حمام دم في شرق الفرات... وتعزيز للحضور العسكري الأميركي

26 نوفمبر 2018
مقاتل من "قسد" خلال تأبين رفيق له(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -



تواصلت المعارك الطاحنة في الشرق السوري، عند أطراف هجين والقرى المحيطة بها، والخاضعة لسيطرة "داعش"، بريف دير الزور الجنوبي الشرقي، فقد خلفت معارك الأيام الثلاثة الماضية عشرات القتلى في صفوف "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، ومثلهم من مُسلحي "داعش"، وذلك في هجماتٍ اعتُبرت الأشرس للتنظيم، الذي يحاول الدفاع عن آخر معاقله شرقي نهر الفرات.

وتأتي هذه المعارك التي تقودها قوات التحالف الدولي جنوبي مناطق شرق الفرات، في وقتٍ قد تدفع التحركات العسكرية الأميركية في شرق سورية العلاقات مع أنقرة إلى التوتر مُجدداً، إذ تعمل القوات الأميركية هناك على بناء "نقاط مراقبة" في مدينتي تل أبيض وعين العرب (كوباني)، الخاضعتين لـ"قسد"، قرب الحدود مع تركيا، مع تقارير تحدثت عن عزم واشنطن على تدريب ثلاثين ألف مقاتل جديد لـ"قسد"، التي تلقت الأحد الماضي، شحنة مساعداتٍ أميركية إضافية.

واستغل تنظيم "داعش" سوء الأحوال الجوية في مناطق جنوب دير الزور، التي تعرضت مُجدداً لعاصفة غبارية أعاقت طلعات طائرات التحالف الدولي وتحركات قوات "قسد" على الأرض، فشن التنظيم في الأيام الثلاثة الماضية، هجمات عدة ضد قوات "قسد"، وُصفت بأنها الأشرس من نوعها منذ إعلان "قسد" انطلاق معارك هجين في العاشر من أيلول/ سبتمبر الماضي.

وتقاطعت مختلف المصادر الميدانية في دير الزور، على القول إن "المئات من مُسلحي داعش نفّذوا عمليات هجومية خاطفة، فالتفوا من محاور عدة في هجين ومحيطها على جبهات المواجهة مع قسد، وقطعوا كيلومترات عدة في الصحراء، لمهاجمة عمق وخطوط إمداد القوات المهاجمة، التي مُنيت بخسائر بشرية كبيرة".

ورغم أن قوات "قسد" التي تصدعت صفوف قواتها المهاجمة لهجين والقرى المحيطة بها، استردت لاحقاً قرية البحرة التي تضم معسكراً لها، وعدداً من النقاط الأخرى التي خسرتها، إلا أنها مُنيت بخسائر بشرية كبيرة، تجاوزت الـ90 قتيلاً، في أكبر حصيلة خسائر لهذه القوات في معاركها ضد "داعش"، منذ أشهر.

وقال المتحدث باسم قوات التحالف الدولي لوكالة "رويترز"، إن "قوات سورية الديمقراطية استعادت الكثير من الأراضي التي فقدتها في اليوم السابق"، مُقراً بأن "المعارك الأخيرة أوقعت خسائر بشرية" من دون أن يحددها. واكتفى بالإشارة إلى أنه "وقعت خسائر بشرية من الطرفين". وأضاف أن "قوات الأمن العراقية تقوم بتأمين الحدود من جانبها، حتى تمنع تسرب مُسلحي داعش نحو أراضيها". وفي هذا الصدد، أفادت وزارة الدفاع العراقية، يوم الأحد الماضي، بأن "قواتها شاركت مع قوات فرنسية وأميركية بقصف معاقل داعش شرقي سورية".



