"واشنطن بوست": ترامب أول الخاسرين من ربيع عربي جديد

18 مارس 2019
ترامب لم يكبح قمع نظام السيسي (بريندان سمالوفسكي/فرانس برس)
+ الخط -
توقّفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، عند التظاهرات في أكثر من عاصمة عربية، مؤخراً، لافتة بالوقت عينه إلى "القمع الوحشي" للمعارضة بدول أخرى مثل مصر والسعودية، مرجّحة أن يكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أحد الخاسرين من أي موجة جديدة للربيع العربي.

وأوضح جاكسون ديل، في مقال بصفحة الرأي، اليوم الإثنين، أنّ "إدارة ترامب أسست استراتيجيتها للشرق الأوسط بالاستناد إلى الأنظمة الاستبدادية"، مشيراً إلى أنّ "الرئيس الأميركي يراهن على أنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في السعودية، قادران على إرساء استراتيجية إقليمية تهدف إلى مواجهة إيران".

وقال ديل، إنّ "إدارة ترامب تفترض أنّ أنظمة مصر والسعودية توفر الاستقرار. لهذا السبب، لم تبذل الإدارة أي محاولة لكبح قمعها. وبالتالي، إذا كان هناك من ربيع عربي جديد، فسيكون الرئيس ترامب أحد الخاسرين".

ويرى ديل أنّ "الموجة الجديدة من الاضطرابات، تخلص إلى بضعة استنتاجات تتعارض مع الحكمة التقليدية في واشنطن، لا سيما داخل إدارة ترامب".


وينقل في هذا الإطار، عن ميشيل دان مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد "كارنيغي" للدراسات، والتي كانت قد تنبأت بالثورة في مصر، قولها إنّ "استعادة الأنظمة الاستبدادية التي كان من المفترض أن تعيد الاستقرار السياسي إلى الشرق الأوسط العربي، وتفتح الطريق أمام التحديث الاقتصادي قد فشلت".

ولفت الكاتب إلى أنّ "سيسي مصر وبن سلمان السعودية، يتخيلان أنّه بإمكانهما اتباع نموذج الاستبداد الرأسمالي الذي صممته وتشجعه دول مثل الصين وروسيا"، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ "الفساد وتمركز الرأسمالية بيد الدولة والافتقار إلى الكفاءة، كلها عوامل أدت إلى خروج الاستثمارات الأجنبية الملحة".

واستغرب الكاتب كيف يهدر النظامان في مصر والسعودية، عشرات المليارات من الدولارات على مشاريع ضخمة مثل بناء المدن الجديدة، ساخراً من كون أحدث مبادرة تطوير للسيسي تضمنت طلب طلاء جميع المباني المبنية من الطوب في القاهرة، بالألوان.

وفي هذا السياق ينقل الكاتب عن دان قولها، إنّ "العديد من الذين انضموا إلى ثورات 2011 ماتوا أو سجنوا أو أحبطوا. يدرك الكثيرون، بمن فيهم المصريون، أنّ ثمن أي انتفاضة أخرى ستكون مكلفة. إنّهم أقل تفاؤلاً مما كانوا عليه في عام 2011 بشأن النتائج النهائية".

كما ينقل عن ليزلي كامبل المسؤولة المخضرمة في المعهد الوطني الديمقراطي، قولها إنّ "الغضب من الغطرسة، والإفلات من العقاب، ومن النخب السياسية والعسكرية والاقتصادية، والإخفاقات المستمرة لأنظمة الحكم التي تفاقمت بسبب الفساد المستفحل والإنفاق الحكومي الباهظ، تذكرنا بالمزاج المضطرب في عام 2010 وأوائل 2011".


وإلى جانب التوقف عند فشل هذه الأنظمة الاستبدادية، رأى ديل أنّ الاحتجاجات في الجزائر والسودان، لم تؤد بعد إلى سقوط الأنظمة فيها، لكنّه اعتبر أنّها أطلقت شرارة جديدة في المنطقة العربية. ونقل عن دان قولها إنّ "مادة الاشتعال لا تزال جافة في المنطقة، لكن لهب الشرر بدأ يتطاير".

ولفت الكاتب إلى أنّ الاضطرابات تمتد إلى البلدان ذات الأنظمة السياسية الأكثر ليبرالية، مشيراً إلى أنّ تونس؛ الدولة الوحيدة التي خرجت كديمقراطية من الربيع العربي، تعاني هي الأخرى من إضرابات وتظاهرات، بينما عانى العراق من أعمال الشغب، في الصيف الماضي، بسبب النقص في خدمات الكهرباء والماء، في حين أجبرت الاحتجاجات في الضفة الغربية المحتلة، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية (رامي الحمدالله) على الاستقالة.

غير أنّه ينقل هنا عن كامبل، قولها إنّ هذه الدول لديها "مجال للنقاش، وبعض المساحة لحرية التعبير، والمؤسسات السياسية التي، رغم أنها بعيدة عن الكمال، يمكنها استيعاب بعض مطالب التغيير والرد عليها"، مشيرة إلى أنّ هذه الدول "تبدو جيدة بالمقارنة مع مصر والسعودية، حيث الرد الوحيد على الاضطرابات، أو حتى المعارضة السلمية، هو القمع الوحشي".

المساهمون