وقال عضو بارز في اللجنة، لـ"العربي الجديد"، إنّ مد انعقاد مجلس النواب لسبعة أشهر إضافية هو مخالفة صريحة لأحكام الدستور، الذي حدد الفصل التشريعي بخمس سنوات من خلال خمسة أدوار انعقاد، مدة كل دور منها تسعة أشهر على الأقل، موضحاً أنّ "عقد دور انعقاد سادس للمجلس في الفصل التشريعي ذاته هو سابقة لم تحدث في تاريخ المجالس النيابية المصرية".
وأشار المصدر إلى أنّ حديث عبد العال عن فضّ دور الانعقاد الخامس في نهاية يونيو 2020، وعقد دور جديد مطلع أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، هو مخالفة واضحة للمادة 115 من الدستور، والتي حددت دور الانعقاد بتسعة أشهر، مقابل ثلاثة أشهر على أفضل تقدير هي مدة دور الانعقاد السادس، ارتباطاً بانتهاء مدة الخمس سنوات المحددة دستورياً للفصل التشريعي.
وأعلن عبد العال في جلسة البرلمان المنعقدة يوم الثلاثاء الماضي، مدّ انعقاد المجلس حتى 9 يناير 2021، وعدم فضّ الفصل التشريعي بانتهاء دور الانعقاد الخامس، بذريعة أن الدستور حدد مدة مجلس النواب بخمس سنوات ميلادية، وبالتالي من حق المجلس الحالي مواصلة الانعقاد حتى الثانية عشرة من مساء التاريخ أعلاه، كونه بدأ أعماله في 10 يناير 2016.
بدوره، قال عضو في اللجنة التشريعية عن تكتل (25-30) المعارض، إنّ عقد البرلمان دور انعقاد سادسا سيعرّض التشريعات التي يصدرها خلال هذا الدور للطعن أمام المحكمة الدستورية، منوهاً إلى أن المادة 106 من الدستور نصت على إجراء انتخابات لمجلس النواب الجديد خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدته، ولم يحدث أن شهدت البلاد انعقاداً للبرلمان أثناء إجراء انتخاباته.
مناورة سياسية
وأضاف عضو التكتل في حديث خاص، طالباً عدم الكشف عن هويته، أنّ تصريح عبد العال عن مد عمل مجلس النواب لا يعد بمثابة قرار صادر عن المجلس، وإنما هو مناورة سياسية لتبرير استمرار دور الانعقاد الحالي لأكثر من تسعة أشهر، تحسباً لتأخر الحكومة في إرسال بعض التشريعات إلى البرلمان، خصوصاً إذا ما ارتبط تمريرها بقرارات أو إجراءات اقتصادية، في ظلّ الحديث الدائر حول توقيع اتفاق قرض جديد مع صندوق النقد الدولي.
ولخّص المصدر الجدال الدائر حول قرار مدّ عمل البرلمان، بالقول إن "القرار النهائي يعود إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، لأنّ الدستور اختص رئيس الجمهورية دون غيره بدعوة مجلس النواب للانعقاد، وكذلك إصدار قرار فضّ دور الانعقاد"، خاتماً "تحديد مدة البرلمان بخمس سنوات لا يعني الانعقاد طوال هذه الفترة، فهو تفسير خاطئ لأحكام الدستور الذي شارك عبد العال في وضع مسودته".
وكان عبد العال قد برر قراره، بالقول: "إن هناك خلطاً بين عدد أدوار الانعقاد السنوية، ومدة الفصل التشريعي، فالأخير مُحدد في الدستور بخمس سنوات"، مردفاً "أدوار الانعقاد السنوية غير محددة على مستوى العدد في الدستور، وسندعو إلى دور انعقاد جديد (سادس) في أكتوبر/تشرين الأول 2020، استناداً إلى فلسفة دور الانعقاد الكامل والناقص"، على حد تعبيره.
شعبياً، أثار قرار عبد العال حالة من السخط لدى الرأي العام، لاسيما مع عدم رضا قطاع عريض من الشعب المصري على أداء مجلس النواب، على ضوء تمرير المجلس العديد من القوانين التي مهدت إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بصورة غير مسبوقة، فضلاً عن عدم استجابة البرلمان للمطالب الجماهيرية بشأن تحسين مداخيل المواطنين تشريعياً، بما يتناسب مع معدلات الغلاء.
في السياق، قال محمد فتحي وهو محامٍ، إنّ "البرلمان الحالي هو الأسوأ في تاريخ الحياة النيابية في مصر، لأنه لا يمثل الشعب، إذ اختير أعضاؤه بمعرفة الجهات الأمنية (الاستخباراتية) من أجل مساندة قرارات السلطة الحاكمة"، مستطرداً: "نواب البرلمان الحاليون ساهموا في زيادة معاناة الشعب، من خلال الموافقة على التشريعات المقدمة من الحكومة في شأن تحرير الدعم ورفع الأسعار".
كذلك، اعتبر عمرو طنطاوي وهو مهندس، أنّ البرلمان الحالي "لا يعبّر عن طموحات وآمال من انتخبوه، بعدما تنازل عن دوره في رقابة أداء الحكومة، إلى جانب تمريره العديد من التشريعات المخالفة للدستور، والتي أدت بالتبعية إلى غلق المصانع، واتساع رقعة الفقر"، مضيفاً أنّ "أعضاء المجلس ليسوا سوى موظفين لدى النظام الحاكم، ينفذون أوامره مقابل بدلات الجلسات، والمكافآت العينية".
بدوره، رأى حسام ربيع وهو يعمل كمحاسب، أنّ مجلس النواب الحالي "لم يناقش بجدية مشاريع القوانين المرتبطة بزيادات الأسعار، أو يضغط على الحكومة في ملف الرقابة على التجار، أو إزاء تفعيل دور جهاز حماية المستهلك في مواجهة عمليات الاحتكار"، مضيفاً أنّ "نواب البرلمان يتقاضون مئات الملايين من الجنيهات سنوياً من دون فائدة على الشعب، الذي يعاني بغالبيته من مخاطر الجوع والبطالة".