ليبيا: تقييم عملية "صوفيا" أوروبياً اليوم

27 ابريل 2017
مهاجرون يصلون إلى إيطاليا من ليبيا (إيفان رومانو/Getty)
+ الخط -

ملفات أمنية كثيرة تتصدر أعمال الاجتماع غير الرسمي لوزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي المجتمعين في العاصمة المالطية فاليتا، اليوم الخميس. فبالإضافة إلى تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية والتحديات الإقليمية الكبرى المتعلقة بكيفية مواجهة الهجرة غير النظامية، سيتطرق الوزراء أيضاً إلى تقييم مجموعة من العمليات التي تشارك فيها قوات أوروبية في البحر الأبيض المتوسط وعلى رأسها عملية "صوفيا" قرابة السواحل الليبية. وسيشارك في الاجتماع كل من الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام، جان بيار لاكروا. وسبق أن طلبت ليبيا من الاتحاد الأوروبي زوارق بخارية ومروحيات، للمساعدة في تسيير دوريات على البحر المتوسط لرصد السفن التي تقل مهاجرين.

في هذا السياق، أفادت الحكومة الألمانية بأن "خفر السواحل الليبي قدم قائمة طلبات، تتضمّن أيضاً سيارات إسعاف ومعدات اتصال ومعدات للرؤية الليلية". ووفقاً لرد الحكومة الألمانية فإن "السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي تنظر حالياً في الطلب". كما ذكرت شبكة "أي آر دي" أمس الأربعاء، أن "ليبيا تريد أن يكون لديها نحو 130 زورقاً مسلحاً".

ويُشكّل الاجتماع فرصة لتقييم الأنشطة الأخيرة التي قامت بها القوات الأوروبية في إطار عملية "صوفيا"، بما في ذلك تدريب أفراد القوات البحرية الليبية وخفر السواحل الليبيين. ويشكل إعلان مالطة بشأن التعامل الأوروبي مع ملف الهجرة، الذي اعتمده رؤساء دبلوماسية الاتحاد الأوروبي في 3 فبراير/ شباط الماضي، تطوراً بارزاً في نهج الاتحاد الأوروبي تجاه الهجرة في البحر الأبيض المتوسط. وينصّ الإعلان على "الحدّ، بشكل كبير، من الهجرة الخطرة، وكسر نموذج الأعمال التجارية للمهربين وإنقاذ الأرواح. وعلى وجه الخصوص الاتفاق بتكثيف العمل والتعاون مع السلطات الليبية". ويعتبر الإعلان أن "الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا أصبحت الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى، وسيبذل الاتحاد الأوروبي قصارى جهده للإسهام في تحقيق هذا الهدف. وتعد قدرات المواجهة وبناء الثقة المفاتيح الرئيسية للسلطات الليبية للحصول على السيطرة على الحدود البرية والبحرية ومكافحة أنشطة المرور عبر البلد والتهريب".

وعقب اعتماد إعلان مالطة، أعدت الرئاسة المالطية للاتحاد الأوروبي خطة التنفيذ وأولوياتها مع تقييم متواصل للتقدم الذي أحرزه جميع أصحاب المصلحة. وبفضل مجموعة واسعة من الإجراءات المالية والدبلوماسية وغيرها، قدمها الاتحاد الأوروبي، فإن عملية صوفيا أصبحت ذا دور هام في تنفيذ هذه الخطة. وستتاح لوزراء الدفاع فرصة مناقشة هذا الدور، فضلاً عن التطورات السياسية والأمنية الأخرى في المنطقة.


وتهدف عملية صوفيا البحرية التي يسهر عليها الاتحاد الأوروبي في البحر الأبيض المتوسط منذ عام 2016 إلى عرقلة الأنشطة الربحية للمتاجرين بالبشر والمهربين الناشطين في المنطقة الجنوبية لوسط البحر المتوسط. وتمكنت العملية من مكافحة الهجرة غير النظامية بالمنطقة المتوسطية وإيقاف 101 متهم بالتهريب والاتجار وتسليمهم إلى السلطات الإيطالية، علاوة على تعطيل وسحب 380 مركباً تستخدمها العصابات الإجرامية، كما مكّنت العملية من إنقاذ حياة 32081 مُهاجراً من بينهم 1888 طفلاً، بحسب بيان للاتحاد الأوروبي.

كما يعد الاجتماع أيضاً أول فرصة لوزراء الدفاع الأوروبيين لتقييم التقدم الحاصل في تنفيذ قرار الاتحاد الأوروبي بتعزيز قدراته الدفاعية. إذ كان وزراء خارجية ودفاع دول الاتحاد قد توصلوا في 6 مارس/آذار الماضي، إلى اتفاق لإقامة مركز لقيادة المهام العسكرية المشتركة للتكتل، في خطوة رمزية تجاه المساعي المتجددة لتعزيز التعاون الأمني والدفاعي. وكان من المرتقب أن يضطلع المركز بمهامه هذا الربيع، على أن يسهر على المهام العسكرية غير التنفيذية التي تشمل مهام التدريب الثلاث الحالية التي يقوم بها الاتحاد في مالي والصومال وجمهورية أفريقيا الوسطى. على أن يشمل المركز في المستقبل أيضاً مهام بناء القدرات والمراقبة ونزع السلاح.

وكانت منسقة الشؤون الأمنية والخارجية الأوروبية، فريديريكا موغيريني، قد اعتبرت، في حينه، أنه "اليوم اتخذنا قرارات مهمة لم يكن يمكن حتى التفكير فيها قبل خمسة أو ستة أشهر. وهذا يبرز أن المسؤولين الأوروبيين قد أدركوا أن الأمن مسألة أولوية بالنسبة للمواطنين الأوروبيين. كما أن الوضع العام في العالم يدفعنا إلى تحمل المسؤوليات، والطريقة التي يمكن بها تحمل هذه المسؤوليات هي عبر الاتحاد الأوروبي".

وقد جاء القرار الأوروبي لمواجهة التحديات الأمنية الجديدة وبمثابة الرد على اتهامات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي هدد بسحب جزء من تمويله للحلف الأطلسي في حال عدم زيادة الدول الأوروبية لميزانيات الدفاع.

وتعتمد الاستراتيجية الشاملة للاتحاد الأوروبي في مجالي الأمن والدفاع على ثلاث ركائز أساسية هي: أهداف وطموحات سياسية جديدة للأوروبيين لتحمل مسؤولية أكبر عن أمنهم ودفاعهم، وتأمين مالي لمساعدة الدول الأعضاء وقطاع الدفاع الأوروبي على تطوير قدرات دفاعية، ومجموعة من الخطوات الملموسة متابعة للإعلان المشترك للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وتشكل هذه العناصر الثلاثة مجتمعة حزمة شاملة لتعزيز أمن الاتحاد الأوروبي ومواطنيه.

ورغم أن اجتماع وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي غير رسمي، إلا أن نتائج مناقشاته ستشكل أرضية عمل للقمة الأوروبية المقبلة، التي ستقف على التطور الحاصل في مجالات الأمن والدفاع ومواجهة الهجرة غير النظامية وتحديد الخطوات والإجراءات المستقبلية.