بريطانيا تنشئ وحدة دعاية سرية لمنع الالتحاق بـ"داعش"

03 مايو 2016
الكشف عن الدعاية السرّية للحكومة البريطانية "Getty"
+ الخط -
أنشأت وزارة الداخلية البريطانية وحدة سريّة تعرف باسم "وحدة البحوث والمعلومات والاتصالات"، لنشر رسائل مضادة للدعاية التي يقوم بها، تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، على شبكة الإنترنت، محاولاً حثّ المزيد من المسلمين على الانضمام إليه.

وأطلقت الحكومة البريطانية سلسلة من حملات الدعاية السرّية، الهادفة إلى تبديل سلوكيات ومواقف الشباب المسلم البريطاني، كجزء من برنامج مكافحة التطرّف.

بيد أنّ الأساليب التي اتّبعتها الوحدة السريّة، بإخفاء دور الحكومة في معظم الأوقات، أثارت انتقادات، قالت إنّها تهدّد بتنفير العالم من المسلمين. ومن المتوقّع أن يثير الكشف عنها، غضب الكثير من المسلمين وأن تقوّض الثقة في برنامج مكافحة التطرّف، الذي يواجه انتقادات على نطاق واسع.

اللافت أنّ "وحدة المعلومات والاتّصالات"، أثناء محاولتها الترويج سرّاً لوقف انضمام المسلمين إلى "داعش"، تستّرت في إحدى المرّات تحت غطاء حملة تقدّم نصائح حول كيفية جمع الأموال للاجئين السوريين، وقابلت آلاف الطلّاب في المعارض وتحاورت معهم، من دون أن يدركوا أنّهم كانوا يتعاملون مع برنامج تابع للحكومة. كما وزّعت منشورات على 760 ألف منزل لا علم لسكّانه بأنّها منشورات حكومية.

وتجدر الإشارة، إلى أنّ الحكومة أنفقت بضعة ملايين من الجنيهات الإسترلينية، على الوحدة التي اعتمدت في معظم عملها على شركة اتّصالات لندن المعروفة باسم "Breakthrough Media Campain"، (حملة اختراق الإعلام) ، وأنتجت عشرات المواقع الإلكترونية، والمنشورات والفيديوهات والأفلام وصفحات على الفيسبوك ودعايات على تويتر، تحمل عناوين مثل "حقيقة "داعش (أيزيس) والمساعدة لسورية".

شكّلت "Breaktrough" جزءاً من عمل الوحدة السريّة، ونظّمت العديد من الفعاليّات في المدارس والجامعات وعملت بشكل وثيق مع عدد من المنظّمات الإسلامية، لنشر رسائل والقيام بحملات ضدّ التطرّف. كما ساعدت في إقامة علاقات عامّة تروّج العمل بين الصحافيين والمنظّمات الإسلامية.

وفي وقت ادّعت فيه بعض الجماعات التي تعاملت مع الوحدة، أنّها استطاعت إيصال رسائلها الخاصّة إلى جمهور أوسع، وأنّها تسيطر على السلطة التحريرية في ما يتعلّق بمكافحة تطرّف الاتّصالات، أكّدت وثائق تابعة للوحدة و "Breakthrough"، اطّلعت عليها صحيفة "ذا غارديان" أنّ الوحدة هي التي تتحكّم بالتحرير وهي التي تصدر الموافقة النهائية على ما ينشر.


والجدير بالذكر، أنّ تلك الرسائل استهدفت "منع الجماهير"، الذين حصرتهم الوحدة، بالمسلمين البريطانيين وخاصّة الذكور منهم، الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 15 و الـ 39 من الانضمام إلى داعش.

من جانبها، دعمت وزارة الداخلية عمل الوحدة ودافعت عنه. إذ اعترف أحد المسؤولين الكبار من الذين شاركوا في الحملات الدعائية، أنّ جلّ عملهم يكمن في منع الناس من التحوّل إلى انتحاريين. كما أكّدت لجنة المخابرات والأمن في ويستمنستر، التي تشرف على الوحدة، أنّ عملها يشكّل عنصراً هامّا في استراتيجية المنع.

ومن جهة أخرى، يدعم عدد من وزراء الحكومة السابقين، الذين رفضوا الكشف عن هويّتهم، عمل الوحدة، ويعتبرونه عنصراً أساسياً في جهود الحكومة لمواجهة دعاية داعش.

في المقابل، قال عمران خان، محامي حقوق الإنسان، إنّه لو أرادت الحكومة أن يستمع مواطنوها المسلمون إليها، عليها أن تكون محلّ ثقة ولكي يثقوا بها ينبغي أن تكون صادقة، وما يجري هنا ليس صادقاً بل خدعة. وأضاف خان أنّ على الحكومة أن تتوقّف عن النظر إلى الشباب المسلم البريطاني على أنّه نوع من الطابور الخامس.

وعلى ما يبدو، إنّ محاولات شركة الاتصالات "Breakthrough"، اليائسة في إخفاء تورّط الوحدة السريّة في عملها فشلت، حين طلبت من عدد من موظفّيها الجدد التوقيع على بند ينصّ على الامتناع عن الكشف عن المعلومات، وعرضت محو أقراص الحاسوب الصلبة، بعد تسليم العمل إلى وزارة الداخلية واستخدام هواتف نقّالة يمكن تعطيلها في حال سُرقت أو ضاعت.

وبعد أن اطلّعت "ذا غارديان" على وثائق مهمّة، قالت الشركة، إنّ الكشف عن دور الحكومة وتوّرطها سيكون له أثر سلبي على سمعة وزارة الداخلية والوحدة السرّية وبرنامج المنع.

أمّا إحدى المهام الرئيسية للوحدة، فهي مراقبة المحادثات على الإنترنت، في المجتمعات التي تصفها بالضعيفة. وتحدّد الحكومة البريطانية استراتيجية الاتّصالات تلك، بأنّها الاستخدام المنظّم والمنسّق لجميع وسائل الاتّصال لتحقيق أهداف الأمن الوطني في المملكة المتحدة من خلال التأثير على مواقف وسلوكيات الأفراد والجماعات.

وفي ظلّ جهل الجمهور لاستراتيجية عمليّات الاتّصالات، قامت الحكومة بنشر عدد من الإعلانات العامّة حول كيفية استثمارها في تلك الحملات. ففي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، في مؤتمر للقادة في الأمم المتحدة في نيويورك، أنّ حكومته سوف تنفق 10 ملايين جنيه على "استراتيجية خليّة الاتّصالات"، وصرّح بأنّها "حرب دعائية" ضد داعش.

وبدورها، أصدرت وزارة الداخلية بياناً قالت فيه إنّها تعمل مع المجتمعات المحليّة ومنظّمات المجتمع المدني والأفراد لمكافحة، "الروايات الملتوية" للإرهابيين والمتطرّفين.

فضلاً عن ذلك، تعتقد "ذا غارديان" أنّ وزارة الداخلية ووزارة الخارجية على وشك الشروع في برنامج واسع من مبادرات استراتيجيات الاتّصالات.

المساهمون