ضغوط أميركية على رئيس الحكومة اللبنانية أفضت لإطلاق سراح أبرز المطلوبين لبغداد

26 يونيو 2019
تندرج التهم الموجهة لكريم ضمن جرائم الخيانة العظمى (Getty)
+ الخط -
قال مسؤول عراقي رفيع في بغداد، اليوم الأربعاء، إن سلطات إقليم كردستان رفضت رسمياً تسليم المطلوب الأول للقضاء العراقي في قضية كركوك، محافظ كركوك السابق، نجم الدين كريم، للقضاء العراقي، وذلك بعد إطلاق سراح الأخير من قبل السلطات اللبنانية، وعودته إلى أربيل منتصف الشهر الحالي، كاشفاً أن المعلومات المتوفرة لدى الحكومة العراقية هي أن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري تعرض لضغوط أميركية رضخ لها، وأمر بإطلاق سراح كريم.

وأوضح المسؤول العراقي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن إطلاق الحريري للمطلوب الأول لدى بغداد، حصل خلافاً لاتفاقيات ومواثيق مشتركة موقعة بين العراق ولبنان، آخرها اتفاقية وقعت العام الماضي، وتتضمن تبادل المعلومات وتسليم المطلوبين، لافتاً إلى أن وزارة الداخلية العراقية كانت تهيئ ترتيبات تسلم محافظ كركوك السابق من قبل السلطات اللبنانية، قبل أن تفاجأ بإطلاق سراحه ونقله إلى أربيل.

واعتقلت الشرطة اللبنانية كريم، المطلوب للقضاء العراقي الاتحادي في بغداد، في 21 أيار/مايو الماضي، لوجود مذكرة اعتقال بحقه صادرة من بغداد ومعتمدة لدى الإنتربول الدولي، وذلك بتهمة التحريض على قتل الجنود العراقيين خلال تقدمهم لاستعادة محافظة كركوك نهاية العام 2017، واختلاس أموال من الموازنة العامة للمحافظة، وتهديد وحدة الأراضي العراقية والعمل على تقسيم البلاد، وهي تهم تندرج ضمن جرائم الخيانة العظمى، بالإضافة إلى ارتكابه مخالفات قانونية أخرى، من بينها التمييز القومي ضد العرب والتركمان في كركوك خلال توليه منصب المحافظ في السنوات الماضية حين كانت المدينة تخضع لحكم البشمركة.

وبحسب المسؤول، فإن الحكومة العراقية حاولت تدارك الحرج الشعبي الذي تسببت به الحكومة اللبنانية، طالبةً من المسؤولين الأكراد تسليم المحافظ السابق، لكن هؤلاء رفضوا بشكل قاطع، وأكدوا أنه بالإمكان "نقل أوراق كريم القضائية لمحاكمته في أربيل حصراً".

وأشار المصدر إلى أن المعلومات المتوفرة لدى مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ومن مصادر سياسية داخل بيروت، كانت عبارة عن إجابة بشأن سبب إطلاق بيروت سراح كريم، وهو أن "ضغوطاً أميركية مورست على رئيس الوزراء سعد الحريري من مستويات مختلفة، لإطلاق سراح محافظ كركوك السابق، وأن الحريري رضخ لها".

ولفت المسؤول العراقي إلى أن الجانب اللبناني لم يجب حتى عن استفسار العراق حول سبب إطلاق سراح كريم، وسبب مخالفة بيروت للاتفاقيات الدولية والثنائية المتعلقة بتبادل المعلومات وتسليم المطلوبين، رغم أنه تم التواصل مع اللبنانيين، وترتيب إجراءات تسلم محافظ كركوك السابق منهم رسمياً.

وكان القضاء العراقي قد أصدر أمراً بإلقاء القبض على نجم الديم كريم في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، وتمّ إشعار الشرطة الدولية بالقرار، بحسب بيان لوزارة الداخلية العراقية وجه آنذاك، ووجه القضاء تهماً خطيرة عدة لكريم، بينها التحريض على قتل الجنود العراقيين في كركوك وإثارة العنصرية القومية واختلاس أموال، وتهم التشجيع على تقسيم العراق وتهديد وحدته، والتي يحاسب عليها القانون العراقي ضمن جرائم الخيانة العظمى، التي توجب الإعدام.


وعاد نجم الدين كريم في منتصف شهر حزيران/يونيو الحالي، عبر مطار أربيل قادماً على متن طائرة خاصة من بيروت التي أطلقت سراحه دون علم من بغداد. والتقى كريم عقب عودته برئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني ورئيس "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، مسعود البارزاني.

وأكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مهدي آمرلي، لـ"العربي الجديد"، أن ضغوطاً كثيرة، بينها أميركية، ساهمت في نقل كريم إلى أربيل بدلاً من تسليمه إلى بغداد، مؤكداً سعي السلطات العراقية لاستعادته ومحاكمته وفقاً للدستور العراقي والقوانين النافذة.

وقال آمرلي "لا نزال ننتظر توضيحاً من الإنتربول الدولي أيضاً حول سبب إطلاق سراحه رغم وجود مذكرة اعتقال بحقه".

من جهته، رأى الخبير بالشأن السياسي الكردي، جلال آوه، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن السلطات العراقية الاتحادية غير قادرة على جلب كريم إلى بغداد، لذا قد تقبل بسيناريو محاكمته في أربيل، وهو ما سينتهي إلى تمييع القضية ونسيانها، كمل حصل مع ملفات أخرى في العراق".

ولفت آوه أخيراً إلى أن الوضع الحالي بين بغداد وأربيل "لا يتحمل أي لي ذراع أو تصعيد، لذا فإنه من غير المطروح حالياً حصول أي تصعيد في قضية كريم"، معرباً عن اعتقاده بأن "اللبنانيين كانوا يعون ذلك".