ويأتي رد هيئة "الحقيقة والكرامة"، بعد يومين على تصويت نواب مجلس الشعب بعدم تمديد عملها إلى سنة إضافية.
وقالت بن سدرين، في مؤتمر صحافي بمقر الهيئة، إنّ "مجلس هيئة الحقيقة والكرامة مُصرّ على القيام بهذه المهام مهما كانت جسيمة، وستتولى الهيئة إصدار تقريرها الختامي".
وأوضحت أنّ الهيئة "عندما اتخذت قرار التمديد كان ذلك نتيجة عراقيل واجهتها من قبل أجهزة الدولة، على الرغم من أنّ هذه الأجهزة ملزمة قانونياً بتسهيل مهام الهيئة، إلا أنها لم تتعاون، ما تسبب في تأخر أعمالها".
وتابعت، أنّ "تونس تعيش ديمقراطية ناشئة، ويحدث أحياناً أن تمتنع بعض المؤسسات عن تطبيق القانون، وهو ما حصل مع الحكومة ومجلس نواب الشعب، وعدد من المحاكم التونسية، ولكن رغم ذلك تمكنت الهيئة من النفاذ إلى المعلومات وكشف العديد الحقائق".
وحول ما حصل في البرلمان، أول من أمس الإثنين، بيّنت بن سدرين أنّ "الجلسة كانت مخصصة لتعليل قرار التمديد، ولكن للأسف تم وضع هذا الموضوع جانباً، وركز النواب على مناقشة المسار، وتم الاستماع إلى خطابات كراهية لا تليق بمؤسسة تشريعية".
واعتبرت رئيسة هيئة "الحقيقة والكرامة"، أنّ "هناك محاولات لإجهاض مسار العدالة الانتقالية في تونس، مثلما تم إجهاض المحكمة الدستورية، التي تعتبر ركيزة من ركائز الدولة الديمقراطية".
ولفتت إلى "وجود جدل كبير حول قانونية جلسة التصويت في البرلمان"، مشددةً، في الوقت نفسه، على أن "الهيئة لا شأن لها بالجدل القائم، وأنها في انتظار الحسم فيما حصل بين النواب"، وأنّ "الهيئة ستطبق القانون، وستكمل أعمالها، خاصة أنه لم يصلها ما يفيد بتوقّفها عن العمل".
من جهته، أوضح النائب السابق عن حركة "النهضة"، نجيب مراد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الفصل 18 كان واضحاً، ولم يكن هناك أي خلاف داخل المجلس التأسيسي سابقاً حول هذا الفصل، الذي يؤكّد أن مدة عمل الهيئة هي 4 أعوام قابلة للتمديد بسنة إضافية"، معتبراً أنّ "التصويت الذي تم، أول من أمس، يعتبر لاغيا وغير قانوني".
وتابع مراد أنّ "ما حصل في جلسة البرلمان خرق للقانون والدستور وسعي لضرب مسار العدالة الانتقالية، التي تعتبر أساسية في ثورة الحرية والكرامة، وضرورية لتمكين الشعب التونسي من كشف الحقيقة خلال فترة الديكتاتورية والاستبداد".
ودعا مراد "هيئة الحقيقة والكرامة المنتخبة من قبل البرلمان، إلى إكمال مهامها وأعمالها"، قائلاً إنّ "عليها أن لا تهتم بالتصويت الذي حصل أول من أمس".
من جانب آخر، قال ضحية من ضحايا "انتهاكات الخبز"، في عام 1984، يدعى إبراهيم العوني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّهم "انتظروا العدالة الانتقالية طيلة 4 أعوام، وهم اليوم لا يريدون تعيين شخص جديد على رأس الهيئة، كما دعا بعض النواب، أو إيقاف أعمالها، لأن هؤلاء لا يعرفون الملفات ولم يدرسوها"، مشدداً على أنّهم "كضحايا يعرفون جيداً الجلادين ومن ظلمهم، وبالتالي يريدون كشف الحقيقة".
وأكّد العوني أنّهم "سيواصلون النضال، ويريدون للهيئة أنّ تواصل مهامها، فهم الضحايا والوطنيون الأحرار الذين انتهكت حقوقهم وسلبت حريتهم عندما قبعوا في السجون، وهم من عانوا من الاستبداد".
بدورها، قالت المواطنة ليلى بن حمودة، إنّ والدها سجين سياسي، وإن عائلتها تم تعذيبها في زمن الحبيب بورقيبة، وكذلك في فترة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، مشيرة إلى أنهم "متشبثون بالأمل وبالعدالة الانتقالية، وأنهم يريدون معرفة مسار ملفاتهم، وأن تستمر الهيئة في مهامها".
وأكد أحد ضحايا الانتهاكات، بشير الخليفي، أنّهم "يساندون هيئة الحقيقة والكرامة، ويطالبون بأن تواصل أعمالها، وأنهم اختاروا مسار العدالة الانتقالية عن وعي، لحماية تونس واسترداد حقوقهم، وأنّ مجلس نواب الشعب أراد إيقاف مسار العدالة، ولذلك فإنّهم لن يصمتوا وسيحتجون".
وأوضح الخليفي أنّ "تمسّكهم برئيسة الهيئة ليس لشخصها، بل لأنها الضامن الوحيد لمواصلة مسار العدالة الانتقالية".
وخلال المؤتمر، ردد الغاضبون أن "لا استقرار ولا حرية دون إكمال العدالة الانتقالية"، منددين بقرار البرلمان "إيقاف أعمال الهيئة".