العراق: نهاية التحالف الرباعي بمغادرة المستشارين الروس بغداد

14 سبتمبر 2016
يستخدم العراقيون سلاحاً روسياً (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -
لم تقتصر التطورات الإقليمية الأخيرة على سورية فحسب، إذ علمت "العربي الجديد" أنه تمّ إلغاء ما يُعرف بالتحالف الرباعي الذي أعلن عنه في سبتمبر/أيلول 2015 بين كل من روسيا والعراق وإيران والنظام السوري، وذلك بعد مغادرة آخر ثلاثة مستشارين روس العاصمة العراقية بغداد منتصف أغسطس/آب الماضي، من دون إشعار مسبق للجانب العراقي، ودون أن يعود أحد منهم أو أن يكون هناك تنسيق بين الدول الأربع فيما يخصّ الساحة العراقية، كما كان مقرراً في الإعلان الذي رافق تشكيل هذا التحالف.

وكان قد أُعلن عن هذا التحالف في 28 سبتمبر 2015، وباشر عمله بشكل فعلي في 26 أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، بعد وصول وفود عسكرية روسية وإيرانية وأخرى تابعة للنظام السوري إلى بغداد، والإعلان عمّا عُرف لاحقاً باسم "غرفة بغداد المشتركة". وتمّ الاتفاق على إقامة مركز معلوماتي لتنسيق عمليات مكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، يضمّ ممثلين عن الأركان العامة للدول الأربع.

وعلى الرغم من أن الإعلان قضى بأن تتولى كل دولة من الدول الأربع رئاسة التحالف كل ثلاثة أشهر، فإنه ومنذ ولادته لم يعلن عن الدولة الثانية، وظلّت رئاسة التحالف محصورة بالدولة الأولى وهي العراق. وما لبثت أن خفتت الأضواء التي كانت تسلّطها وسائل الاعلام الحكومية والرسمية في كل من بغداد ودمشق وطهران وحتى موسكو وبشكل تدريجي واضح.

وبحسب وزير عراقي تحدث لـ"العربي الجديد" من المنطقة الخضراء ببغداد، فإن "آخر ثلاثة مستشارين روس غادروا منتصف أغسطس الماضي بشكل مفاجئ. والغرفة التي تشكلت بسبب هذا التحالف خاوية ولا وجود لها حالياً".

وأكد الوزير أن "التواصل بين موسكو وبغداد عاد إلى طبيعته الأولى بشكل رسمي وعبر الملحق العسكري الروسي في السفارة في بغداد". ورجّح أن "يكون سبب اضمحلال هذا التحالف، عائداً إلى تفاهمات أميركية روسية سابقة، بسبب عدم رغبة واشنطن بدخول موسكو الساحة العراقية منذ البداية، فضلاً عن رفض تعامل القوى السنية والكردية مع هذا التحالف ومهاجمتهم له، ووصفه بالطائفي، بينما أكدت القوى الكردية بأنها لن تتعامل إلا مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة".



ولفت الوزير إلى أن "مقر غرفة بغداد الخاصة بهذا التحالف في مطار المثنى العسكري مقابل حديقة الزوراء وسط بغداد فارغة منذ أشهر، حتى أن المستشارين الروس الذين انسحبوا أخيراً لم يزوروها منذ مدة طويلة سبقت خروجهم من العراق".

وحول باقي الدول الأعضاء (طهران ونظام الأسد)، قال "بالنسبة للإيرانيين فهم متواجدون بتحالف أو من دونه وبشكل مباشر، أما ممثلو النظام السوري، فمنذ البداية كان تواجدهم شكلياً لا أكثر". ونوّه إلى أنه "لا يمكن لهم الآن الإعلان عن حلّ التحالف أو الاعتراف بفشله لأسباب معروفة، وهي سياسية أكثر من كونها عسكرية، لكنه في الواقع بات بحكم الميت ومن المتوقع أنهم سينفون".

