أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، السبت، انتهاء الجولة الأولى من محادثات لجنة (5+5) في المسار العسكري، والتي كانت قد بدأت أعمالها الإثنين الماضي في مقر منظمة الأمم المتحدة في جنيف، فيما ينتظر أن تنعقد أولى جلسات المسار الاقتصادي اليوم الأحد، في العاصمة المصرية القاهرة، على أمل أن تبدأ جلسات الحوار السياسي في الـ26 من الشهر الجاري، بحسب تصريح سابق للمبعوث الأممي غسان سلامة.
ولم يتوصل ممثلو طرفي الصراع في لجنة (5+5) خلال الجولة الأولى إلى أي اتفاق، لكن سلامة، الذي أعلن أمس انتهاءها، عبر عن شكره للطرفين على قدومهما إلى جنيف، وعلى شروعهما في "البحث الجاد بالمهام الموكلة إليهما"، و"على الروح المهنية العالية والإيجابية التي تميزت بها مباحثاتهما".
وقالت البعثة، في بيان لها إثر الإعلان عن انتهاء الجولة الأولى، إن الطرفين "اتفقا على ضرورة استمرار التفاوض وصولاً لاتفاقية شاملة لوقف إطلاق النار"، بحسب بيان للبعثة الأممية التي اقترحت تاريخ 18 فبراير/ شباط الجاري موعداً لجولة جديدة من التفاوض في جنيف.
ورغم تفاؤل البعثة بوجود "توافق بين الطرفين على أهمية استمرار الهدنة، وعلى أهمية احترامها وتجنب خرقها"، وبدء عملية تبادل الأسرى وإعادة الجثامين، إلا أنها عادت وقالت إنهما "لم يتوصلا إلى تفاهم كامل حول الطرق المُثلى لإعادة الحياة الطبيعية في مناطق الاشتباكات لعودة النازحين إلى منازلهم".
وتساءل المحلل السياسي الليبي عبد الحميد المنصوري: "إذاً إلى ماذا انتهت الجولة الأولى؟ وأين التقدم الذي أحرزته اللجنة كما أعلن سلامة قبل يومين"؟
وبينما يصف المنصوري في حديثه لـ"العربي الجديد" نتائج الجولة الأولى بـ"الفاشلة رغم الغموض الذي لفّ تفاصيلها"، لقي إعلان البعثة جدلا من جهة ممثلي وقادة طرابلس، لقاء صمت مطبق من جانب حلفاء اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الشرق الليبي، علله المنصوري بالقول إن "المسار عسكري، ولا يستطيع أحد من النواب في الشرق التعليق، كونه مرتبطا بحفتر الذي ترك لهم فقط هامشا للحديث في المسار السياسي الذي يسير هو الآخر في ركاب مصالحه".
انتقادات
وقال المستشار السياسي السابق للمجلس الأعلى للدولة، أشرف الشح، إن غسان سلامة "يبيع الوهم في جنيف"، واتهمه، في تغريدة على حسابه في "تويتر"، بأنه "يحاول كسب الوقت لتمرير صفقة النفط مقابل سحب المؤسسات عن طريق حواره الاقتصادي، والتي لن تنجح حتى مع استجابة فايز السراج بقبول المشاركة".
— Ashraf Shah (@AshahAshraf) February 8, 2020
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
أما عضو مجلس الدولة عبد الرحمن الشاطر فقد انتقد صمت مجلسي الدولة والنواب على "الدور التآمري المتقن" الذي يلعبه المبعوث الأممي، بحسب وصفه.
— Abdurrahman Shater (@alshater1939) February 7, 2020 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وقال الشاطر، مغردا على "تويتر": "مشكلتنا ليست في غسان سلامة، الذي يقوم بدوره التآمري بإتقان، مشكلتنا في مجالس الدولة والنواب والرئاسي الذين لم يعترضوا ولو مرة واحدة على مقترحاته وخططه العبثية لتعقيد الأزمة في ليبيا. دائما يلبونها"، مضيفا أن المسار العسكري "لن يكون بوابة لشرعنة العدوان ومنع هزيمته"، وأن "الليبيين لن يقبلوا تكرار حكم العسكر".
وبينما طالب الشاطر مجلسي الدولة والنواب باتخاذ "مواقف متشددة وموازية لغضبة بركان الغضب"، علق على قرب بدء أولى جولات المسار الاقتصادي بالقول إن "سلامة يعلم أن توزيع الثروة يتم عبر دستور وليس لملمة أشخاص".
