ماكرون يكشف عن خطة لإعادة المهاجرين من ليبيا ولدعم الجيوش الأفريقية

06 ديسمبر 2017
ماكرون يعلن عن دعم الجيوش الأفريقية (لودوفيك/ فرانس برس)
+ الخط -
دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم إلى تجاوز آثار الماضي الاستعماري بين الجزائر وفرنسا، وتطوير الشراكة والتعاون الاقتصادي والعلمي مع الجزائر، كاشفاً في الوقت نفسه عن خطط لإعادة المهاجرين من ليبيا، إما إلى بلدانهم وإما إلى فرنسا، وكذلك عن نية لدعم الجيوش الأفريقية.

وفي حوار نشرته صحيفتا "الخبر" و"الوطن الجزائري" قال ماكرون: "أنا من جيل الفرنسيين الذين يعتبرون أن جرائم الاستعمار الأوروبي لا جدال فيها وهي جزء من تاريخنا. بصفتي رئيس دولة استعمرت جزءاً من أفريقيا ولأنني أمثل جيلاً لم يعرف تلك الحقبة من الزمن أعتبر أن فرنسا اليوم قد ورثت هذا الماضي وعلينا ألا ننساه".

وأضاف "أنا مقتنع أشد الاقتناع بأن مسؤوليتنا هي ألا نبقى مغلولين بهذا الماضي ونغرق فيه، مسؤوليتنا هي أن نعرف هذا التاريخ وأن نبني مستقبلاً مشتركاً وأن نحيي الآمال"، مشيراً إلى أن لديه "نظرة رجل من جيلي، نظرة رئيس تم انتخابه على أساس مشروع انفتاحي، أنا أعرف التاريخ ولكنني لست رهين الماضي، ولدينا ذاكرة مشتركة، يجب أن ندرك ذلك، ولكنني اليوم أودّ أن نتوجه معاً نحو المستقبل في ظل احترام تاريخنا".

وفي سياق آخر، شدّد ماكرون على أن "العلاقات الجديدة التي أود بناءها مع الجزائر والتي اقترحها على الطرف الجزائري هي علاقة شراكة"، معتبراً أن "الجزائر شريك اقتصادي رئيسي بالنسبة لبلدنا، وفرنسا هي أول مستثمر أجنبي في الجزائر خارج المحروقات. هذا يمثل مجموع استثمارات فرنسية قيمتها 2,3 مليار يورو. حجم هذه الاستثمارات ارتفع بنسبة 4٪ مقارنة بسنة 2015. استثماراتنا متنوعة، لا سيما في القطاع المصرفي وقطاع التصنيع، وأساساً في مجال صناعة السيارات ثم مجال الصناعة الغذائية فالصناعة الكيميائية. في حال تجسّدت المشاريع قيد الإنجاز سترتفع قيمة الاستثمارات الفرنسية في الجزائر بشكل كبير خلال السنوات المقبلة".

وفي شأن الإرهاب، شدّد ماكرون على ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي لمكافحته، وقال "لباريس والجزائر مصلحة مشتركة هي استقرار المنطقة ومكافحة الجماعات الإرهابية، وعملية سرفال وبرخان العسكرية التي تقوم بها فرنسا في شمال مالي والساحل سمحت بإنقاذ مالي من الجماعات الإرهابية".

وأضاف أن "المعركة ضد الإرهاب في الساحل لا يمكن الفوز بها إلا إذا سعينا وراء إنشاء جيوش أفريقية قوية قادرة على التحكم في حدود بلدانها والانتصار على الجماعات الإرهابية، هي الهدف من دعمنا للقوة المشتركة لدول الساحل التي هي بصدد الانتشار في المقام الأول في المناطق الحدودية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو".

وكشف الرئيس الفرنسي أن العمليات العسكرية المشتركة الأولى قد بدأت، ولكن يجب العمل بسرعة أكبر، إذ يجب إحراز انتصارات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية". مشيراً إلى اجتماع سيعقد في باريس، يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول، مع أعضاء القوة المشتركة لدول الساحل بشأن مكافحة الإرهاب والفقر والتنمية.

