عمر مروان... رجل الاستخبارات في البرلمان المصري

17 فبراير 2017
مروان هو الأمين العام للجان تقصي الحقائق (العربي الجديد)
+ الخط -

المستشار عمر مروان هو رجل الأجهزة الاستخباراتية بامتياز، إذ لم تكن صدفة اختياره في منصب الأمين العام للجان تقصّي الحقائق الثلاث في مصر، ثم أميناً عاماً للجنة الانتخابات النيابية المنقضية، وأخيراً وزيراً لشؤون مجلس النواب بالتعديل الوزاري المحدود، والذي أجراه رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل على حكومته، ومرره البرلمان في جلسته، يوم الثلاثاء، وسط اعتراضات محدودة. وقد عمد المستشار، والذي خلف الوزير السابق مجدي العجاتي، إلى إخفاء تقارير لجان تقصّي الحقائق، ووضعها حبيسة الأدراج، ولم يُطلع الرأي العام على تفاصيلها، بناءً على التعليمات التي تلقاها من الأجهزة الاستخباراتية، والتي أتت به في عهود مختلفة ومتباينة، شملت فترة حكم المجلس العسكري، وجماعة الإخوان المسلمين، وسلطة الانقلاب.

البداية كانت مع اللجنة التي شكّلها رئيس الوزراء الأسبق، أحمد شفيق، بعد ثلاثة أيام من تنحّي الرئيس المخلوع حسني مبارك عن الحكم، واستغرق عملها شهرين، قبل أن تسلّم تقريرها إلى النيابة العامة في 19 أبريل/نيسان 2011، ولم يكن له أثر في مجريات التحقيق، ومن ثم ظهرت أحكام البراءة المتتالية لقتلة المتظاهرين من رجال الشرطة. وبعد أقل من أسبوع من فوز الرئيس محمد مرسي، أصدر قراراً في 6 يوليو/تموز 2012، بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق عن وقائع قتل وإصابة المتظاهرين السلميين، في الفترة من 25 يناير/كانون الثاني 2011 إلى 30 يونيو/حزيران 2012، لترشّح الأجهزة الاستخباراتية، مروان، في منصب أمينها العام أيضاً، على الرغم من أدائه الباهت في اللجنة الأولى.

وعقب إطاحة الجيش بمرسي من سدة الحكم في 3 يوليو 2013، شكّل الرئيس المؤقت (الصوري)، عدلي منصور، لجنة لتقصي حقائق أحداث "30 يونيو"، واستمر عملها لمدة 11 شهراً، قبل أن تسلّم تقريرها السري إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وهو عبارة عن ملخص يُدين أنصار جماعة الإخوان عن المذابح التي ارتُكبت بحقهم من قوات الأمن في أحداث: الحرس الجمهوري، والمنصة، وفض اعتصامي رابعة والنهضة.

هاجم مروان، المنظمات الحقوقية في الخارج، لإدانتها الأوضاع المتردية للمسجونين السياسيين في مصر، وعقد مؤتمراً صحافياً استثنائياً، في يونيو/حزيران 2014، أعلن فيه تفاصيل زيارة أعضاء اللجنة للصحافي للمعتقل عبد الله الشامي، والادعاء بأنه بحالة صحية جيدة، منهياً إضرابه عن الطعام، والإعلان عن عدم وجود خطر على الإطلاق على حياته، وهو ما كذبته أسرة الأخير جملة وتفصيلاً.



كتب مروان تقارير لجان تقصي الحقائق، ولم يُعلنها، وعمل على إدارتها بأسلوب استخباراتي، على اعتبار أنه "كاتم أسرار الدولة العميقة"، والتي تُديرها الأجهزة الأمنية في الخفاء. وهدّد في خطابات رسمية، تحمل توقيعه، الصحافيين المعنيين بتغطية تلك اللجان، مطالباً مؤسساتهم بحذف وتعديل أية أخبار يرى أنها مسيئة لعمل لجانه. وفي 19 يناير/كانون الثاني 2015، أطاحت اللجنة العليا للانتخابات بأمينها العام، متحدثها الرسمي، المستشار مدحت إدريس، لصالح مروان، بدعوى أدائه المتميز كمتحدث سابق للجان تقصي الحقائق المنتهية عملها. واستمر مروان عاماً في منصبه، لم يتواصل خلاله مع وسائل الإعلام، إلا فيما ندر، إذ فرض السرية على جميع أعمال اللجنة، ولم يعقد إلا مؤتمراً صحافياً وحيداً لإعلان النتائج النهائية للفائزين في الانتخابات.

لاحقاً قُتل شقيق مروان الأصغر، القاضي محمد، في استهداف مسلّح لسيارة تقل قُضاة إلى مسكنهم بمدينة العريش، عقب عودتهم من عملهم بمحكمة شمال سيناء، في مايو/أيار 2015. ووقف مروان (الأخ)، ليتلقى عزاءه من كبار المسؤولين في الدولة، وهو الذي توسط لترقية شقيقه الراحل إلى قاض، قبل أشهر قليلة، إذ كان وكيلاً للنائب العام في نيابة الأميرية بالقاهرة.

ومروان سبق أن انتدبه وزير العدل السابق، محمد الجندي، مساعداً له لشؤون الشهر العقاري، في مايو/أيار 2011، وكان يشغل آنذاك منصب عضو المكتب الفني لمحكمة الاستئناف عن الإدارة الجنائية. وواجه انتدابه رفضاً واسعاً من موظفي الشهر العقاري، والأعضاء القانونيين للمصلحة، والذين تظاهروا ضده لفترة طويلة، حتى ترك المنصب في أغسطس/آب 2014.

وشهدت تلك الفترة تحرير توكيلات المرشحين للانتخابات الرئاسية الأخيرة، وظهر انحيازه الواضح خلالها إلى المرشح الرئاسي آنذاك، السيسي، وتسهيل توثيق التوكيلات الخاصة به على مستوى الجمهورية، فيما أظهر تعنتاً شديداً في تحرير التوكيلات المتعلقة بمنافسيه، تحديداً المرشح الخاسر حمدين صباحي.

ولا يمكن إغفال الربط بين اختيار مروان في منصبه الوزاري، وإصدار رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، قراراً، يوم الأحد، بتعيين لواء الجيش السابق، علاء ناجي، في منصب مدير مكتبه، بعد رفضه التجديد للمدير السابق، يسري الشيخ، والذي ظلّ في منصبه لمدة 27 عاماً، في إطار عسكرة المجلس النيابي.

ويملك مدير مكتب رئيس البرلمان صلاحيات واسعة، وأحد الذين يديرون المشهد في الخفاء، إذ يعد حلقة الوصل بين الأجهزة الأمنية (الاستخباراتية)، ورئيس مجلس النواب، وجاءت الإطاحة بالشيخ لصالح لواء آتٍ من المؤسسة العسكرية، لتظهر إحكام نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي سيطرته على المؤسسة التشريعية.