وسقط قتيلان في مظاهرة خرجت قرب مستشفى الجملة العصبية، فيما قُتل آخرون في مظاهرة خرجت بالقرب من مول النخيل، فيما أطلقت قوات عراقية النار على متظاهرين قرب ساحة التحرير وسط العاصمة، بالتزامن مع تظاهرتين أخريين خرجتا في ساحتي الخلاني والطيران.
وأكد مصدر طبي، لـ"العربي الجديد"، وصول 13 جريحاً خلال أقلّ من ساعة، غالبيتهم مصابون جراء إطلاق النار، فضلاً عن قتيلين اثنين.
وبحسب شهود عيان، فقد شملت القوات المشتركة بإطلاق النار كلّاً من الشرطة الاتحادية وقوات "سوات" وجهاز مكافحة الشغب، وأخرى بالزي الأسود تابعة لما يعرف بـ"أمنية الحشد الشعبي".
وإلى الجنوب، اقتحم متظاهرون مقري "تيار الحكمة"، الذي يتزعمه عمار الحكيم، وحطموا محتوياته في ذي قار، وأحرق متظاهرون مقرّ الحزب الشيوعي العراقي في المحافظة ذاتها، وفق ما نقلت إذاعة "المربد" العراقية.
وقال القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "مَن سقطوا في اليومين الماضيين أغلبهم لا يملكون ثمن وجبة غداء، وخرجوا يطالبون بحقوقهم"، معتبراً السكوت عن قتل الشبان العراقيين عاراً.
بدوره، قال عضو مجلس عشائر ذي قار محمد الحسن، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العنف لن يولّد إلا عنفاً مقابلاً، وقد أبلغنا الحكومة أنّ عليها وقف إطلاق النار فوراً تجاه من يطالب بحقه"، مضيفاً أنّ "الفقراء والمحرومين فقط هم من يخرجون في التظاهرات".
وشهدت العاصمة العراقية بغداد، اليوم السبت، أول حركة محدودة، منذ مساء الأربعاء، وذلك بعد حظر شامل للتجوال قطّع أوصال العاصمة العراقية وضواحيها، وأطلقت قوات الأمن النار لتفريق متظاهرين في شارع فلسطين شرق بغداد.
وأعادت السلطات العراقية فرض حظر التجوال في ذي قار، اعتباراً من الواحدة ظهراً اليوم السبت، وحتى إشعار آخر.
ومع استمرار الانتشار العسكري والأمني المكثف لقوات الجيش، والشرطة المحلية، والشرطة الاتحادية، وجهاز مكافحة الشغب، وجهاز مكافحة الإرهاب، وتشكيلات أمنية أخرى، شوهد لأول مرة نزول قوات تابعة لمليشيات "الحشد الشعبي"، تعرف باسم "أمنية الحشد"، تنتشر بمحيط المنطقة الخضراء وقرب مقرات فصائل مسلحة في بغداد.
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه مفوضية حقوق الإنسان العراقية ارتفاع ضحايا التظاهرات الأخيرة إلى 93 قتيلاً وأكثر من 4 آلاف جريح، بينما فشل البرلمان في عقد جلسة خاصة لبحث الاحتجاجات، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني.
وأضافت المفوضية، في بيان، أن عدد المعتقلين على خلفية التظاهرات وصل إلى 567 شخصاً، أُفرج عن 355 منهم.
رئيس البرلمان يعد بالإصلاحات
في الأثناء، طالب رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، السبت، الحكومة بتحديد أسماء من سماهم "حيتان الفساد" لمحاسبتهم، في محاولة لتهدئة الاحتجاجات.
وكان الحلبوسي يتحدث في مؤتمر صحافي من مبنى البرلمان، بعد أن فشل الأخير في عقد جلسة لمناقشة أزمة الاحتجاجات الراهنة؛ جراء مقاطعة كتل عديدة، من أبرزها كتلة "سائرون"، وهي أكبر كتلة برلمانية، وتحظى بدعم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
ودعا الحلبوسي المحتجين إلى مواصلة المطالبة بحقوقهم المشروعة، لكن مع تجنب الاصطدام مع قوات الأمن. وشدد على أنّ سلمية التظاهرات ستكون كفيلة بعدم إبعادها عن مسارها.
وتعهد الحلبوسي بمحاربة الفساد بقوله إنّ "آفة الفساد لا تختلف عن الإرهاب، وسنعمل على محاربة حيتان الفساد".
وفي مسعى لتهدئة المحتجين، سرد الحلبوسي إجراءات سيتم اتخاذها لتحسين الأوضاع.
وقال: "نعلن إيقاف حملة إزالة التجاوزات (المساكن العشوائية) فوراً إلى أن تجد الدولة البدائل وتوفر التخصيصات اللازمة لإنشاء ما لا يقل عن 100 ألف وحدة سكنية يتم توزيعها وفق النسب السكانية في المحافظات".
وتابع: "هذا المشروع سيُطلق الآن، وسيتم التنسيق مع مصرفي الرافدين والرشيد (حكوميين).. المشروع سيساهم بعودة النازحين وتوفير مليون فرصة عمل للعاطلين".
وعن القطاع الزراعي، قال الحلبوسي إنّ "هناك إجراءات آنية سيتم اتخاذها، بينها إعفاء جميع المزارعين من بدلات الإيجار مطلع العام القادم، وإيقاف استيراد المحاصيل التي يزرعها الفلاح العراقي".
وأضاف: "لدينا 50 ألف معمل (مصنع) متوقف عن العمل سيتم التنسيق مع البنك المركزي لمنح قروض ميسرة لأصحاب المعامل للعودة إلى العمل".
وتابع: "البرلمان سيصوت قريباً على تشكيل مجلس الخدمة الاتحادي (معني بتنظيم الوظائف الحكومية) وإبعاد هذا المفصل المهم عن أي تدخل سياسي".
وأوضح أنه "سيتم إطلاق التعيينات وفق مجلس الخدمة الاتحادي، وسيتم منح فرصة أكبر لحملة الشهادات العليا وللخريجين السابقين، فضلاً عن استقطاع نسبة من رواتب الدرجات العليا لتشكيل صندوق تشغيل العاطلين والخرجين".
ومضى قائلًا إنّ البرلمان سيدعم الحكومة بتخصيص مبالغ إعانة اجتماعية للأسر الفقيرة، ويبلغ عددها نحو مليون وربع المليون أسرة.
وتعهد الحلبوسي بإطلاق التخصيصات المالية اللازمة لعودة النازحين (نحو 1.5 مليون نازح) إلى منازلهم في المناطق التي جرى تحريرها من تنظيم "داعش" الإرهابي، وتعويض جميع المتضررين.