وتعليقا على هذه الاعتراضات، قال عبد القادر حويلي، عضو المجلس الأعلى للدولة، إن "موقف المجلس واضح منذ عدة أسابيع، والذي بين فيه ضرورة وضوح نتائج المسار العسكري، وأولها وقف واضح لإطلاق النار، وفق شروط المجلس، وعلى رأسها انسحاب القوات المعتدية من مواقعها الحالية".
وقال احويلي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المجلس سينتظر عودة الوفد العسكري لنرى نتائج الحوار، وبعدها سيكون لنا موقف معلن"، معتبرا أن "البعثة لم تعلن عن كل الحقيقة وأخفت أجزاء منها".
وأكد احويلي أن "من سيشاركون في المسار الاقتصادي لا يمثلون المجلس الأعلى ولا حكومة الوفاق، لأنه لم يتم ترشيحهم من قبلهما، بل تمت دعوتهم للقاء بصفاتهم الشخصية، وعليه فنتائج هذا المسار لا تمثلنا".
ويطالب المنصوري بأن تكون تلك المواقف "على قدر المسؤولية، وأن تتجاوز الاحتجاج والاستنكار، فيما البعثة ماضية في الإشراف على المسارات الثلاثة دون الالتفات إلى هذه الأصوات"، موضحا أنه يتوجب وضع عدة مقترحات لـ"ضبط أشغال الحوار في المسارات الثلاثة".
وأولى تلك الخطوات، بحسب المحلل السياسي الليبي، "تشكيل لجان مشاركة مهمتها إدارة الحوار وصياغة النتائج قبل الإعلان عنها. ففي كل اللقاءات السابقة كانت البعثة هي من تقوم بالصياغة وتتصرف فيها، وكانت سببا في إنكار الطرفين لموافقتهما على ما جاء في صياغة تلك الاتفاقات، مثل اتفاق الصخيرات المثير للجدل".
انقلاب حفتر؟
لكن الأكاديمي الليبي خليفة الحداد يرى أن "شركاء قمة برلين الدوليين قرروا منذ البداية سحب البساط من تحت كل من في المشهد، بمن فيهم حفتر نفسه بعد فشله العسكري الذريع"، وقال إن "تقسيم المشكلة وحلها في ثلاث مسارات يعني تشتيت الفرقاء الليبيين الذين باتوا على علم بأن الحل تجاوزهم، وأنهم فقط يشاركون لأنهم يشغلون المشهد حاليا".
واستشهد الحداد بتصريحات النائب الأول لرئيس مجلس النواب فوزي النويري، الذي قال إن البعثة أبلغتهم بأن اللجنة السياسية المشتركة من مجلسي النواب والدولة، والتي ستجتمع في جنيف نهاية الشهر الحالي، ستمتلك صلاحيات البرلمان، مضيفا أن "أحد قادة طرابلس أكد بالقول "لن نترك الساحة قبل إقرار نتائج عسكرية واضحة، منها انسحاب حفتر"، ما يفهمه الحداد بأنهم "يعلمون بأنهم في طريق الخروج من المشهد قريبا".
وعن مستقبل حفتر، يرى الحداد أن الطريقة التي ترى بها البعثة الأممية محادثات اللجنة العسكرية ستتضح قريبا، وأن "المرجح أن يعلن في مرحلة قادمة عن تولي تلك اللجنة قيادة المؤسسة العسكرية"، موضحا أن "حفتر الذي يستقبل شحنات كبيرة من الأسلحة بشكل غير مسبوق يعلم بهذه الحقيقة، وأنه يعدّ لحرب انقلاب جديدة على الجهود الدولية، كما انقلب سابقا قبل انعقاد ملتقى غدامس بأيام".
ولم يعلق أي من أعضاء مجلس النواب المجتمع بطبرق على بيان البعثة الأممية بشأن انتهاء الجولة الأولى من محادثات اللجنة العسكرية، لكن شعورا دوليا فيما يبدو يتوجس من دور انقلابي مرتقب لحفتر.
تحذير أميركي
وفي السياق، حذر السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، مساء أمس السبت، من تجدد الأعمال العسكرية في ليبيا.
وأوضح السفير، في بيان له، أن سفارته "تلاحظ بقلق التقارير الموثوقة التي تفيد بأن هناك عمليات عسكرية كبيرة يتم الإعداد لها من قبل القوات التابعة لكل من الجيش الوطني ( قوات حفتر) وحكومة الوفاق، في المستقبل القريب".
واعتبر السفير أن تلك الأعمال "سواء كانت ردة فعل أو استباقية بطبيعتها، فإن مثل هذه الأعمال تنتهك التفاهمات التي تم التوصل إليها في برلين"، مطالبا الأطراف بـ"مضاعفة الدعم للحوار الأمني الذي تيسره الأمم المتحدة، والذي يجتمع في جنيف في محاولة للاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار".