول التحالف العربي في 26 مارس/آذار الماضي، بالتزامن مع تغيرات هامة شهدتها البلاد خلال الـ30 يوماً الماضية. فقد انتقلت المعارك خلال الشهر التاسع من الحرب إلى مناطق قريبة من معاقل مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، فيما أخفقت جولة المحادثات السياسية الثانية التي رعتها الأمم المتحدة بين 15 و20 ديسمبر/كانون الأول الجاري بالوصول إلى اتفاق سلام.

اقرأ أيضاً حصيلة المحادثات اليمنية: تقدّم نظري يواجه عقبات التطبيق الميداني 

تحولات ميدانية

تركزت أبرز التحولات الميدانية في الفترة الأخيرة في المحافظات الشمالية والغربية، إذ تمكنت "المقاومة" والقوات الموالية للشرعية، بمساندة من قوات التحالف العربي، من السيطرة على أجزاء مهمة في الأطراف الشمالية الغربية لمحافظة مأرب، بعدما سيطرت في الشهور الماضية على أغلب مديريات المحافظة. وأصبحت مأرب، بما تمثله من موقع استراتيجي وسط البلاد، أولى المحافظات الشمالية المتحررة من سيطرة الحوثيين وحلفائهم. وقد مكّنت التطورات الأخيرة في مأرب القوات الشرعية من فتح جبهة مواجهات مع الحوثيين وحلفائهم في إحدى ضواحي صنعاء الشمالية الشرقية وتحديداً منطقة نِهم المحاذية لمأرب والجوف من جهة، فضلاً عن توسع "المقاومة" وقوات الجيش الموالية للشرعية باتجاه محافظة الجوف، واستعادة أهم المدن والمواقع العسكرية ومنها مدينة الحزم مركز المحافظة.

وكان تمكن قوات الشرعية من السيطرة على مركز الجوف، أبرز تطور ميداني خلال الفترة الأخيرة، إذ باتت أجزاء كبيرة من هذه المحافظة المهمة التي تبلغ مساحتها 39496 كليومتراً مربعاً وترتبط بحدود مع السعودية، في أيدي الشرعية. وهو الأمر الذي من شأنه تأمين سيطرة الحكومة في مأرب وتعزيز أبرز الجبهات شمالاً، فضلاً عن إمكانية الانتقال إلى محافظة صعدة، المعقل الأول لجماعة الحوثيين. وقد اعترف زعيم جماعة "أنصار الله"، عبدالملك الحوثي، في آخر خطاباته المتلفزة بالخسارة في مأرب والجوف وأرجعها إلى "تقصير من البعض" و"شراء ولاءات".
من جهة ثانية، شهدت الفترة الماضية تحولاً مهماً في مسار المعارك الميدانية، إذ دشنت "المقاومة" والقوات الموالية للشرعية، بدعم من القوات السعودية، جبهة في منطقة حدودية قريبة من الساحل، وسيطرت على أجزاء من منطقة حرض (حيث المنفذ الحدودي الرئيسي المغلق بسبب الحرب)، ومنطقة ميدي الساحلية إلى الغرب منها وتشرف على البحر الأحمر.
كذلك سيطرت قوات التحالف، خلال الأسابيع الماضية، على أبرز جزيرتين يمنيتين في محافظة الحديدة، وهما حنيش الكبرى وزقر. وتبرز أهمية الجزيرتين من كونهما تشرفان على ممرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر، ومن شأن وقوعهما تحت سيطرة التحالف والقوات الموالية للشرعية أن يحد من عمليات تهريب الأسلحة للحوثيين، وكذلك في الاستعداد لأي عملية أوسع باتجاه تحرير محافظتي الحديدة وحجة الساحليتين.
وبالتزامن مع التطورات الميدانية شمالاً التي نقلت المعركة إلى مرحلة جديدة، تتواصل المعارك والمواجهات في محافظة تعز، حيث تسير عملية تحرير المحافظة ببطء. كذلك تستمر المعارك في بعض مناطق محافظة إب وخصوصاً في المناطق الحدودية بينها وبين محافظة الضالع.

