كيف سيتعامل العراق مع محمد كوثراني بعد المكافأة الأميركية؟

11 ابريل 2020
واشنطن تعرض عشرة ملايين دولار مقابل معلومات عن كوثراني(تويتر)
+ الخط -
فرض عرض الولايات المتحدة، مساء أمس الجمعة، ما يصل إلى عشرة ملايين دولار مقابل معلومات عن مسؤول الملف العراقي في "حزب الله" اللبناني، محمد كوثراني، والذي كان مساعدا لقائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، الذي قتل في هجوم بطائرة أميركية مسيرة في بغداد في يناير/ كانون الثاني، تساؤلات في العراق حول ما ستحمله المرحلة المقبلة، وكيفية تأثير الموقف الأميركي على تحركات كوثراني.

ووصفت واشنطن كوثراني في 2013 بأنه "إرهابي"، واتهمته بتمويل جماعات مسلحة في العراق والمساعدة في نقل مقاتلين عراقيين إلى سورية.

وتواصل "العربي الجديد"، مع مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال في العراق، عادل عبد المهدي، للإجابة عن كيفية تعامل السلطات مع الإعلان، خاصة مع وجود تقارير تتحدث عن تواجد كوثراني بالوقت الراهن في بغداد، إلا أن المكتب رفض التعليق أو الإجابة عن أي من الأسئلة الموجهة للحكومة.
في المقابل، قال مسؤول رفيع في الحكومة طلب عدم ذكر اسمه كونه غير مخوّل بالتصريح، إن "الحكومة غير معنية بالقرار الأميركي"، مضيفا لـ"العربي الجديد" أن "السلطات العراقية غير معنية أيضا بالتعامل مع هذا القرار ووجود كوثراني أو أي شخصية أخرى يعني أنه بموافقة عراقية وهذا شأن سيادي، والعراق سيواصل استقبال من يرغب بهم".


وحول صحة امتلاك كوثراني الجنسية العراقية قال "سواء كان عراقيا أو لبنانيا بمجرد دخوله العراق يعني أنه دخل بمشيئة السلطات العراقية ونحن غير معنيين بالقرارات أحادية الجانب من قبل واشنطن"، مؤكدا أن "أي تجاوب من أي عراقي بخصوص الموضوع في الإدلاء بمعلومات عن كوثراني أو غيره لجهة أجنبية سيعتبر تخابرا مع جهة خارجية وتقع عليه عقوبات قد تصل إلى الإعدام أو السجن المؤبد"، وفقا لقوله.
وبرز اسم كوثراني في العراق بشكل أكبر بعد عام 2013، إذ دخل على خط مصالحة داخل "حزب الدعوة"، وكذلك بين شخصيات سياسية عدة، ورئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي، قبل أن يتحول إلى منسق أو وسيط لقوى سنية وكردية مختلفة، وينسب له المشاركة في تأسيس تحالف "البناء"، من كتل "الفتح"، بزعامة هادي العامري، و"دولة القانون"، بزعامة المالكي وجذب كتل أخرى للتحالف.
ورغم أنه يُنظر إليه أكثر من كونه مجرد وسيط أو طرف ضاغط للتوفيق بين الكتل السياسية كافة وحلّ الخلافات، إلا أنه ينسب لكوثراني المشاركة أو الإشراف على تأسيس "كتائب حزب الله" العراقية إلى جانب القيادي السابق بمليشيا الحشد أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني، فضلا عن تحشيد ما عرف حينها عام 2016 بـ "التطوع المقدس" للقتال في سورية إلى جانب قوات نظام بشار الأسد.


إلى ذلك، استبعد عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، النائب عن تحالف "الفتح"، مختار الموسوي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن تكون الحكومة العراقية أو القوى السياسية بصدد مناقشة هذ ا القرار أو التجاوب معه، مبينا أنه "لن يسمح بتكرار حادثة الاعتداء على ضيوف العراق، كما حصل مع قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني".
وبين الموسوي أن "عرض الولايات المتحدة الأميركية، 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن كوثراني، بكل تأكيد يؤثر على تحركاته في العراق والمنطقة بصورة عامة، خصوصاً أنه بعد عملية اغتيال قاسم سليماني، أصبحت تحركات قادة الحشد الشعبي والفصائل أكثر حذرا، بل تتم وسط إجراءات أمنية، فالجميع أخذ عبرة من عملية مطار بغداد الدولي".


وأضاف أن "عرض الولايات المتحدة الأميركية، عشرة ملايين دولار مقابل معلومات عن كوثراني، لا يمنعه من زيارة العراق، فهناك شخصيات كثيرة تزور العراق وعليها متابعات وأوامر قبض أميركية، ومنع أي شخصية لزيارة العراق، فقط بقرار من وزارة الخارجية العراقية، وليس من أي جهة خارجية أخرى أميركية أو غيرها".


في المقابل، قال الخبير بالشأن الأمني العراقي، هشام الهاشمي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "قبل عملية اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس مطلع العام الحالي كانت القيادات المهمة تركن إلى طمأنينة أن الولايات المتحدة لن تجرؤ على استهداف قادة الصف الأول، وهذا يعني أنهم كانوا يتعاملون مع أمنهم الشخصي على طريقة (اتركها على الله)، والشيخ محمد كوثراني، أكثر منهم في ذلك وإن لم يكن أكثر حذرا قد يكون أسهل استهدافا من قبل الدرونز الأميركية".
وفيما توقع الهاشمي أن "كوثراني سيغير من وضعه على مستوى أمنه الشخصي وسيكون أكثر تخفيا في زياراته للعراق"، أكد أنه "لا توجد أي نية لتسليم الحكومة العراقية كوثراني إلى الولايات المتحدة الأميركية، في حال دخل الأراضي العراقية، فبغداد غير مرتبطة باتفاقية ثنائية لتسليم المطلوبين إلى واشنطن، ولهذا كل من وضع على قوائم الإرهاب الأميركية، العراق يتعامل معهم بصفات قانونية وهم غير مطلوبين للقضاء العراقي".


وكشف الخبير العراقي أن "مهمة كوثراني في العراق عبارة عن منسق سياسي بين حزب الله اللبناني والبيت السياسي الشيعي بكل أطرافه، وهو أيضا كان له دور مهم في إجراء مصالحات بين شخصيات من العرب السنة والقوى السياسية العربية الشيعية من السياسيين، الذين تفاقمت الفجوة بينهم، وكوثراني ساهم بشكل كبير بإجراء هذه المصالحة".
وختم الهاشمي بقوله إن "عرض الولايات المتحدة الأميركية، عشرة ملايين دولار مقابل معلومات عن كوثراني، يشير إلى أن واشنطن لديها معطيات بأنه قام بأعمال عدائية وأحد هذه المعطيات أنه قد يكون شارك مع جهات مسلحة في قمع تظاهرات 2019".