جنيف السوري: بدء وصول الوفود اليوم بانتظار المعارضة و14مارس

08 مارس 2016
لم يلتزم النظام بتنفيذ البنود الانسانية (عامر الموهباني/فرانس برس)
+ الخط -
تشير مختلف المعطيات إلى أن سيناريو الأيام الأولى من جولة محادثات جنيف 2 السورية، سيتكرر مع الجولة الجديدة من المحادثات، والتي أكدت الأمم المتحدة أمس الثلاثاء أنها تبدأ اليوم الأربعاء رسمياً لكن أعمالها لن تنطلق عملياً قبل يوم الإثنين المقبل، بانتظار وصول الوفود، وتحديداً وفد المعارضة الذي لم يحسم حتى ساعات مساء أمس قراره بالمشاركة. وهو ما أكده المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات، رياض نعسان آغا، بالقول في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "الهيئة لم تعلن قرارها بعد". من جهتها، أعلنت جيسي شاهين، المتحدثة باسم المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، أن الجولة ستستأنف رسمياً اليوم الأربعاء لكن بعض المشاركين سيصلون إلى جنيف في 12 و13 و14 من شهر مارس/آذار الحالي. والجديد الذي أوضحته شاهين هو أن "المشاركين الذين وجهت لهم الدعوات هم أنفسهم من شاركوا في الجولة الأولى، لذلك الدعوات لم تتغير، ولم نصدر أي دعوات جديدة وحتى الآن الأطراف المعنية المدعوة هي الحكومة والهيئة العليا للتفاوض والأفراد الذين شاركوا في اجتماعات القاهرة وموسكو وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254".

اقرأ أيضاً "الشبكة السورية": النظام ألقى 1286 برميلا متفجرا الشهر الماضي

ولا يتوقع أن تتمخض الجولة الجديدة عن تبدلات "دراماتيكية" في المشهد على الرغم من أنها تعقد في ظل استمرار صمود اتفاق الهدنة الذي بدأ في 27 فبراير/ شباط الماضي.

ويصرّ النظام وحلفاؤه على أن مناقشة أمر "مكافحة الإرهاب" أولوية بالنسبة إليه، رافضاً الخوض في قضايا أخرى، متمسكاً بترحيل الملفات الأساسية، ولا سيما في ما يتعلق بـ"تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات". 

أما المعارضة، فكانت عبر تصريحات العديد من المسؤولين فيها، خلال اليومين الماضيين، حريصة على تأكيد ثوابتها في ما يتعلق بالمحادثات. وقد أكد منسق الهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، أول من أمس (الإثنين) أنه يجب على رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أن يغادر سورية في بداية العملية الانتقالية وأن يمثل أمام العدالة الدولية ويحاسب على ارتكاب جرائم حرب، مؤكداً أن تشكيل هيئة حكم انتقالي يتصدر جدول أعمال محادثات جنيف. في المقابل.

ولا تبدو المعارضة السورية متحمسة للعودة مرة أخرى إلى طاولة التفاوض في مدينة جنيف قبل تحقيق تقدم أكبر في الملف الإنساني كما نص القرار الدولي 2254. كما تطالب المعارضة أن تنخفض خروق الهدنة من قبل النظام وحلفائه إلى الصفر. وكانت الهدنة قد بدأت مع الساعة الأولى من يوم السابع والعشرين من شهر فبراير/شباط الماضي، على أن تستمر لأسبوعين، ما لم يتم التوافق على تمديدها. وكانت روسيا قد ألمحت إلى هذا الأمر بحديث مسؤوليها عن "ضرورة إضفاء طابع مفتوح زمنياً على وقف إطلاق النار"، وهو ما كانت المعارضة قد رفضته.

من جهته، يقول عضو الائتلاف الوطني السوري، نصر الحريري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ما جرى على الأرض لا يبشّر بخير"، في إشارة منه إلى الخروق المتواصلة لقرار وقف إطلاق النار بين قوات النظام وحلفائه من جهة وبين قوات المعارضة السورية من جهة ثانية. ويطالب الحريري المجتمع الدولي "بممارسة دوره المطلوب منه لإلزام النظام ومن يدعمه بتنفيذ بنود القرار الدولي 2254".