 

وفي شأن المهاجرين، كشف ماكرون عن خطة لتسريع عمليات ترحيل المهاجرين الأفارقة من ليبيا إلى بلدانهم الأصلية أو إلى فرنسا بالنسبة إلى عدد محدود منهم، وفق شروط خاصة. وقال "قمنا بوضع مخطط من تسع نقاط ملموسة نعمل على تجسيده، وسيتم تقديم الدعم لمنظمة الهجرة الدولية من أجل تسريع عمليات الترحيل من ليبيا نحو البلدان الأصلية. جزء من هؤلاء المهاجرين الذين تتوفر فيهم شروط اللجوء سيستفيدون من الحماية والإقامة، بما في ذلك في فرنسا، من خلال المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية الذي وضع إجراءات بالتنسيق مع المفوضية السامية الأممية لشؤون اللاجئين، وبالتعاون مع سلطات النيجر والتشاد، لحد الساعة".

كذلك دعا دولاً أوروبية إلى المساعدة وتبني الإجراءات نفسها لإنهاء أزمة المهاجرين في ليبيا، وأكد أن "فرنسا هي البلد الأوروبي الوحيد الذي وضع مثل هذه الإجراءات، وأودّ أن تلتحق بها دول أوروبية أخرى، نحن نعمل بالموازاة مع ذلك على تفكيك شبكات العبور التي نعتبرها تجارة الرقيق الجديدة. يبدأ هذا العمل بتطبيق عقوبات، مثل تجميد الحسابات البنكية، عقوبات ستتم مناقشتها في مجلس الأمن للأمم المتحدة".

وثمّن الرئيس الفرنسي ما وصفه بـ"التجنّد الدولي الذي بلغ مستوى الرهان لحل أزمة الهجرة السرية ومنع استمرار عمليات استغلال تجار البشر"، وقال: "لقد تحدثت في واغادوغو - القمة الأوروبية الأفريقية الأخيرة – عن مسؤولية مشتركة، وهذا هو الخط العريض الذي سنعيد على أساسه بناء الشراكة بين أوروبا وأفريقيا. البداية ستكون من خلال تقديم الحلول الملموسة للقضاء على مأساة الشعوب الأفريقية التي تُستغلّ في ليبيا"، مشدداً على "ضرورة خلق الظروف المناسبة لتمكين الشباب الأفريقي من تخطيط مستقبله والمصير الذي يختاره لا أن يفرض عليه، كي لا يصبح فريسة بين أيدي تجار البشر أو المتطرفين".

وعن الخلاف بين المغرب والجزائر والنزاع مع جبهة البوليساريو، قال ماكرون إن الجزائر طرف في هذا النزاع، داعياً إياها والمغرب إلى الحوار: "على بلديكما معاً، وبدعم من المجتمع الدولي، أن يعملا على حل هذه الأزمة، التي يعد حلها تحدياً كبيراً من أجل اندماج المغرب العربي"، موضحاً أن قضية الصحراء الغربية "سبب انسداد اقتصادي كبير في المنطقة. أتمنى أن يتمكن المغرب والجزائر من تخطي خلافاتهما من أجل بناء صرح مغاربي قوي، موحد ومزدهر".

وفي شأن الأزمة في ليبيا، أكد ماكرون أن "فرنسا تتوافق مع الموقف الجزائري لدعم مطلق لوساطة تقودها الأمم المتحدة عبر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة"، مشيراً إلى أن ما اقترحه سلامة هو "مخطط جرت المصادقة عليه من طرف برلمان طبرق، وهذا أمر جيد. علينا اليوم أن نقنع جميع الأطراف بأن الحل الوحيد للأزمة الليبية هو سياسي وأنه من صالحهم جميعاً إعادة تفعيل هذا المسار تحت راية الأمم المتحدة "، مثمناً في الوقت نفسه "الدور العام الذي تلعبه الجزائر في هذا الملف مع تونس ومصر".