في هذا السياق، أكد ضباط كبار بالجيش العراقي، أن "التحالف الرباعي مات ولم يعد له ذكر، لا على المستوى الاستخباري ولا على المستوى العسكري، باستثناء صفقات التسليح التي أُبرمت عامي 2011 و2014، والتي تلتزم روسيا بتسليم العراق لها ضمن جدول مواعيد متفق عليه سابقاً. و51 في المائة من الصفقات عبارة عن ذخيرة للسلاح الروسي، الذي يمثل عماد تسليح الجيش والمليشيات في العراق، كبنادق الكلاشنكوف والبي كي سي وقذائف آر بي جي 7، وغيرها".

من جهته، قال ضابط عراقي برتبة لواء ركن بقيادة العمليات المشتركة، لـ"العربي الجديد"، إن "التحالف منسي، مع العلم أن رئيس الحكومة حيدر العبادي رفع برنامج تقديمه للبرلمان من أجل إقراره وفقاً للدستور منذ أشهر". ولدى مراجعة البيانات الرسمية العراقية الصادرة عن الحكومة، يتضح أن آخر إعلان كان في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ببيان لوزير الدفاع المقال خالد العبيدي، أعلن فيه عن عقد اجتماع مع وفد عسكري روسي في بغداد بغرض "التنسيق الأمني المشترك، في إطار التنسيق الرباعي بين العراق وروسيا وإيران وسورية".

وذكر مكتب الوزير في حينه، أن "وزير الدفاع ترأس اجتماعاً مهماً، مع وفد روسي كبير برئاسة رئيس الهيئة الفيدرالية الروسية ألكسندر فومين"، مضيفاً أن "الاجتماع يأتي لمناقشة التعاون العسكري بين بغداد وموسكو".

كما أعلنت قيادة العمليات المشتركة في الجيش العراقي في الشهر نفسه، عن بدء التنسيق الأمني والاستخباري بين الدول الأربع لاستهداف "داعش"، لكنها لم تعلن تفاصيل هذا التنسيق، الذي أعقبه تصريح لرئيس لجنة الدفاع والأمن بالبرلمان العراقي حاكم الزاملي، أكد فيه لوكالة "رويترز"، أن "العراق قد يضطر قريباً في الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة، إلى الطلب من روسيا توجيه ضربات، وهذا يعتمد على نجاحهم في سورية". وأضاف "نحن نسعى إلى أن يكون لروسيا دور أكبر في العراق، دور يفوق الدور الأميركي".

أما العبادي فقد أبدى ترحيبه في أكتوبر 2015، بتوجيه روسيا ضربات جوية إلى "داعش" في العراق. وفي فبراير/شباط الماضي، نقلت تقارير عراقية من بغداد انزعاجاً أميركياً بالغاً من هذا التحالف، الذي يسعى إلى مزيد من النفوذ الإيراني والروسي في العراق على حساب الأميركي.

وهاجم نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حامد المطلك التحالف الرباعي في وقت سابق، بقوله في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأنه "تحالف الشر الذي لم يجنِ العراقيون والسوريون منه إلّا الخراب".

بدوره، أكد النائب عن التحالف الكردستاني، محسن سعدون، أنّ "التحالف الرباعي لم يحقق أي نتائج تُذكر للعراق منذ تشكيله حتى الآن". ونوّه إلى أنّ 'التحالف لم يأت بشيء للعراق، والمعارك التي دارت في جبهات عدة لم نلمس له فيها أي دور"، مبيّناً أنه "لا جدوى من بقاء العراق في هذا التحالف".

كما توقع حينها الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عبد الوهاب القصاب عدم نجاح التحالف، لافتاً في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "كلاً من بغداد ودمشق أتباع ضمن هذا التحالف، لا شركاء".

من جانبه علق أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل خالد العمر حول الموضوع، قائلاً إن "الروس انسحبوا تدريجياً من العراق بعد هذا الإعلان بناءً على تفاهم مع الأميركيين، الذين وجدوا في التحالف الجديد، خصماً لمصالحهم ومصالح دول غربية مختلفة، فضلاً عن رفض عربي وإسلامي له".

المساهمون