على سكون وهدوء عال يسبق الهدير الشعبي نامت العاصمة الجزائرية التي بدت من شرفة فندق الأوراسي كعروس تمد رجليها في المتوسط، وتبسط ساحاتها لاستقبال الآلاف من المتظاهرين ظهر اليوم عقب صلاة الجمعة، للمشاركة في المظاهرات التي دعا إليها ائتلاف شبابي مستقل من الناشطين، لكن داخل هذا الهدوء وبين جنباته تسكن هواجس وتساؤلات عن مآلات حراك الجمعة وتوقعات أعداد المتظاهرين.
وبخلاف مسيرات الجمعة الماضية التي كانت السلطات الجزائرية قد استبقتها بنشر تعزيزات حاشدة من رجال الشرطة ومكافحة الشغب، واحتلال الساحات برجال الشرطة قبل صباح الجمعة وتوافد المتظاهرين، سحبت السلطات الجزائرية الليلة رجال الشرطة من النقاط المعتادة وتقاطعات الطرق ومن الساحات وشوارع العاصمة الجزائرية التي بدت خالية، في حدود منتصف الليل إلا من قليل من السيارات، وعدد قليل جدا من محال الوجبات الخفيفة.
وخلال جولة في الشوارع الرئيسية والساحات المركزية وسط العاصمة، وتحديدا من محيط الرئاسة في منطقة المرادية بأعالي العاصمة الجزائرية حتى ساحة أول مايو وصولا إلى البريد المركزي، ومرورا بالساحات المركزية كساحة أودان وبورسعيد وساحة الشهداء وساحة الأمير عبد القادر وسط العاصمة الجزائرية، فإنه لا يوجد أي أثر لأية تعزيزات أمنية خاصة ومركبات الشرطة ومدرعات مكافحة الشغب.
وقرب البريد المركزي كان هدير شاحنات جمع النفايات يكسر سكون الليل، مترافقا مع همسات عمال النظافة وههم يقومون بجمع النفايات، ولم يلحظ وجود أية تعزيزات أمنية، كما خلت ساحة أودان من مركبات الشرطة، برغم أنها ظلت مرابطة في المكان منذ ما قبل مسيرات الجمعة الماضي.
ولا يعلم ما إذا كانت السلطات الجزائرية بصدد إخلاء الشوارع للمتظاهرين، والسماح باستنساخ تجربة المسيرات السلمية الجمعة الماضي.
لكن معلومات تتحدث عن وجود تعزيزات أمنية من قوات الدرك، وقيام السلطات باستبدال الشرطة التي تتبع وزارة الداخلية بقوات الدرك التي تتبع الجيش ووزارة الدفاع، المعروف عنها الحزم بشكل أكبر من الشرطة.
لا يبدي مصطفى سائق التاكسي، والبالغ من العمر47 سنة أي قلق إزاء مسيرات الجمعة.
ويعتبر مصطفى أن نجاح مسيرات 22 فبراير ستشجع الناس على الخروج أكثر، غير أن ما تأسف له مصطفى بشكل بالغ، هو المآل الذي انتهى إليه الرئيس بوتفليقة حيث قال: "شخصيا أنتظر الحصول على سكن منذ عام 2013 ولم أحصل عليه، وفقدت الأمل في ذلك، لم أستفد في عهد بوتفليقة لكني مع ذلك لم أكن أتمنى أن تكون نهايته هكذا، حتى يثور عليه الشعب".