بعد "فضيحة" انتخابات تورينغن... ميركل تدير أزمات حزبها مجدّداً

07 فبراير 2020
الكلمة الفصل للحزب كانت لميركل(Getty)
+ الخط -



يعيش حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، منذ منتصف الأسبوع الحالي، مأزقاً سياسياً على خلفية الدور الحاسم لحزب "البديل" اليميني الشعبوي، وبالتعاون مع "المسيحي الديمقراطي"،  بوصول أحد أعضاء الحزب "الديمقراطي الحر" (الليبرالي)، توماس كمريش، لرئاسة الحكومة في ولاية تورينغن، رغم أنه عاد وتقدم باستقالته، أمس الخميس، تحت ضغط الشارع والأحزاب التقليدية.

كلمة الفصل للحزب "المسيحي الديمقراطي" جاءت من أفريقيا، حيث تقوم الزعيمة السابقة للحزب، المستشارة أنجيلا ميركل، بزيارة لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع دولها، واصفة ما حصل بـ"الخطأ الذي لا يغتفر"، وبأنها أجرت اتصالات مع قيادات "الاشتراكي الديمقراطي" وتم الاتفاق على عقد اجتماع للجنة الائتلاف الحاكم، غداً السبت.

وتناولت الصحافة الأمر من منطلق أن الخرق حصل داخل حزب المستشارة، والحديث عن تواطؤ غير معلن مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، من أجل كسر ائتلاف الاشتراكي واليسار والخضر الحاكم في الولاية.

وبدا واضحاً أن "الليبرالي الحر" و"المسيحي الديمقراطي" تسببا بأضرار لحزبيهما على مستوى البلاد، فيما لا تزال الأحزاب التقليدية تؤيد استقرار المشهد السياسي الحالي، بعد أن ترك ممثلو "الليبرالي" و"المحافظين" لليمين الشعبوي فرصة انتصار، لم يكن يحلم بتحقيقه لولا قصر النظر السياسي عند سياسي الحزبين في الولاية، ما ساعد القيادي في "البديل" بيورن هوكه على أن يصبح الرجل القوي في حزبه.

أمام هذه المستجدات، برزت تساؤلات عن الضعف الذي تعانيه خَليفة ميركل في زعامة الحزب، وزيرة الدفاع أنغريت كرامب كارنباور، وزادت الشكوك حول مستقبلها السياسي مع تراخيها في القيادة وقلة مهارتها في تدوير الزوايا، بعد أن تبين أنها تعيش خلافاً مع رئيس كتلة الحزب في الولاية المذكورة، مايك موهرينغ، منذ الانتخابات الإقليمية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

هذا الأمر ظهر بوضوح بعدما قالت كارنباور إنها طلبت من نواب حزبها في تورينغن عدم التصويت في الاقتراع الثالث لانتخاب كمريش لرئاسة حكومة الولاية، مضيفةً أنّ "الزملاء كانوا لا يريدون أن يسمعوا". هذا الأمر اعتبر بمثابة مفارقة داخل الحزب "المسيحي"، بعد أن تمردت مجموعة برلمانية في إحدى الولايات على قرار القيادة في برلين حول مسألة تنسحب فيها النتائج على مبادئ وخيارات الحزب على مستوى البلاد، ويسود الحديث حالياً عن أهمية استعادة الحزب للثقة المفقودة.

هذه الأحداث طرحت علامات استفهام بشأن مّا إذا كان من الممكن أن تصبح كارنباور مستشارة في المستقبل، لا سيما بعدما ثبت أن سلطتها وقيادتها لا تكفي حتى لترويض كتلة حزب في إحدى الولايات، فيما يتصرف مسؤول الحزب في الولاية ومنذ أشهر على هواه، ما تسبب بـ"إحراج" الحزب "المسيحي الديمقراطي" و"العار" لسمعة ألمانيا على مستوى العالم، بحسب صحيفة "بيلد ".

وكانت كارنباور قد دعت إلى اجتماع لهيئة الرئاسة، اليوم الجمعة، لمناقشة الوضع المستجد والنتائج التي ترتبت عن فعل "الفضيحة" للمجموعة البرلمانية لحزبها في تورينغن، بعد التصويت مع اليمين الشعبوي لصالح مرشح "الليبرالي الحر"، وهذا ما يخالف توصيات المؤتمر الحزبي التي تحظر التعاون مع "البديل من أجل المانيا".

وأمام الانتقادات التي طاولت كارنباور أيضاً من منظمة الشباب في الحزب والجناح الاقتصادي، برز أخيراً خبر تخلي المرشح المنافس لزعامة الحزب فريدريش ميرز عن منصبه في شركة "بلاك روك"، للتفرغ للقيام بالمهام السياسية في الحزب. كل ذلك في وقت تعيش كارنباور أسوأ اختبار لها في السلطة، وربما الأكثر صعوبة منذ انتخابها زعيمة للحزب قبل أقل من عام.

إلى ذلك، ووفقاً لما ذكرته شبكة "إن تي في" الإخبارية، فإن زميل كارنباور، رئيس وزراء ولاية شليسفيغ هولشتاين، دانيال غونتر، اعتبر أنه من الضروري أن يكون هناك مساءلة داخل الحزب حول مسؤولية زعيمة الحزب عن هذه الأزمة، بعد الكلام عن أن أزمة تورينغن تعود لأشهر خلت، وأن الحزب في الولاية ترك لوحده في وضع صعب.

ويدور الحديث أنه بعد استبعاد قيادة الحزب "المسيحي" التعاون مع حزب "اليسار القوي" وتحريم التنسيق مع "البديل" اليميني الشعبوي، ثاني أكبر قوة في الولاية، بات في وضع حرج لا سيما بعد أن مني بنتائج كارثية خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة في الولايات.

وأخيراً، أعطى الحزب فترة سماح لإيجاد مخرج للازمة، قبل التوجه إلى الدعوة لإجراء انتخابات جديدة. ويعود السبب إلى إمكانية خسارة عدد من المقاعد لصالح "البديل" و"اليسار".

في المقابل، أشاد زميل كارنباور في الحزب، رئيس البوندستاغ المخضرم فولفغانغ شويبله بجهودها في ضوء الأزمة السياسية في تورينغن، معتبراً في حديث مع "دي فيلت"، أنه كان من الجيد أن يتخذ "المسيحي الديمقراطي" موقفاً حازماً في هذا الشان ومن دون تردد وبشكل واضح، علماً أن كارنباور، وفي ردها على سؤال للقناة الثانية الألمانية بشأن مّا إذا كان ما حصل في تورينغن انعكس مباشرة عليها كزعيمة للحزب، قالت إن "الأمر لا يتعلق بشخصها إنما بمصداقية الحزب".