وعلى صعيد التطورات الميدانية أيضاً، شكلت جريمة اغتيال محافظ عدن، جعفر محمد سعد، في السادس من الشهر الجاري، إلى جانب عدد من مرافقيه واحدة من أبرز الاعتداءات الأمنية خلال الـ30 يوماً الأخيرة. وقد تبنى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) العملية بالتزامن مع تصاعدٍ لنشاط تنظيم "القاعدة" وتوسعه في مدينتي زنجبار وجعار بمحافظة أبين.
وفي الـ14 من الشهر الجاري، أُعلن عن مقتل كل من قائد قوات العمليات الخاصة السعودية المتواجدة في عدن، عبدالله بن محمد السهيان، والضابط في القوات الإماراتية سلطان بن محمد علي الكتبي. وحسب إعلان الحوثيين فقد قتلا في منطقة ذوباب القريبة من باب المندب، جراء صاروخ أطلقته مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع باتجاه موقع لقوات التحالف العربي، فيما أشارت وكالتا الأنباء السعودية "واس" والإماراتية "وام" يومها إلى أنهما قتلا خلال متابعة "سير عمليات تحرير تعز".

تطورات سياسية محدودة
يعدّ انعقاد جولة المحادثات الأخيرة بين ممثلي الشرعية وممثلي الحوثيين والرئيس المخلوع، التي رعتها الأمم المتحدة، أبرز تطور سياسي خلال الفترة الأخيرة، على الرغم من محدودية نتائجها. واستمرت التحضيرات لإطلاق الجولة الثانية من المحادثات منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي قبل أن تعقد بين 15 و20 من شهر ديسمبر الجاري. إلا أنها أخفقت على الرغم من الآمال العريضة التي كانت تعول على إمكانية التوصل من خلالها إلى إطار تنفيذي للقرار الأممي 2216 الذي تطالب الحكومة بتطبيقه، بما ينهي الحرب في البلاد.
وبخلاف الجولة الأولى، اجتمع وفدا الحكومة والانقلابيين على طاولة مستطيلة، وجهاً لوجه، لأول مرة منذ بدء الحرب بإشراف من المبعوث الأممي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد. وتألف كل وفد منهما من 12 عضواً.

وبالتزامن مع انطلاق المحادثات جرى إقرار هدنة لمدة سبعة أيام قابلة للتمديد، لكنها واجهت عوائق في التطبيق، إذ تبادلت الأطراف الاتهامات بالخرق. وانتهت المحادثات في اليوم السادس لانطلاقها بفشلها في تثبيت وقف إطلاق النار الهش، ومواضيع أخرى كانت في مقدمة النقاشات، وأبرزها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين في سجون الانقلابيين. ومع ذلك خرجت الجولة الثانية بما اعتبره كل من المبعوث الأممي ورئيس الوفد الحكومي عبدالملك المخلافي "تقدماً أقل من المأمول".
وتتلخص مخرجات الجولة الثانية بالاتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مؤلفة من خبراء من الطرفين تشرف على وقف إطلاق النار، والاتفاق على تدابير لـ"بناء الثقة"، بما في ذلك الإفراج عن المعتقلين والاتفاق على السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى تعز المحاصرة من الحوثيين. إلا أنّ تنفيذ ذلك يقف أمام امتحان التطبيق خلال الأسابيع المقبلة، إلى حين موعد الجولة الثالثة المرتقبة التي جرى الاتفاق على أن تكون في 14 يناير/كانون الثاني المقبل وسط ترجيح انعقادها في إثيوبيا بدلاً من سويسرا.
وفيما لا تزال الكثير من تفاصيل الجولة الثالثة المنتظرة غائبة، فإنه خلال الشهر العاشر من الحرب، من المتوقع أن تستمر المعارك شمالاً من جهة محافظة الجوف، التي باتت أغلبها تحت سلطة الشرعية، ومحافظة حجة الساحلية الحدودية مع السعودية بعدما دُشنت جبهات في بعض مناطقها. وكذلك في أطراف صنعاء حيث حققت "المقاومة" تقدماً محدوداً قد تتسع معه المعارك في الفترة المقبلة.

اقرأ أيضاً المخلافي لـ"العربي الجديد":لا جدوى للحوار قبل فكّ حصار تعز 

المساهمون