إدارة ترامب تتراجع وتسير بمشروع روسيا في درعا جنوبي سورية

23 يونيو 2018
التشاور مع موسكو يشمل ملف الجنوب السوري (ميخائيل ميتزيل/Getty)
+ الخط -

في 14 يونيو/حزيران الجاري، أصدرت الخارجية الأميركية، بياناً، حذرت فيه دمشق من مغبة القيام بعمل عسكري في منطقة "خفض التصعيد" في جنوب غرب سورية، وأنذرتها "بعواقب صارمة" إذا خرقت الاتفاق الثلاثي الأميركي الروسي الأردني الذي تم التوصل إليه قبل سنة، لوقف النار في تلك المنطقة.

بعد أسبوع، ولدى سؤالها عن طبيعة هذه الإجراءات، امتنعت الناطقة الرسمية في الخارجية هيذر ناورت، عن تحديد الخطوات التي هدّدت بها الإدارة الأميركية. ورغم الإلحاح تمسّكت بإجابة ضبابية، بحجة أنّه ليس لديها الآن "ما تضيفه من معلومات" في هذا الصدد. إشارة مبطّنة إلى أنّ الإدارة صرفت النظر عن الرد "الصارم" على عملية عسكرية سورية متوقعة.

بين الموقفين، أجرى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، يوم الإثنين في 18 يونيو/حزيران، اتصالاً هاتفياً بنظيره الروسي سيرغي لافروف، ليكشف البيت الأبيض بعد يومين عن عزم الرئيس دونالد ترامب، على عقد قمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في فيينا، على الأرجح، خلال زيارته إلى بروكسل لحضور اجتماع حلف شمال الأطلسي "ناتو"، في يوليو/تموز القادم. وبالفعل غادر مستشار الرئيس جون بولتون، إلى أوروبا، في جولة تنتهي في موسكو لترتيب موعد ومكان القمة.

تزامن التحرّك باتجاه روسيا مع تراجع واشنطن عن تحذير النظام السوري، رغم أنّه يحشد لعملية عسكرية وشيكة في الجنوب، ما يشي بأنّ التشاور مع موسكو يشمل ملف الجنوب السوري، وأن الإدارة قررت العمل مع الكرملين الذي يقوم بترتيب إخراج يتجاوز اتفاق "خفض التصعيد"، ويعيد النظام السوري إلى المنطقة.

تجمع المعلومات على أنّ مثل هذه العودة باتت محسومة، في غياب موقف أميركي مانع يبدو أنّ الإدارة انكفأت عنه، وما إنّ لوحت به حتى سحبته. ولم يكن ذلك مفاجئاً، فالإدارة من البداية مترددة في التصدي بالملف السوري، ومتذبذبة في الموقف.

تحدّثت بأكثر من لسان، وأعطت أكثر من إشارة متضاربة، أثناء التفاوض حول اتفاق "خفض التصعيد" قبل سنة، وأقدمت على وقف الدعم العسكري لقوات المعارضة في الجنوب. ثم قطعت، في مارس/آذار الماضي، العون والمساعدات التي كانت مخصصة لتأمين الخدمات لهذه المنطقة.

وبعد ذلك، لوّح ترامب "بانسحاب قريب" من سورية، في حين كان باقي أركان الإدارة يتحدّث عن سورية بلغة أخرى، فسفيرة واشنطن في الأمم المتحدة نيكي هيلي، لم تتوقف عن لغة التشدد والوعيد.

وكان وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، قد لمّح قبل إقالته، في خطاب خاص حول سورية، عن عزم الإدارة على منع رئيس النظام بشار الأسد، من إعادة بسط سيطرته على كافة أنحاء البلاد، لكن السياسة التي عرضها، وقال إنّ الإدارة قررت اعتمادها، تبخّرت مع إقالته من منصبه.


وكان من الملاحظ أنّه في أكثر الأحيان التي كانت ترتفع فيها نبرة الإدارة الأميركية، باستثناء البيت الأبيض تجاه سورية، كان يتبعها تراجع بعد التواصل مع موسكو التي تتولى وضع تخريجة أو خطة تحظى بقبول واشنطن، أو بسكوتها عنها.

وهذه المرة لا تشذ عن القاعدة، فالسيناريو المتداول يفيد بأنّ الكرملين وضع خريطة طريق لعودة النظام السوري إلى منطقة درعا والقنيطرة، مع "ضمان قبول إسرائيل" التي يقال إنّه لا اعتراض لديها، في حال بقيت القوات الإيرانية والموالية لها، خارج المنطقة".

وفي الاعتقاد أنّ الخطة على وشك الدخول حيز التنفيذ بقيادة المايسترو الروسي القادر على انتزاع موافقة إيران التي ارتبك وضعها بعض الشيء في المنطقة، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي. وثمة من يرى أنّ قرار معركة الحديدة في اليمن، جاء في إطار تداعيات هذا الانسحاب.

إذا صح هذا السيناريو الذي يرجّحه المراقبون، تكون موسكو قد أكدت، مرة أخرى، أنّها اللاعب الرئيسي المقرر في سورية، وبموافقة البيت الأبيض.