بدوره، يفيد مصدر رفيع في الهيئة العليا للمفاوضات بأن "المعارضة في حال قررت التوجه إلى جنيف مرة أخرى فإن النقطة الجوهرية التي تناقشها هي تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، وليس أي ملفات أخرى يحملها وفد النظام في جعبته لتمييع التفاوض وإغراقه بالتفاصيل غير الجوهرية". ويلفت المصدر نفسه إلى أن الأهم من تحديد الموعد هو توفير البيئة المؤاتية للتفاوض، معرباً عن اعتقاده بأنه "لم يعد من مصلحة روسيا التمسك ببشار الأسد بعدما اختبرت فقدان قدرته للسيطرة على الأرض وتشرذم مليشياته على الرغم من توفيرها له الغطاء الجوي". ورداً على سؤال عن استعداد النظام لتقديم تنازلات يشير المصدر إلى أن "النظام مفتقد للسيادة، وأعتقد أن السؤال الأدق: هل ستقدم روسيا التنازلات؟".

ولا تزال موسكو تدفع باتجاه "تطعيم" وفد المعارضة السورية بوجوه وتيارات سياسية تتقاطع مع رؤيتها لجهة إعادة إنتاج النظام سواء بتنحية بشار الأسد أو بقائه على رأس السلطة، لكن المعارضة السورية تصرّ على عدم السماح لأي طرف في فرض إملاءات عليها على هذا الصعيد.

ويلخص الهجوم الذي شنّه زعم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، صالح مسلم، أمس الثلاثاء، على المعارضة واتهامها بوضع العراقيل في مسار محادثات السلام، انعكاساً واضحاً لمدى الغضب الذي يشعر به حلفاء موسكو. واعتبر مسلم في تصريحات لوكالة "رويترز" أن "العرقلة تأتي من معارضات الرياض"، متهماً إياها بأنها "تحاول بشتى الوسائل أن تفشل مسار الحل السياسي"، على حد قوله.

من جهته، يؤكد بسام اسحق، عضو المكتب السياسي في مجلس سورية الديمقراطية "مسد"، أن المجلس لم يتلق "حتى الآن" دعوة لحضور الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف، ويُعدّ "مسد" أبرز حلفاء موسكو في سورية. كما يوصف بأنه "مخلب التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة في قتال تنظيم "داعش" في شمال وشرق سورية. ويتوقع اسحق أن يرفع طرفا التفاوض سقف مطالبهما في الجولة المقبلة، في حال عُقدت كما هو مرسوم لها، مستبعداً أن يتنازل أي طرف للآخر. ويضيف "الأمر صعب، وروسيا لوّحت بالفيدرالية، وأعتقد أن الغرب معها في الطرح"، على حد قوله.

في غضون ذلك، يقول السياسي المعارض أحمد رياض غنام، إن "الموقف الأميركي لم يتبدل لجهة ضرورة إيجاد حل سياسي للحالة السورية، ولكن السؤال الأهم متى يكون هذا الأمر قابلاً للتفعيل؟ ومن هي الأطراف المفترض أن تكون طرفاً بهذا الحل؟ وما هو الشكل النهائي والمخرجات الناظمة له". ويعرب غنام في حديث لـ"العربي الجديد" عن اعتقاده بأن "الطروحات الروسية في ما يخص شكل وطبيعة الحل، والسكوت الأميركي عن هذه الطروحات، يضع وفد المعارضة في حالة صعبة، حيث يتم الحديث عن حكومة وحدة وطنية وبرعاية الأسد".

ووفقاً لغنام فإن الطرح الأخير "ينسف المبادئ والأهداف التي تشكلت من أجلها الهيئة العليا للمفاوضات في الرياض، والتي تنطلق من ثوابت واضحة لا تلتقي لا شكلاً ولا مضموناً مع الطرح الروسي المسكوت عنه أميركياً". ويذكّر بأن "مرجعية الهيئة العليا للمفاوضات تتمثل في مخرجات جنيف 1 وجنيف 2، والتي تتحدث عن مرحلة انتقالية، وهيئة حكم بكامل الصلاحيات التنفيذية، وخروج الأسد من السلطة في بداية المرحلة". ويلفت غنام إلى أنه "أمام هذا الخلاف الكبير في المواقف، يصبح الحديث عن حل سياسي ضمن شروط الأطراف المختلفة أمراً غير قابل للتنفيذ، وهذا يستدعي موقفاً أميركياً وأوروبياً ضاغطاً على الطرف الروسي لكي يحدد موقفه من مرجعية جنيف والقرار رقم 2254".

اقرأ أيضاً مسؤول أميركي سابق:لا مفر من التدخل البري في سورية

المساهمون