الجزائر: بدء محاكمة عسكرية جديدة لقائدي جهاز المخابرات وشقيق بوتفليقة

09 فبراير 2020
المتهمون متابعون بالتآمر على أمن الدولة (ناصر الدين زيبار/Getty)
+ الخط -

تبدأ اليوم الأحد في المحكمة العسكرية بمدينة البليدة، قرب العاصمة الجزائرية، جولة ثانية من المحاكمة المثيرة للقائدين الأسبقين لجهاز المخابرات الفريق محمد مدين واللواء بشير طرطاق، والسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والأمينة العامة لحزب العمال اليساري لويزة حنون، بعد قبول المحكمة العسكرية طعناً في إدانة سابقة كانت قد أصدرتها في حقهم في 25 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بالسجن لمدة 15 سنة.

ويلاحق القضاء العسكري الشخصيات الأربع بتهمة التآمر على أمن الدولة ومحاولة المساس بسيادة قيادة عسكرية وسلطتها.

وضُمّ إلى هذه القضية أيضاً وزير الدفاع السابق خالد نزار، ونجله لطفي نزار، وشريك ثالث لهما هو فريد بلحمدين، على خلفية اجتماع عُقد في نهاية مارس/ آذار الماضي بعد اندلاع مظاهرات الحراك الشعبي في فبراير/ شباط، بهدف تشكيل هيئة رئاسية انتقالية اقترح لرئاستها الرئيس السابق ليامين زروال، وإقالة قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الذي توفي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وإعلان حالة الطوارئ. 

وكان القضاء العسكري قد أمر، في الخامس مايو/ أيار الماضي، باعتقال السعيد بوتفليقة، والقائدين السابقين لجهاز المخابرات محمد مدين وعثمان بشير طرطاق، فيما أُوقِفَت زعيمة حزب العمال اليساري في التاسع من الشهر نفسه. 

وفي 30 مارس/ آذر الماضي، كشف قائد الجيش الجزائري الراحل الفريق أحمد قايد صالح عن اجتماع سري عقد في 28 مارس/ آذار الماضي جمع مدين وطرطاق والسعيد بوتفليقة ولويزة حنون، قال إنه للتآمر وإعلان حالة طوارئ في البلاد، وإنزال الجيش إلى الشارع.

وفي الثاني من إبريل/ نيسان، أقرّ الرئيس السابق ليامين زروال (حكم البلاد بين 1994 إلى 1999)، في بيان نشره، باجتماعه في 30 مارس/ آذار الماضي في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية بمديري المخابرات السابقين، اللذين نقلا إليه مقترح السعيد بوتفليقة بإنشاء هيئة رئاسية تتولى تسيير المرحلة الانتقالية، لكن زروال رفض المقترح، وكشف ذلك للرأي العام.

وكان مدين قد أقر، خلال المحاكمة، بعقد سلسلة اجتماعات سرية نهاية مارس/ آذار الماضي عشية استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من منصبه، لتشكيل هيئة رئاسية تقودها شخصية توافقية تحل محله، وذكر أنها كانت تهدف إلى إيجاد حل للأزمة في البلاد، بعد اندلاع مظاهرات الحراك الشعبي في 22 فبراير/ شباط الماضي، وجرت مناقشة إمكانية التفاهم مع الرئيس السابق ليامين زروال أو رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس لترؤس هيئة رئاسية انتقالية مؤقتة تقود البلاد. 

وأقرّ وزير الدفاع السابق خالد نزار، المتهم أيضاً، وهو في حالة فرار، أن ذلك الاجتماع المثير للجدل كان يستهدف السعي إلى إقالة رئيس أركان الجيش، بسبب أن وجوده سيعرقل تنفيذ الخطة وإعلان حالة الطوارئ للتحكم في الوضع وإعادة الهدوء إلى الشارع ووقف المظاهرات.

وأصدر القضاء العسكري في 25 ديسمبر/ كانون الأول حكماً بالسجن لمدة 15 سنة في حق مدين وطرطاق والسعيد بوتفليقة ولويزة حنون، وكذا ثلاثة متهمين في حالة فرار، هم خالد نزار ونجله ومدير شركة صيدلة فريد بلحمدين.

وجرت المحاكمة خلال أربعة أيام، ووصفت هيئة الدفاع عن المتهمين الأربعة المحاكمة السابقة بـ"غير العادلة".

وقال المحامي خالد للصحافيين حينها إن "هذه المحاكمة شخصية ولا تتوافر فيها ظروف المحاكمة العادلة، والقناعة التي توصل إليها مجموع المحامين في القضية، وعددهم 20 محامياً، أنها مجرد حسابات شخصية"، بين قائد الجيش حينها قايد صالح والمتهمين الأربعة، ويعتقد أن ذلك الاجتماع لم يكن له أي طابع تآمري، لكونها جرت بين أشخاص في إقامة مدنية تابعة لرئاسة الجمهورية، حيث إن بوتفليقة لا يزال رئيساً للبلاد، وشقيقه السعيد مستشاراً له، وطرطاق مسؤولاً أمنياً. أما الفريق محمد مدين (متقاعد فقد استُشير بحكم خبرة وتجربة في مسائل تخصّ البلاد.

لكن جلسة المحاكمة التي تُعقَد اليوم تأتي في ظرف سياسي مغاير تماماً، في ظل وجود رئيس منتخب هو عبد المجيد تبون، وبعد رحيل قائد الجيش الفريق الذي توفي فجأةً نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ومع تراجع زخم الحراك الشعبي الذي كان يطالب بمحاكمتهم مقارنةً مع السابق، ووجود ضغوط سياسية للإفراج عن أمينة حزب العمال لويزة حنون، لكن تصريحات سابقة لقائد الجيش الجديد اللواء السعيد شنقريحة بشأن التمسك بالمحاسبة تُبقي للمحكمة إسناداً كبيراً لإدانة جديدة للمتهمين، خاصة أن أي تراجع في محاسبتهم قد يؤلب الرأي العام على السلطة السياسية الجديدة. 

دلالات