بن سلمان يسرّع الخطى نحو العرش قبل الانتخابات الأميركية

10 مارس 2020
يخشى بن سلمان خسارة ترامب في الانتخابات الرئاسية(فرانس برس)
+ الخط -
مع اختلاف القراءات لحملة الاعتقالات التي طاولت عدداً من الأمراء البارزين في السعودية قبل أيام، ودحض مصادر عدة فرضية الانقلاب التي تم تبرير الاعتقالات بها، إلا أن الواضح حتى اليوم أن ولي العهد محمد بن سلمان أراد من خلال خطوته الجديدة والتي رأى كثر أنها متهورة توجيه تحذير واضح للعائلة الحاكمة من مغبة أي معارضة لتسلمه قيادة البلاد خلفاً لوالده الملك سلمان بن عزيز، فيما يبدو أنه يسرّع خطاه نحو هذا الاتجاه. وتتزايد التسريبات والقناعات بأن بن سلمان يعمل لتمهيد طريقه إلى العرش قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، خصوصاً مع تزايد الشكوك في حتمية فوز دونالد ترامب في هذا الاستحقاق، وفرص انتخاب أحد خصومه الديمقراطيين الذين لديهم مواقف انتقادية لسياسات الرياض في ظل حكم بن سلمان ووالده. وفيما لا يبدو ترامب مهتماً بأي انتهاكات لحقوق الإنسان يقوم بها ولي العهد السعودي، وهو ما ظهر في قضية اغتيال الصحافي جمال خاشقجي عام 2018، وفي التورط السعودي بحرب اليمن، ومع تركيز ترامب حصراً على مساعدة المملكة والسكوت على انتهاكات بن سلمان مقابل الأموال التي يتلقاها، وهو الذي قال علناً قبل فترة إنه أبلغ الملك سلمان بأن الرياض عليها أن تدفع مقابل الحماية الأميركية، فمقابل ذلك وجّه مسؤولون ديمقراطيون انتقادات لاذعة إلى سياسة السلطات السعودية. وفي مناظرة قبل فترة، قال المرشح الديمقراطي جو بايدن، "سأعلنها صراحة، لن نقوم ببيع المزيد من الأسلحة للسعودية، سنجبرهم في الواقع على دفع الثمن"، في إشارة إلى دور الرياض في حرب اليمن ومقتل خاشقجي. فيما وصف المرشح الآخر بيرني ساندرز (ما تمارسه) السعودية بأنه "ديكتاتورية وحشية".




وكانت حرب أسعار بين السعودية وروسيا قد اندلعت في الأيام الأخيرة وهزت الأسواق عالمياً، ليحضر موضوع "أسواق الطاقة العالمية" في اتصال بين ترامب وبن سلمان الإثنين، إضافة إلى "مسائل إقليمية وثنائية مهمة"، وفق ما أعلن البيت الأبيض اليوم، من دون أن يقدّم تفاصيل إضافية.
وفي ظل المخاوف من خسارة ترامب الانتخابات، يسرّع بن سلمان الخطى لاستلام السلطة، حتى إن بعض التسريبات في صحف ومواقع أجنبية تحدثت عن أنه يعتزم تنصيب نفسه ملكاً قبل قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في الرياض في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وبينما شملت حملة الاعتقالات الأخيرة أكثر من أمير، بدا أن الهدف الرئيسي فيها كان الأمير أحمد بن عبد العزيز (78 عاماً) الشقيق الأصغر للملك سلمان، وهو واحد من ثلاثة أعضاء في هيئة البيعة عارضوا تولي بن سلمان ولاية العهد عام 2017. كما أن الأمير محمد بن نايف الذي كان ولياً للعهد حتى أطيح في 2017، كان من أبرز المعتقلين يوم الجمعة الماضي.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة "رويترز"، عن أربعة مصادر على صلة بالعائلة الحاكمة، أن خطوة اعتقال الأمراء تهدف إلى ضمان الإذعان داخل عائلة آل سعود، التي شعر بعض أفرادها بالاستياء، قبيل انتقال السلطة في حال وفاة الملك أو تخليه عن العرش. ووصف أحد المصادر، وفق الوكالة، الاعتقالات بأنها مساعٍ استباقية لضمان موافقة هيئة البيعة على تسليم العرش لبن سلمان عندما يحين الوقت. وقال مصدران ودبلوماسي أجنبي بارز، إن ولي العهد خشي من احتمال أن يحتشد الأمراء الساخطون حول الأمير أحمد والأمير محمد بن نايف باعتبارهما بديلين محتملين لتولي العرش. وقال أحد المصادر "هذا تحضير لانتقال السلطة... إنها رسالة واضحة للعائلة بأنه ليس بوسع أحد أن يعترض أو يجرؤ على تحديه".
ونقلت "رويترز" عن مصدرين قولهما إن الأمراء تلقوا تحذيراً من "شدة أذن" للتوقف عن انتقاد ولي العهد. وقال مصدر إن الأمير أحمد، الذي استضاف عدة مجالس، أثار الشكوك حول موقف ولي العهد من عدة قضايا، منها الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة بـ"صفقة القرن". وقال مصدران، أحدهما على صلة بالعائلة الحاكمة، إن الأمير أحمد طلب يوم السبت من أسرته إحضار البشت، وهي عباءة تلبس في المناسبات الرسمية، في مؤشر على أنه قد يظهر علناً قريباً.
وذكرت المصادر لـ"رويترز" أن أفراد العائلة الحاكمة الذين يريدون تغيير خط ولاية العرش يعتبرون الأمير أحمد اختياراً محتملاً يمكن أن يحظى بدعم أفراد العائلة وقوات الأمن وبعض القوى الغربية. وقال المصدر الذي تربطه صلات بالعائلة الحاكمة إن "معسكر المستاءين كان يتجمع حوله (الأمير أحمد) وكان هو يسمح بذلك". وقالت المصادر إن المعارضين يشككون في قدرة بن سلمان على قيادة البلاد. وقال مصدر ذو صلة بالعائلة الحاكمة، لـ"رويترز"، إن ولي العهد ربما أراد تمهيد طريقه للوصول إلى العرش قبل انتخابات الرئاسة الأميركية خوفاً من أن تؤثر هزيمة ترامب على موقفه. وقال دبلوماسيون أجانب إنه ربما تحرك ضد عمه وابن عمه من باب الحرص، خوفاً من أن "يتحول الأميركيون ذات يوم لدعمهما".
وعلى الرغم من أن بن سلمان يسعى عبر هذه الخطوات لتعزيز قبضته على السلطة، إلا أنها تزيد الشكوك حوله، وتُظهر أنه "لم يتعلم الدرس بعد من إخفاقاته السابقة"، بحسب تعبير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، التي رأت أن الفترة التي بدا فيها بن سلمان مفضلاً عدم إثارة الجدل حوله قد انقضت، وعاد مجدداً لأساليبه السابقة. واعتبرت أن مناوراته الجديدة لتعزيز قبضته على السلطة تحيي النقاشات في العواصم الغربية حول "مدى إمكانية وضع الثقة بشريك متهور جداً"، موضحة أن قراره الفجائي بخفض أسعار النفط امتدت تداعياته إلى الاقتصاد العالمي.

المساهمون