التحضيرات لانتخابات البرلمان العراقي التي من المقرر إجراؤها مطلع عام 2018، انطلقت مبكرة من قبل الأحزاب والكتل السياسية والزعامات في البلاد. ومنذ بداية عام 2017 شهدت الساحة العراقية توجّه كبار المسؤولين وعدد من النواب إلى مباحثات ومشاورات مكثفة نتج عن بعضها تشكيل كتل وتحالفات انتخابية بدا بعضها مفاجئاً. فقد تقاربت تيارات إسلامية مع أخرى قومية وأحزاب مدنية مع قوى إسلامية، ما يؤشر إلى تغييرات كبيرة في الخارطة السياسية المقبلة استعداداً لخوض الانتخابات المقبلة.
وبيّن الموسوي أن هذه الخطوة "تأتي في وقت تبدو فيه البلاد بأمسّ الحاجة إلى تكاتف الجهود وتوحيد الرؤى والسعي الجاد لاتخاذ المواقف الوطنية بناءً على الأسس والمصالح العامة بعيداً عن المصالح الفئوية والحزبية الضيقة". وأكد أن "الطرفين اتفقا على ضرورة تسارع الخطى من أجل تصحيح مسار العملية الانتخابية من خلال تغيير أعضاء مفوضية الانتخابات واختيار أعضاء مستقلين يلبّون تطلعات الجماهير وإقرار قانون انتخابي جديد يضمن صوت الناخب ويسهم في إيجاد عملية سياسية تسير وفق إرادة المواطن العراقي". وأوضح أن إيجاد مشروع سياسي مبني على أساس مهني لتصحيح مسار العملية الحالية والسير بالبلاد إلى بر الأمان هو المتفق عليه حالياً بين الجهتين، بحسب تأكيده.
ومن المعروف أن كتلتي الصدر وعلاوي كانتا على خلاف كامل بعد أحداث النجف عام 2004، والتي شهدت اقتتالاً بين الجيش العراقي و"جيش المهدي" بزعامة الصدر، إبان تولّي علاوي رئاسة الوزراء آنذاك. من جانبه، قال القيادي في حزب "ائتلاف الوطنية"، النائب في البرلمان، عبد الكريم عبطان، لـ"العربي الجديد"، إن "اللقاءات التي حدثت مع قادة التيار الصدري كانت ناجحة". وأضاف أن "الدولة المدنية وحكومة المؤسسات والوضع ما بعد داعش ونقاط وملفات نتفق عليها تماماً مع الصدريين". وتابع "ربما بعد عيد الفطر سيبدأ لقاء جديد لوضع النقاط على الحروف ويتم الاتفاق على مسائل أخرى باعتبار التيار الصدري تياراً ذا امتداد عروبي ومقوماته تشبه مقومات القائمة الوطنية ونتفق على كثير من الأمور، لا سيما مغادرة الطائفية، وغيرها من المسائل التي تخدم البلد"، على حد تعبيره.
في المقابل، أكّد محافظ الموصل السابق، القيادي في "اتحاد القوى العراقية"، أثيل النجيفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، وجود توافق وتقارب كبير مع الحزب "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البرزاني، للدخول في قائمة انتخابية واحدة أو التوحد بعد انتهاء الانتخابات داخل قبة البرلمان. وأكد عقد الجانبين سلسلة لقاءات في أربيل حول التحالف الجديد المحتمل.
وينظر مراقبون سياسيون في بغداد إلى هذه التوجهات الجديدة للكتل والأحزاب باعتبارها نقطة تحول في العملية السياسية بالبلاد. وفي هذا الصدد، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، عبد الرحمن حسين، إن التحالفات الجديدة تؤكد وجود خوف حقيقي لدى القيادات العراقية التي ظهرت بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، من فقدان مناصبها بعد 14 عاماً من الاحتلال. وأضاف أن "شعبية الأحزاب ضعفت كثيراً وهناك خوف من دخولهم بنسخة مشابهة ومكررة لانتخابات 2014، وتلك التي جرت عام 2010، لذلك يبحثون عن شكل جديد لتحالفات أخرى ووجوه جديدة"، وفق تعبيره.
ورأى معاون مدير مركز "الدراسات السياسية" ببغداد، الدكتور فراس أحمد، أن "هذه الظاهرة تمثل بداية لتشقق التحالفات القديمة وولادة أخرى جديدة أقل تماسكاً وأكثر هشاشة". وأضاف أن "الصراع الانتخابي هذه المرة سيكون محتدماً بين الأحزاب العراقية"، موضحاً أن "المعطيات التي كشفت عنها المفوضية العليا للانتخابات في الفترة الماضية، تشير إلى تسجيل أكثر من 100 كيان سياسي، منها 56 من الأحزاب القديمة التي شاركت في الاستحقاقات الانتخابية الماضية وقرابة 45 من الأحزاب الجديدة التي تسجل حديثًا"، وفق قوله.