العرب ينتظرون أبحاث الغرب

20 مارس 2020
تعمل المختبرات الأوروبية على إيجاد لقاح لكورونا(Getty)
+ الخط -

رغم أن منظومة الاتحاد الأوروبي ستعاني مستقبلاً من تبعات فيروس كورونا، خصوصاً لجهة مستقبل عضوية إيطاليا فيه، بتقدّم اليمين الشعبوي في الاستطلاعات، كما في دول أخرى، إلا أن ذلك لا ينفي أن دول القارة استغلت، وطنياً، ما استثمرت فيه لعقود، اقتصادياً واجتماعياً وصحياً وبحوثاً علمية. وعلى الرغم من مخاوف استغلال الوباء لفرض أنظمة بوليسية، إلا أن الدساتير راسخة، لا يمكن مسح محتواها بسهولة، كذلك تظل السلطة الرابعة تمارس دورها الرقابي، بكثير من الشفافية، وإن بدا بعضها، نتيجة الوباء، متحدثاً بلسان الحكومات. ليس في الأمثلة التالية إعجاب وافتتان بأوروبا، بل مقاربة لا بد منها. فكم مرة اجتمع وزراء القارة الأوروبية، من مختلف المستويات، مقارنة باجتماعات عربية مشتركة، بعيداً عن وزراء الداخلية؟ رغم أن العرب تجمعهم مؤسسة "الجامعة العربية" التي تأسست في 22 مارس/آذار 1945، قبل أكثر من عقد على تأسيس السوق الأوروبية المشتركة (رسمياً في 25 مارس 1957)، يصبح سؤال الشارع المتكرر محقاً عن فوائد استمرارها، مع غيابها الدائم.

وإذا كان الأوروبيون الذين خاضوا حربين عالميتين، ولا يجمعهم ما يجمع العالم العربي، تاريخاً ولغةً وثقافةً وديناً، يتسابقون بحثاً عن لقاح لكورونا، وتعمل اليوم مصانعهم الطبية بأقصى ما يمكن للوصول إلى علاج، ويمنع تصديره إلى خارج أوروبا، فللناس أن تسأل: أليس هذا الفيروس فضيحة عربية، تكشف ما تحت سطح الثراء المالي، المُبدد في مغامرات وأهداف وضيعة، لا في البحوث العلمية؟ أسئلة التجربتين تجاه جائحة عالمية ليست بعيدة عن السياسة. فلا يكفي هنا استجلاب خطاب "كنا في الأندلس"، حين كانت باريس ومدن الجرمانيين والفايكينغ تغرق في ظلام وتخلّف، للدلالة على شيء.

إلى جانب "نظرية المؤامرة"، وقد رُوجت أيضاً في روسيا والصين وإيران، في نظرة متفحصة على تغطية الشاشات ووسائل التواصل العربية للوباء، تُصدَم للخبث واللؤم ولعنصرية أحقر من مثيلاتها الشعبوية في الغرب. وبالتأكيد، لا ينبع ذلك من "حرية تعبير"، بل مما لدى نخب الحكم، وتوابعها هنا وهناك. ليس ذلك فحسب، ففي سياسة بعض الأنظمة، ترى بالأصل في شعوبها زوائد ضارة، لم يتردد "العلماء والخبراء" برفع القبضات على الشاشات استغباءً للمواطنين، وتحدياً للعلم والأوبئة "بفضل عقل القيادة الفذة الحكيمة والملهمة". يجري هذا صريحاً في دمشق والقاهرة، وغيرهما، كما حدث في طهران، بعد جرعة كبيرة وسخيفة من التشفي والإنكار. إذاً، ليس غريباً أن يكون حال العرب مع كورونا، في ظل أنظمة تصرّ على سحق شعوبها وتحويل أوطانها إلى معتقلات، هو حال بائس لا يشبه حال "خير أمة أُخرِجت للناس".

المساهمون