وذكرت الوزارة، في بيانٍ لها، أنه "ضمن عمليات الإنذار الأخير، قصفت المدفعية العراقية مع قوات التحالف الفرنسية والأميركية، أوكار عصابات داعش الإرهابية في معسكر السهم على الحدود العراقية السورية"، مشيرة إلى أن "الضربات جاءت لمنع عناصر داعش من التسلل عبر الحدود المؤمنة بالكامل من قبل قواتنا إلى الأراضي العراقية".

بدوره، وثّق "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أنه قد "ارتفع إلى ما لا يقل عن 92، تعداد مقاتلي قوات سورية الديمقراطية الذين قضوا في هجمات التنظيم منذ 23 نوفمبر/ تشرين الثاني"، مشيراً إلى أن "تنظيم داعش فقد عشراتٍ من مُسلحيه في هذه الهجمات، إذ قُتل 61 على الأقل من عناصره".

وأشار المرصد إلى أن "حصيلة الضحايا المدنيين في الأيام الأخيرة، جراء المعارك العنيفة وغارات التحالف (التي توقفت فقط مع العاصفة الغبارية) على المناطق الخاضعة لداعش جنوب شرقي دير الزور، وصلت إلى 51 مواطناً، بينهم 19 طفلاً، فضلاً عن وقوع جرحى من المدنيين وتدمير ممتلكات مواطنين وأملاك عامة وخاصة وبنى تحتية، في القصف المكثف الذي طاول المنطقة ونتيجة تفجير المفخخات والاستهدافات المتبادلة".

وكشفت مصادر عسكرية سورية في قاعدة التنف، قرب الحدود مع العراق، لـ"العربي الجديد"، أمس الاثنين، عن وصول تعزيزاتٍ عسكرية أميركية جديدة، تضم عسكريين ومدرعات عسكرية، إلى القاعدة الأميركية في التنف، التي تعتبر مركز قيادة منطقة الـ55، وهي منطقة تسيطر عليها القوات الأميركية ومجموعات عسكرية سورية تتبع للجيش السوري الحر، وتقع قريباً من مناطق نفوذ مليشيات إيرانية أقصى شرق ريفي دمشق الشرقي وحمص الجنوبي الشرقي. كما كشفت تقارير إعلامية أن القوات الأميركية تعتزم بدء تدريب نحو 30 ألف مقاتلٍ جديد لـ"قسد"، مع وصول شحنة أسلحة أميركية جديدة للأخيرة إلى الحسكة، شمال شرقي سورية، قادمة من معبر سيمالكا الحدودي بين سورية وإقليم كردستان العراق.

وكان إعلان التحالف الدولي، في يناير/ كانون الثاني الماضي، عن عزمه على تدريب 30 ألف مقاتل من "قسد" ليكونوا "قوة أمنية حدودية سورية جديدة"، قد أدى لرد فعلٍ تركي غاضب، حيث عبرت تركيا عن استيائها من الخطوة الأميركية.

وتعهد حينها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأن بلاده "ستبدد الجيش" وتقضي على القوة الحدودية التي أعلنت عنها واشنطن في سورية، إذ تعتبر أنقرة تقديم الولايات المتحدة مزيداً من الدعم والتدريب والتمويل لـ"قسد"، بمثابة تهديد لأمنها القومي.

وفي وقت قد تشعل الخطوة الأميركية أزمة توتر جديدة مع أنقرة، فإن وزارة الدفاع التركية عبرت أيضاً، منذ يومين، عن استيائها من خطوة أميركية أخرى تتمثل بإنشاء 5 نقاط مراقبة للجيش الأميركي في شمال شرقي سورية، قرب الحدود التركية، وتحديداً في مدينة تل أبيض، شمالي الرقة، وعين العرب (كوباني)، شرقي حلب.

وقال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إن "إنشاء نقاط المراقبة هذه سيزيد من تعقيد الوضع في المنطقة"، مشيراً إلى أن بلاده "أبلغت المسؤولين الأميركيين، مرات عدة، مدى انزعاجها من إنشاء الجيش الأميركي لنقاط مراقبة له في شمالي سورية".