جدل بين باحثين مصريين وإثيوبيين حول سد النهضة

27 نوفمبر 2018
خلال المؤتمر (فيسبوك)
+ الخط -
طالب باحثون مصريون وأفارقة بضرورة استثمار الموارد الأفريقية في القارة السمراء مع عدم تلويث مياه القارة، خاصة في الأنهار المشتركة.

وأكد المشاركون في ندوة "أفريقيا: الإنسان والمكان والتحديات"، التي نظمها معهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، مساء الثلاثاء، على ضرورة وجود اتفاقية مائية تضمن عدم تكرار ما حدث بين مصر وإثيوبيا من مشاكل مؤخراً بسبب أزمة سد النهضة.

وقال مدير مركز الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، خلال الندوة، إن الأنهار المشتركة بين دول حوض النيل بشكل خاص وبين الدول الأفريقية بشكل عام، هي من أهم أسباب المشاكل بين دول القارة.

وأضاف أنه: "لا بد من التعاون المعلوماتي بين دول حوض النيل، وكذلك يجب أن يسود مبدأ الاستخدام العادل والمنصف لمياه النيل، كما لا بد من أن يسود مبدأ التعاون والإخطار المسبق عند إقامة أي مشروعات مائية"، لافتاً إلى أن هناك 15 اتفاقية بين دول الحوض، منها 4 اتفاقيات بين مصر وإثيوبيا، وهي اتفاقيات 1891 و1902، و1906، و1993، وأن مصر تستخدم الحصة المائية 55.5 مليار متر مكعب منذ كان عدد السكان 10 ملايين نسمة، والآن تعدى عدد السكان 100 مليون نسمة، وما زالت تستخدم الحصة نفسها".

وأكد شراقي أنه "لا يجوز لدول المنابع أن تلوث مياه النيل، مما يؤدي لإيذاء دول المصب"، مشيراً إلى أن مصر فيها 66 مصرفاً يصب في نهر النيل ويلوثه وهو ما يؤدي إلى نفوق الأسماك، وهي الظاهرة التي تظهر بين الحين والآخر".

وكشف شراقي عن أن "إثيوبيا استغلت ظروف ثورة يناير وقامت ببناء سد النهضة ولم تحترم الأعراف والقوانين الدولية قبل البدء في بناء سد النهضة، وتجاوز بناء السد حاليًا 60% دون الالتزام بالعرف الدولي، فبناء السدود مثل الإخطار المسبق لدول المصب قبل بناء السد"، مضيفًا أن "إثيوبيا ستخصم 24 مليار متر مكعب مرة واحدة من حصة مصر المائية عند البدء في تشغيل السد، وهو ما ترفضه مصر، إذ ترغب إثيوبيا في خصم هذه الكمية خلال عام واحد، بينما تريد مصر مد الفترة إلى أكثر من 4 سنوات حتى لا تؤثر عليها، إذ تقترب هذه الكمية التي ترغب إثيوبيا في خصمها من نصف حصة مصر المائية".



ولفت الخبير المائي إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي السابق، مليس زيناوي، الذي اتخذ قراراً ببناء السد ووضع حجر الأساس له، كان يبحث عن زعامة شعبية، لذلك قام برفع سعة السد من 11 مليار متر مكعب إلى 74 مليار متر مكعب، قائلاً إن "مصر ليست دولة صغيرة حتى تتلاعب بها أي دولة"، مشيراً إلى أن "إثيوبيا لديها مخطط لبناء 29 سداً آخر بخلاف سد النهضة، ولا بد لإثيوبيا من أن تنسق مع مصر عند بناء هذه السدود".

حديث شراقي عن رغبة رئيس الوزراء الإثيوبي مليس زيناوي في الزعامة والشهرة أثناء اتخاذه قراراً برفع السعة التخزينية لسد النهضة، أثار بعض الباحثين الإثيوبيين الذين شاركوا في الجلسة، إذ قال بيارالاط بيار، وهو باحث إثيوبي في الشؤون الأفريقية، إن "الطاقة هي مصدر الحياة، وإثيوبيا ترغب في بناء السد من أجل الطاقة، وليس لدينا بديل آخر، والسد لم يبن بحثًا عن الشهرة".

وهو ما رد عليه شراقي بأن السد "تم بناؤه لأغراض سياسية بالدرجة الأولى"، لافتاً إلى أن "سدًا بقيمة 8 مليارات دولار يستخدم فقط لتوليد الكهرباء هو سد غير اقتصادي بالمرة، وسيكتشف الشعب الإثيوبي ذلك عندما لا يجد استفادة اقتصادية عادت عليه من بناء السد، خاصة أن الكهرباء سيتم تصديرها للخارج، ويعاني 70% من الشعب الإثيوبي من عدم وجود كهرباء، كما أن السد ليست له دراسة علمية حتى الآن".

ويثير سد النهضة قلق مصر، التي تخشى أن يؤدي تنفيذه إلى تقليص حصتها من مياه النيل، التي تحتاج إليها بشدة في الشرب والري والصناعة، فيما تقول أديس أبابا إن السد لن يكون له تأثير قوي على مصر.

وكانت بداية سلسلة المفاوضات بين البلدين في سبتمبر/ أيلول في عام 2011، حين اتفق عصام شرف، أول رئيس وزراء بعد ثورة 25 يناير 2011، مع نظيره الإثيوبي ميلس زيناوي، على تشكيل لجنة دولية تدرس آثار بناء السد الإثيوبي، التي تشكّلت من 10 خبراء مصريين وإثيوبيين وسودانيين و4 خبراء دوليين محايدين.