ورغم أن المدة الممنوحة لها كانت 4 أشهر فقط، يعزو أعضاء باللجنة، التأخير في تقديم مقترحاتها إلى سببين؛ هما العطلة التشريعية للبرلمان، وجائحة كورونا التي ضربت العراق والعالم، بينما يؤكد نائب رئيس اللجنة يوسف محمد، "وجود توافق على تعديل فقرات مهمة خصوصاً تلك المتعلقة بتقليص عدد أعضاء البرلمان، وآلية اختيار رئيس الوزراء".
ووفقاً لتصريح صحافي لنائب رئيس لجنة التعديلات الدستورية، أمس الثلاثاء، فقد تم التوصل إلى توافق بشأن ورقة مشتركة تحدد عمل اللجنة المتعلق بعدد من الفقرات الدستورية، موضحاً أنّ "الورقة تتضمن فقرتين تتمثل الأولى بإعادة طرح الفقرات المختلف عليها من جديد وفق منظور يتناسب مع متغيرات المرحلة، وتطرح للمناقشة وفق هذه الاعتبارات، وإعداد تقارير عن كل التفاصيل الخاصة بالفقرات وأهم المتغيرات التي طرأت عليها، وعرضها على اللجنة للتوافق عليها".
وتابع محمد أنّ "الفقرة الثانية ستتضمن إعادة دراسة الفقرات التي تم التوافق عليها نظراً لمتطلبات المرحلة واحتمال إضافة بعض الملاحظات التي تصب في الصالح العام"، لافتاً إلى أنّ "اللجنة ناقشت وأنجزت نسبة كبيرة من المواد الدستورية تصل إلى 75%، وتوقفت للظروف الخاصة التي تمر بها البلاد".
وأكد أن الفقرات التي تم التوافق عليها هي؛ تقليص عدد أعضاء البرلمان، وآلية تسمية رئيس الوزراء، فضلاً عن مواد دستورية أخرى، لافتاً إلى وجود مواد دستورية أخرى مختلف عليها مثل طبيعة نظام الحكم في العراق، والفصل بين السلطات.
يشار إلى أن الدستور العراقي جعل عدد أعضاء البرلمان قابلاً للزيادة مع زيادة عدد السكان، إذ فرض وجود نائب عن كل 100 ألف نسمة، ونتيجة لذلك ارتفع عدد أعضاء مجلس النواب من 275 في أول انتخابات أجريت عام 2005، إلى 329 في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في مايو/ أيار 2018.
ولفت عضو باللجنة فضل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، إلى وجود خلافات عميقة وصلت إلى طريق مسدود بشأن بعض الفقرات، خصوصاً تلك المتعلقة بإمكانية انتقال العراق من النظام البرلماني إلى الرئاسي، مؤكداً أنّ هذا المقترح جوبه برفض شديد خشية من العودة بالعراق إلى الدكتاتورية.
وأوضح أنّ خلافات أخرى اندلعت بشأن طبيعة العلاقة بين حكومة المركز، وحكومة الإقليم، وتوزيع الموارد، والمادة 140 من الدستور المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، مبيناً أن ما تم التوصل إليه إلى غاية الآن "هو عبارة عن توافقات لكنها غير مكتوبة، كما أنها لم ترسل إلى رئاسة البرلمان من أجل عرضها على التصويت".
وأوضح عضو اللجنة، أنّ سببين يقفان وراء تأخر أعمالها، هما العطلة التشريعية للبرلمان، وجائحة كورونا التي ضربت العراق والعالم.
وبين أن الحوارات ركزت، خلال الفترة الماضية، على القضايا الخلافية خصوصاً تلك الواردة في المادة 76 المتعلقة بآلية تكليف رئيس الوزراء من قبل الكتلة البرلمانية الكبرى، مؤكداً أن "الجهود تنصب الآن على ضرورة توضيحها وعدم تركها عرضة للتأويل".
وبدأت الخلافات بشأن الكتلة الكبرى عام 2010 حين تحالف "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي (الفائز الثاني في الانتخابات حينها بحصوله على 89 مقعداً) مع قوى أخرى فائزة في الانتخابات لتشكيل كتلة برلمانية كبيرة، تمكنت من انتزاع منصب رئيس الحكومة من "ائتلاف العراقية" بزعامة أياد علاوي الذي تصدر نتائج انتخابات 2010 بحصوله على 91 مقعداً، بذريعة أنّ الكتلة البرلمانية الكبرى هي التي تتشكل في أول جلسة للبرلمان، وليس الفائزة في الانتخابات.
وتجدد الجدل بشأن الكتلة الكبرى بعد استقالة رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وتكليف 3 مرشحين لرئاسة الوزراء هم محمد توفيق علاوي، وعدنان الزرفي، ومصطفى الكاظمي، دون الكشف عن اسم الكتلة الكبرى التي رشحتهم، رغم أنّ المادة 76 من الدستور تشترط وجود كتلة كبرى ترشح رئيس الحكومة.
من جانبه، استبعد أستاذ القانون الدستوري بجامعة بغداد حسين العبيدي، قدرة أعضاء اللجنة الدستورية، الذين هم في الأصل برلمانيون يمثلون كتلاً سياسية، على إجراء "تعديلات جوهرية" تتعلق بطبيعة النظام السياسي، أو حتى بشأن الخلافات بين بغداد وأربيل، مستدركاً في حديث لـ"العربي الجديد": "إلا أن تعديلات تنظيمية قد تحدث، مثل عدد أعضاء مجلس النواب، أو تنظيم عمل الحكومات المحلية في المحافظات".
وبيّن أنّ "المرحلة الأصعب ستكون في الخطوات المقبلة للتعديلات الدستورية التي تتمثل بضرورة حصولها على تصويت ثلثي عدد أعضاء البرلمان، قبل عرضها للاستفتاء الشعبي"، موضحاً أن "اعتراض سكان 3 محافظات على التعديلات سيبطلها، بحسب الدستور".
وتتيح المادة 142 من الدستور العراقي تعديل الدستور بعد تصويت البرلمان على التعديلات بأغلبية الثلثين، وتُعرض بعض هذه التعديلات على الشعب باستفتاء شعبي، وتُعتبر لاغية إذا اعترض عليها سكان 3 محافظات.
ونهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، شكّل البرلمان لجنة لتعديل الدستور، ضمّت 18 من أعضائه، ومنحها فترة 4 أشهر لإنجاز التعديلات المطلوبة، في محاولة لامتصاص غضب المتظاهرين الذين طالبوا بتعديلات جوهرية على الدستور.