وسارعت على الفور قوى سياسية عراقية وزعماء فصائل مسلحة إلى المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق فورية لمعرفة الجهة التي تقف خلف عملية الاغتيال، فيما علق زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، على عملية الاغتيال بقوله إن الزبيدي "دفع ثمن قوله الحق والتزامه بقرارات المرجعية الدينية بالنجف".
وأصدرت المليشيا بياناً نعت فيه مسؤولها المالي، واصفة الحادث بـ"الغادر"، في إشارة منها إلى استبعاد أن يكون عملاً إرهابياً من قبل تنظيم "داعش".
ووفقاً لمصدر مقرب من "هيئة الحشد الشعبي"، وهو الكيان الإداري المسؤول عن تنظيم عمل الفصائل المنضوية تحت هذا التشكيل، فإن "حادثة اغتيال الزبيدي تحمل جملة من التناقضات، وعلامات الاستفهام التي تحتاج إلى أجوبة شافية، من ضمنها أن المجموعة المسلحة التي اقتحمت منزله قامت بتعذيبه بالضرب على رأسه بأعقاب البنادق، وبسببها توفي، ولم يطلق عليه النار على الإطلاق، ثم إن الزبيدي يمتلك بيتاً فخماً في منطقة الكرادة، وسط العاصمة بغداد، ولابد من وجود كاميرات مراقبة، غير أن الغريب أن القوات العسكرية النظامية لم تهتم لوجودها... ربما أهملتها أو قامت العصابة بحذف ما سجلته الكاميرات بعد اقتحامها".
وأضاف المصدر لـ"العربي الجديد" أن "المتورطين في هذه الحادثة ليسوا من خارج "الحشد الشعبي"، إنما هم عناصر تنتمي لـ"الحشد"، وقد يكون اقتحامهم وإهانة وتعذيب الزبيدي جاء بأمر من قائد بارز، وإلا فلا يمكن لأي عصابة أن تقتحم بيتاً مؤمناً تابعاً لقيادي في "الحشد"، ولا يمكن لأي عصابة إرهابية الاقتراب منه، لأن بيوت القادة غالباً تكون مسلحة ولديها عناصر تحميها"، مبيناً أن "الزبيدي، وبعد أن أسس قياديو "الحشد" تحالف "الفتح" السياسي، هاجمهم لأكثر من مرة، وصار يمارس عليهم ضغوطاً مالية، وذلك لأنه يوالي رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي، وهو نفسه رئيس "ائتلاف دولة القانون" والمشارك في الانتخابات".
يشار إلى أن حزب "الدعوة" العراقي طالب بعد حادثة اغتيال الزبيدي بالكشف عن الجناة "ومن يقف خلفهم".
وقال الحزب، في بيان، إن "الزبيدي كان من الدعاة العاملين الملتزمين بنهج الإسلام القويم"، ما يدل على صحة انتمائه لحزب الدعوة، وفق الحزب.
وتنقسم فصائل "الحشد الشعبي" في تقليدها العقائدي إلى مراجع عدة، فالكثير منها ترجع بأصولها إلى ما يدلي به المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وغالباً يتلقى الموالون لإيران تمويلاً ودعماً سياسياً وعسكرياً من طهران، في حين تتبع فصائل أخرى المرجع علي السيستاني في النجف، الذي لديه ممثلون عنه في أغلب مدن العراق، فيما تذهب فصائل أخرى إلى تقليد المرجع الراحل محمد صادق الصدر، وهو والد زعيم "التيار الصدري"، والذي يملك قوة مسلحة تعد الأكبر في البلاد، تسيطر على مناطق عدة، أبرزها سامراء، وتُعرف باسم "سرايا السلام"، وكذلك المرجع محمد اليعقوبي، ولديه قوة مسلحة تدعى "قوات وعد الله".
وكان أفراد من مليشيات "الحشد الشعبي" خرجوا الأسبوع الماضي في تظاهرة لم تستمر أكثر من ساعة واحدة قبل فضّها من قبل القوات العراقية، وسط العاصمة بغداد، طالبوا من خلالها بصرف مرتباتهم، إلا أن قوات حماية المنطقة الحكومية "الخضراء" فضّت خيامهم واعتقلت ثلاثة منهم لاستجوابهم ومعرفة من يقف وراء التظاهرة.
وسارعت "فرقة العباس" و"سرايا السلام" و"الإمام علي" ومليشيات أخرى إلى التبرؤ من هذا الحراك، في الوقت الذي هاجمت فيه فصائل أخرى من الخط الإيراني تعامل الأمن العراقي مع "المطالبين بحقوقهم" من "الحشد".
من جانبه، قال القيادي في "الحشد الشعبي" والمرشح للانتخابات البرلمانية ضمن "تحالف الفتح"، كريم النوري، لـ"العربي الجديد"، إن "ما حصل لمدير الشؤون المالية يحصل لكل العراقيين. ولا يمكن أن نتهم أحداً بهذا الفعل"، مبيناً أن "الحشد ينتظر نتائج التحقيقات".
واستبعد النوري، في الوقت ذاته، أن تكون تظاهرات مسلحي "الحشد" على علاقة بحادثة اغتيال الزبيدي.
بدروه، رأى المحلل محمد الشريف في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "استهداف بعض قيادات ومسؤولي "الحشد الشعبي" يندرج ضمن الحملة التي تستهدفهم منذ الأيام الأولى لتأسيسه. والتطورات الأخيرة التي قادت إلى اغتيال قيادي بارز تشير إلى تغيير جديد في الآلية والتكتيك في ضرب واستهداف بعض قيادات "الحشد"، خصوصاً تلك التي تتسم بالاعتدال أو قربها من الحكومة لاتهام بقية الأجنحة والأطراف بالوقوف وراء ذلك".
يُذكر أن البرلمان العراقي وافق على إقرار "قانون الحشد الشعبي"، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ويقضي القانون بتحويل "الحشد" إلى هيئة تابعة لرئاسة الوزراء، تمتثل لأوامر العبادي، كذلك مساواتها من حيث التنظيم والمخصصات المالية بباقي الأجهزة الأمنية النظامية في العراق.
والشهر الماضي، أصدر العبادي قراراً ينظّم ذلك، ويساوي مرتبات "الحشد" مع أقرانهم في الجيش العراقي.